تحل اليوم الخميس الذكرى الـ77 للنكبة الفلسطينية التي هُجِّر عشرات آلاف الفلسطينيين على إثرها هائمين على وجوههم بين مخيمات اللجوء عام 1948، تحل أمام سيناريو يتكرر من جديد على قطاع غزة التائه بين نكبة وأخرى بين جوع ونزوح، موت ودمار ولمَّا يُسدل ستار الحرب بعد؛  فما زال الفلسطينيون يخوضون غمار معركة ممتدة من المعاناة والتهجير والقهر والحرمان لم تنتهِ فصولها حتى اللحظة.

ويُحيي الفلسطينيون حول العالم مأساة ذكرى النكبة في 15 مايو/ أيار لكل عام، والتي هجَّر الاحتلال الإسرائيلي وشرَّد أكثر من 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم إلى دول مجاورة، وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما أعلن الاحتلال قيام "إسرائيل" في التاريخ المذكور على أراضي الفلسطينيين.

فخلال الشهور الأخيرة من عام 1947 وحتى أوائل عام 1949، تعرض الفلسطينيون لانعطافة خطيرة حيث أصبح نحو 750 ألف فلسطيني لاجئين خارج أراضيهم، دون أن يُسمح لهم بالعودة، وذلك بموجب قرار وعد بلفور بقيام دولة لليهود في فلسطين.

بالأرقام..

وسيطر الاحتلال، الذي أعلن قيام دولته على 78% من مساحة فلسطين التاريخية (27000 كيلو متر مربع)، وذلك بدعم من الاستعمار البريطاني؛ تنفيذا لوعد بلفور المزعوم عام 1917، وتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين.

وشهد عام النكبة أكثر من 70 مجزرة نفذتها العصابات الصهيونية، التي أمدتها بريطانيا بالسلاح والدعم، كمجزرتي دير ياسين والطنطورة.

بينما ارتقى أكثر من 15 ألف شهيد والعديد من المعارك بين المقاومين الفلسطينيين والجيوش العربية من جهة، والاحتلال الإسرائيلي من الجهة المقابلة.

وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني، فقد سيطر الاحتلال خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل، وطمس معالمها الحضارية والتاريخية، وما تبقّى تم إخضاعه لسلطات الاحتلال وقوانينه.

وبحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين 58 مخيما رسميا تابعا للوكالة تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيما في لبنان، و19 مخيما في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.

قوافل الشهداء..

وكشف تقرير حديث لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني (رسمي)، استشهاد 154 ألف فلسطيني وعربي في فلسطين منذ عام 1948 حتى اليوم، حيث يشكل شهداء حرب الإبادة في غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023 أكثر من 34% من مجموع الشهداء منذ النكبة.

إضافة إلى تسجيل نحو مليون حالة اعتقال منذ "نكسة" 1967 حين احتلت "إسرائيل" قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها شرق القدس.

وبحسب تقرير "الإحصاء" فإن "عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى في عام 2000 وحتى اليوم بلغ حوالي 64 ألفا و500".

ومن بين هؤلاء الشهداء أكثر 52 ألفا و900 شهيد خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مواطن في عداد المفقودين.

وفي الضفة الغربية قتل جيش الاحتلال 964 منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.

نكبة في غزة..

وتعود النكبة هذا العام 2025، وما زال قطاع غزة تحت وطأة نكبة مضاعفة يرتكب خلالها جيش الاحتلال الإسرائيلي أبشع المجازر وأقسى الجرائم وأعتاها منذ أكثر من عام ونصف.

وتكرر سيناريو النكبة الفلسطينية على أذهان اللاجئين والمواطنين في قطاع غزة، بعد أن أجبر جيش الاحتلال أكثر من مليوني فلسطيني على النزوح من منازلهم تحت وطأة الإكراه والقصف.

ويتخذ أهالي قطاع غزة من مخيمات الإيواء والمدارس والجامعات أماكن للسكن، متحدين نيران الاحتلال وحرارة الصيف وبرد الشتاء، بعد أن دمر جيش الاحتلال بيوتهم ومنازلهم، ما يُظهر تشبث الفلسطينيين بأرضهم ولو كان ثمنه الموت.

وعاش أهالي القطاع ذعر شبح النزوح والتهجير، خاصةً في مرحلة ما قبل وقف إطلاق النار في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد ما تداوله الاحتلال حول فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه وعدم السماح للنازحين جنوباً بالعودة إلى مدينة غزة.

وفي الآونة الأخيرة ومع تكرار مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول مخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، أبدى أهالي القطاع تمسكاً واضحاً بأراضيهم تحت شعار "نموت فيها ولا نطلع منها".

تدمير للوحدات السكنية ومراكز الإيواء..

ووفق آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي منتصف أبريل الماضي، فقد شهد قطاع غزة تدميرًا واسعًا للبنية التحتية، إذ دمّر الاحتلال نحو 165 ألف وحدة سكنية كليًا، و115 ألفًا بشكل بالغ، و200 ألف جزئيًا.

إضافة إلى تدمير 828 مسجدًا و3 كنائس، و224 مقرًا حكوميًا، و206 موقعًا أثريًا وتراثيًا.

بينما استهدف الاحتلال الإسرائيلي، أكثر من 234 مركز إيواء للنازحين بشكل متعمّد وممنهج، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية، وفي محاولة مكشوفة لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين، منذ السابع من أكتوبر 2023.