في "معركة البقاء"، يحاول الشاب نضال البشيتي المحافظة على مهنة والده، في صناعة الألعاب المحلية منذ 35 عاماً، في الوقت الذي أصاب الشلل معظم الصناعات المحلية في قطاع غزة نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة والحصار الإسرائيلي المتواصل.
ورغم منع الاحتلال إدخال المواد الخام، والتصدير، نجحت مصانع غزة في إنتاج ألعاب بجودة تضاهي المنتجات الأجنبية، من مخلفات البلاستيك والحديد المستعملة التي أعيد تدويرها.
ويقول البشيتي في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، "كنا نصدر هذه المصنوعات من اللعب الخاصة بهذه الشريحة الهامة في جميع المجتمعات وهي شريحة الأطفال، نصدرها إلى الضفة، لكن الحصار وانقطاع التيار الكهربائي قضى علينا وعلى حلمنا في توسيع هذه التجارة".
وبين أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تهيمن على القطاع، وخاصة أزمة "كورونا" أجبرت المواطنين على الاقتصاد بنفقاتهم المالية وتوفير الاحتياجات الأساسية لأفراد عائلاتهم، بدلا من شراء ألعاب واحتياجات الأطفال المسلية.
وتابع البشيتي "نعاني منذ سنوات من حالة من الركود الاقتصادي غير المسبوقة، الأمر الذي كبد أصحاب المتاجر خسائر مالية باهظة، أجبرت بعضهم على ترك المهنة والبحث عن مصدر دخل مالي آخر".
ودفعت هذه الأوضاع الشاب البشيتي لاقتصار العمل بمعدل يومين في الأسبوع في مصنعه، ونسبة إنتاجية فقط 20 % من الألعاب.
ويوضح أن العمل في السوق المحلية لا يمكن مقارنته بالعمل في الاستيراد والتصدير في حال فتح المعابر، وأن التصنيع يمكن مضاعفته 10 مرات في حال انتهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي ساهم في خنق الصناعة، وتخفيف الضرائب الاقتصادية.
معاناة مستمرة
من جانبه، قال مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة ماهر الطباع، إن صناعة الألعاب في غزة رغم محدوديتها عانت من الكثير حالها حال الصناعات الأخرى المتمثلة في سياسة الاحتلال الإسرائيلي بمنع إدخال المواد الخام الأولية كالبلاستيك و"الفيبر غلاس" بحجة "الاستخدام المزدوج".
وأضاف الطباع في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن الاحتلال يمنع أيضاً المعدات والآلات من دخول القطاع ما يشكل عائقاً أمام تطور صناعة الألعاب في غزة، وكذلك منع عملية التصدير والتسويق للخارج".
وقال إن القطاع الصناعي شهد تراجعا ملحوظاً في الإنتاجية بنسبة تقدر 90% في بعض الأنشطة الاقتصادية في ظل الحصار الإسرائيلي والإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا.
وأوضح أن، نحو 10000 عامل فقدوا وظائفهم، "وتمثلت القطاعات الأكثر تضرراً بقطاعات الصناعات الإنشائية والورقية والهندسية والمعدنية والخشبية والألمونيوم".
وأشار إلى أن القطاعات الأقل تضرراً تمثلت بقطاع الخياطة والنسيج باستثناء عدد محدود من مصانع هذا القطاع التي عملت على إنتاج الملابس الواقية من الفيروس، تلتها الصناعات الجلدية والخشبية، إضافة إلى قطاع الطاقة المتجددة الذي بات يعتمد في أعماله حالياً على الصيانة.
واقترح الطباع، وضع خطط استراتيجية وسياسات لتطوير القطاع الصناعي بعد ما حل به من دمار خلال سنوات الحصار، وتوفير الدعم الحكومي المادي والمعنوي والحوافز كالإعفاءات الضريبية للمنتجات الوطنية مع التركيز على المنتجات القابلة للتصدير.
ودعا لاعتماد المنتج المحلي في كافة المناقصات والمشتريات الحكومية.
وأكد على ضرورة إعادة حركة التجارة الداخلية بين قطاع غزة والضفة الغربية، والتركيز على أهمية إعادة فتح معبر رفح التجاري ليكون جزأ أساسيا من معابر قطاع غزة وليساهم في إدخال كل ما يلزم للقطاع الصناعي.
وطالب بتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع الدول العربية والاتحاد الأوربي والتي تمنح أفضلية للمنتج الفلسطيني مع إعفائه من الجمارك.
بطالة متفاقمة
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمّال في قطاع غزة، سامي العَمصّي، إن "نسبة البطالة بغزة، ارتفعت لتصل إلى 80 بالمئة، خلال الفترة الحالية".
وأوضح العمصي في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن العمال الفلسطينيون وخاصة عمال المصانع يواجهون أزمات مركبة، منها "الحصار الإسرائيلي المستمر للعام الـ14 على التوالي، والانقسام السياسي الداخلي، مرورا بأزمة الكهرباء منذ 2006، وليس أخيرا، جائحة كورونا".
وبين أن "أكثر من 90 بالمئة من عمال قطاع غزة يعملون بنظام الأجور اليومية، وغالبيتهم -اليوم- متوقفون عن العمل في ظل هذه الجائحة".
وأشار إلى "تضرر 160 ألف عامل بغزة خلال هذه الأزمة، يعني أن هناك نحو 160 ألف عائلة تضررت بشكل كامل، بمتوسط أفراد من 5-7 لكل عائلة".
وبيّن العمصي أن الحصار الإسرائيلي أثّر بشكل واضح وكبير على العمال وتسبب بمأساة، لكنه أشار إلى أن "بعض المؤسسات الخاصة وورش العمل تجعل منه شمّاعة لانتهاك الحقوق".