الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

في الذكرى الـ 75 للنكبة..

القرى المهجّرة تحيا في أسماء جمعيات ومراكز ترسّخ حق العودة

حجم الخط
تقرير النكبة
نابلس/ عمّان- نواف العامر- وكالة سند للأنباء

دُمِّرت بيوتها وهجّر سكانها، إلّا أن أسماءها لا تزال حيّة تنبض في أرجاء الوطن والشتات، تقاوم النسيان، وتبعث الأمل في نفوس من هُجّروا منها، بأن العودة حق كالشمس لا محالة، وأنّ ذكرى النكبة والتهجير لن تكون الحقيقة والواقع الثابت مطلقًا.

يمضي عدّاد السنوات ليصل للعام الـ 75 على ذكرى نكبة شعب، قُدّر له أن يعيش شتى صنوف العذاب تحت الاحتلال الإسرائيلي، لكنه يصر على حقه بالعودة لقراه ومدنه التي هُجِّر منها، ولا يزال يستذكر ويحيي ذكرى بلاده في تفاصيل حياته، فأطلق أسماء القرى المدمرة على عشرات الجمعيات في الداخل والشتات، لتبقى حيّة في قلوبهم.

ويحيي الفلسطينيون رسميًا وفصائليًا وشعبيًا اليوم الاثنين الذكرى الـ75 للنكبة، بمجموعة من النشاطات والفعاليات في مختلف أماكن تواجد الفلسطينيين في أرجاء العالم.

"الحفاظ المعرفي"..

بتفاصيل لا تمحى من ذاكرته، يحدثنا النائب أحمد الحج علي (85 عاما)، عن بلده التي هُجّر منها طفلًا، ليحط رحاله مع عائلته في مخيم العين في نابلس، على أمل العودة.

ولتبقى "قيسارية" حيّة لدى الأجيال المتعاقبة، شارك "الحج علي" بتأسيس جمعية أبناء قيسارية ومرج ابن عامر في مخيمه.

"الحج علي"، صاحب الحضور الكبير في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج، يقول إن تأسيس الجمعية يهدف للحفاظ المعرفي على البلد الذي جاء منها، وعدم نسيان الوطن الأم .

ويضيف لـ "وكالة سند للأنباء": "نؤرشف لكل أشكال الحياة قبل النكبة، ووجعها الذي لا يمكن نسيانه، ونعوّل على ذاكرة الأجيال الحيّة، بينما تنتشر الجمعيات التي تحمل اسم البلد الأم، لتؤكد على أن العودة حق يأبى النسيان، والنكبة جرح غائر شفاؤه العودة".

ويضرب "الحج علي" مثالا حيا على عدم النسيان بالعبارة التي كان يرددها الشهيد القيادي جمال منصور: "أنا من سلمة يافا، ولدت في مخيم بلاطة محطة العودة، وأسكن في مدينة نابلس، وأتمثل بالجغرافيا الوطنية العامة التي تعطي الوطن حدوده من النهر للبحر ".

وفي قلب مدينة طولكرم شمال الضفة، نبتت "جمعية قاقون الخيرية"، نسبة لبلدة قاقون المدمرة، تجمع كل من ينتمي إليها وتعرفهم بهويتهم وحمائلها وتاريخهم وأراضيهم.

وعن الجمعية يحدثنا مهراج شحادة الذي هجّر من بلدة قاقون: "يتبع الجمعية مؤسسة تعليمية للصم والبكم، وديوان يجمع أبناءها، فالحديث وشجون قاقون ومأساة نكبتها لا تغيب عنا".

ويتابع "شحادة" حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "قاقون لن تذوب ولن يغيب تاريخها، يجدونه بالصورة وأرشفة الذكريات وحديث الأجيال بين جنبات الجمعية ونشاطاتها، تحافظ عليه وتحفظه العائلات بعهودها".

وفي مخيم بلاطة شرق نابلس، تنتشر جمعيات ومراكز تحمل أسماء القرى والمدن السليبة، كجمعية العوجا ويافا والعباسية وسلمة والجماسين وعرب المويلح والسوالمة ويازور والطيرة، بينما تمتد الجذور في مخيمات عسكر والجلزون والامعري والفارعة والعروب والفوار .

الأستاذ وائل الحشاش أحد وجهاء المخيم، يتحدث لـ "وكالة سند للأنباء" عن تلك الجمعيات، قائلًا: "جمعية العوجا في المخيم تشير لعرب الحشاشين الذين كان موطنهم نهر العوجا مع الجماسين والسوالمة وتفاصيل الحياة من زراعة وصيد وهناء".

 

ولتبقى البلدات التي هجّر منها الآباء والأجداد حاضرة في قلوب وذاكرة الأجيال، تحرص الجمعيات على ربط الأجيال ببلدانهم الأصلية، من خلال توضيح مواقعها عبر الخرائط التي تتوسط مقرات الجمعيات، ونشر المعلومات عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفق "حشّاش".

حضور في المهجر..

وإلى العاصمة الأردنية عمان، حيث "جمعية أم الزينات" التي تحمل اسم القرية التي تتربع على تلال جبل الكرمل، لكنها لم تغب عن أذهان المهجرين منها، وفقًا للناشط معن منصور.

ويقول منصور لـ "وكالة سند للأنباء"، خلال حديث هاتفي: "جمعية أم الزينات تحمل التاريخ والماضي والحاضر والمستقبل، بسلسلة أهداف غنية بغنى بلدتنا الأصلية التي تغنى بها الشعراء، وثبتوا ببحور شعرهم ضواحيها وتلالها وحواريها وينابيعها".

وتعتبر الجمعية وفق "منصور" "موئلا نفسيًا ومعرفيًا ووطنيًا للأبناء عبر الحديث عن تاريخها وحدودها ومساحاتها ومزروعاتها وبطولاتها وآمال العودة، فالحقيقة أكبر من روايات المحتل وتزويره".

ويشير ضيفنا إلى أنّ "مساحة قرية أم الزينات تبلغ زهاء 27 ألف دونم، وكان يعيش فيها حوالي 2000 فلسطيني، لكن اسمها الآن مخلد في أحد شوارع عمّان لتبقى حيّة فينا".

تعزيز الرواية..

من جانبه، يرى مدير المركز الثقافي للذاكرة والرواية الفلسطينية في نابلس عدنان عودة، أن دلالات إطلاق أسماء القرى على الجمعيات والمراكز والشوارع، بالحفاظ على الذاكرة، ومحاولات جادة تجمع بين المواطن ووطنه وغيرها من المعاني الواسعة، وفق قوله.

ويضيف "عودة" - وهو لاجئ من مخيم بلاطة - لـ "وكالة سند للأنباء": "تجمع هذه الجمعيات الأهالي في مكان واحد وسيرة موحدة، يسجلون تسلسلهم الاجتماعي والروائي، ومعرفة الانتشار في الشتات واللجوء الداخلي".

كما ترصد الجمعيات الصور القديمة والوثائق والأرشفة الصوتية والمرئية لحاضر الوطن وماضيه، وترسخ حق العودة وملكية الرواية، وفقًا لـ "عودة".

ويلفت "ضيف سند" لأهمية التمسك بالحق الوطني الفردي والجمعي، من خلال إطلاق صفحات على مواقع التواصل تحمل أسماء الجمعيات والبلدات، مضيفًا: "توظيف التكنولوجيا في هذا الأمر يمنح القوة لأصحاب الحق وهم يروجون لحقهم وتثبيت حقيقته الأقوى، فصاحب الحق يعزز حقه برواية الحقيقة التي لا تهزم ولن تهزم".