تعليمٌ ودراسة، أدنى الحقوق التي من الواجب الحصول عليها، إلا أنَ في مدينة الخليل، يُمنع الأطفال من ذلك، بفعل اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي.
محمد دعنا (13 عاماً)، وخالد الرجبي (12 عاماً)، وشعبان السراحنة (15 عاماً)، يعجزون عن الوصول إلى مدرستهم " ذكور الخليل الأساسية، في حارة الرجبي، بالبلدة القديمة بمدينة الخليل، بسبب الغاز المسيل للدموع، الذي يُطلقه الاحتلال الإسرائيلي على الطلبة وساحات المدارس.
لم يكتف الاحتلال بذلك، فاحتجز برفقة مستوطنين، خمسة عشر طالباً ومدرساً من مدرسة قرطبة بالقرب من شارع الشهداء، وأوقفهم على البوابة الإلكترونية، ومنعهم من الوصول إلى مدرستهم، وبعد ساعات سُمح لهم بالدخول، ليصلوا مدارسهم بعد ساعات من بدء الدوام.
مشاعر الخوف
مدير التربية والتعليم في الخليل عاطف الجمل، يقول إن الطلبة والطالبات في البلدة القديمة بمدينة الخليل هم في حالة خطر دائم، يدرسون تحت فوّهات البنادق، ويتعرضون للاعتداءات من قبل الجنود والمستوطنين كل يوم، خلال ذهابهم وإيابهم من مدارسهم.
وأشار الجمل لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن المعاناة الكبرى لطالبات مدرسة قرطبة المحاذية للتجمعات الاستيطانية في قلب الخليل، هي سيرهن على الأقدام وسط التجمعات الاستيطانية، فيمتلأن بالرعب والخوف، وأحياناً يُحتجزن لساعات، ويتعرضن للضرب، ما يضطرهن لعدم الانتظام في المدرسة.
حالة تحدٍ ورعب
وتصف مديرة مدرسة قرطبة الأساسية نورا نصار، واقع التعليم داخل البلدة القديمة بالخليل، بأنه حالة من التحدي والرعب، لتكرار الاحتجاز على الحواجز، واعتداءات المستوطنين، وخنق الطلبة بالغاز، وأحياناً اعتقالهم.
وتقول نصار لـ "وكالة سند للأنباء"، إننا نعيش حياة تعليمية غير طبيعية، يعاني منها التلاميذ في الخليل صباح مساء.
وعن تجربتها تضيف: "لقد احتجزت في إحدى المرات مع أربع معلمات على حاجز شارع الشهداء، لمدة ثلاث ساعات، فتشوا حقائبنا، ووصلنا للمدرسة حينما قارب الدوام على الانتهاء".
وحول معاناة الطلبة تتابع:" خرج الطلبة والطالبات من مدارسهم، فاعترض المستوطنين طريقهم، واعتدوا عليهم بالضرب، فحضر الجنود للمكان، واعتقلوا طفلين، بحجة الاعتداء على المستوطنين".
اعتداءات يومية
لم يغب صوت صراخ الأطفال حين تم سحبهم للجيب العسكري، فركضت نصار إلى باب الجيب، وسحبت الأطفال وهم يستغيثون بها بعدم تركهم، فاحتضنتهم وتسمرت أمام الجنود، حتى استطاعت نزعهم من بين أيدهم، في ظل تهديدات بإطلاق النار عليهم.
وتلفت نصار إلى أن طلبة مدرسة قرطبة، لا يمضي يوم عليهم وإلا يتم الاعتداء عليهم من قبل المستوطنين الذين يُحضرون معهم الكلاب من أجل مهاجمة الأطفال، عدا عن الشتائم والضرب التي يتعرضون له صبح مساء.
ويشكل استمرار العملية التربوية داخل البلدة القديمة من الخليل، نوعاً من التحدي وإثبات الوجود، لمنع تهويد المدينة، وهيمنة المستوطنين عليها، وبناء المزيد من البؤر الاستيطانية فيها.
محاولة دعمهم
ويؤكد رئيس بلدية الخليل تيسير أبو اسنينة حال المعاناة التي يعيشها الطلبة في مدينة الخليل، ويقول لـ "وكالة سند للأنباء"، إننا نحاول دعمهم وتثبيت صمودهم، وقد رممت البلدية بعض المدارس، وزودتهم بالتيار الكهربائي والمياه، بعد أن دمر المستوطنون هذه الخطوط.
ويبين أبو اسنينة لـ "وكالة سند للأنباء"، أن البلدية تعمل على إعفاء الطلبة من الرسوم الدراسية بداية كل عام، وتحاول تقديم العون من خلال توفير القرطاسية المدرسية للطلبة الفقراء والمحتاجين.
ويشدد على أنه رغم الاعتداءات والاعتقالات المستمرة على الطلبة، إلا أنّ ذلك لم يفت من عضد التلاميذ وطاقم التدريس، كونهم يعلمون أن هذه معركة وجود، في ظل تحدٍ قائم لتهويد المدينة وطرد السكان الفلسطينيين منها.