الساعة 00:00 م
الأربعاء 21 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
4.98 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.97 يورو
3.53 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تغير المواقف الأوروبية من حرب الإبادة.. ما السر وما مدى التأثير؟

حماس: لا مفاوضات حقيقية منذ السبت ونتنياهو يُحاول تضليل العالم

منظمات أممية ومحلية لـ سند: الاحتلال يضلل العالم في قضية مساعدات غزة

حين ينام العالم.. ويستيقظ الرعب في غزة

"محمد عبيد".. ثائر فجر باستشهاده "ثورة"

حجم الخط
الشهيد محمد عبيد.jpg
القدس -نزار الفالوجي

لم يكن استشهاد محمد عبيد 25 عاما، ابن بلدة العيسوية المقدسية حدثا عابرا، بل كان شرارة لانتفاضة مقدسية، فقد فجر باستشهاده ثورة في وجه الاحتلال، لا سيما أنه لا زال يماطل في تسليم جثمانه، بعد أن أطلق رصاصة اخترقت قلبه الخميس الماضي.

أما حياة الشهيد فقد كانت استثنائية كرحيله، يشهد بذلك أهالي بلدة العيساوية، التي تربى وترعر واستشهد بها، فقد أُسر في سجون الاحتلال أربع سنوات، وأمضى طفولته وشبابه ناشطا في المواجهات مع الاحتلال.

وينحدر عبيد من أسرة مناضلة، تشرب منها حب القدس والأقصى، فقد سبقه والده وشقيقته وأبناء عمومته للأسر بسنوات.

" النورُ كيفَ ظهورهُ إن لم يكنْ دَمُنا الوقود، والقُدس گيفَ نُعيدها إن لم نكنْ نحنُ الجنود"، بهذه العبارات عرّف الشهيد عبيد نفسه على "الفيسبوك"، ليعبرعن شدة تعلقه بالقدس وإيمانه الراسخ بأنها لن تعود إلا بدماء أبنائها.

لحظات استشهاده

وتقول شقيقته سندس  في حديثها لمراسل "سند" عن آخر لحظاتها برفقة أخيها "كنت أشعر وكأن في أعماقي غصة ولم أدر لماذا، فقررت أن أخرج من المنزل متوجهة لبيت عمتي المجاور وقد شاهدت محمد عندي خروجي من المنزل يتناول ساندويش فلافل".

وتضيف " نظرت إليه بشوق، أنا شقيقته الوحيدة وقلت له بربك قل لي أحبك يا أختي  فقالها لي ورقص قلبي فرحا حينها".

لم تكتمل فرحة سندس  بكلماته التي لامست قلبها، فقد اخترق سمعها صوت رصاصات عكرت صفوها وقبضت قلبها فخرجت مسرعة من المنزل عائدة للبيت خشية من انفجار مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال.

وصلت سندس مدخل منزلها لتسمع الصراخ والبكاء "محمد شهيد يا أخت الشهيد".

 وتصف سندس لحظة مشاهدة شقيقها الشهيد محمد فتقول " اقتربت من مكان تجمع الشباب حول شقيقي محمد وهو ينزف دما فشاهدته ملقى على الأرض ويداه مفتوحتان وعيناه تنظر إلى السماء وهو مبتسم مودعا هذه الدنيا".

 أما والدته " أم محمد"  التي كانت تحلم بتزويجه ورؤية أبناء ابنها البكر فتقول "لم أفرح يوما وابني محمد في السجن وكنت أرقب الإفراج عنه لحظة بلحظة،  أفكر في تزويجه كي أفرح به".

وتستذكر لحظاتها مع ابنها وتضيف "كان يحبني كثيرا..أهداني  يوم ميلادي صورة لي وله ووضع لها إطارا جميلا وكتب عليها أحبك ، ففرحت كثيرا وسررت بها".

 وتختم الأم حديثها "غادر محمدا الدنيا مسرعا وبقيت الصورة، أسال الله ان يجمعني به في الجنة".

الشهيد الثائر 

كان الشهيد عبيد من نشطاء الانتفاضة منذ صغرة وهو شبل قاصر يشارك في كل هبة ونشاط دفاعا عن القدس والاقصى.

فيقول محافظ القدس عدنان غيث " كنا نذهب في الأعياد إلى منزله في العيسوية لنواسي والديه وكنا نشعر أننا ذاهبون إلى منزل قائد من قادة الشعب الفلسطيني".

ويضيف غيث "كنا ندرك أن محمد عبيد ليس شابا عاديا بل سيكون له شأنا كبيرا، خاصة وأنه أسيرا محررا عايش الأسرى والمعتقلين وتشرب منهم دروسا كانت تنعكس على ديمومة نضاله المستمر في وجه الاحتلال حتى غدا شهيدا بل أيقونة لثورة العيسوية ".

 أما الأسير المحرر سعد أبو الحمص، فقد كان صديقا للشهيد عبيد ابن بلدته ورفيق دربه في الأسر يقول "كنا نناقش دوما ونحن في السجن حال قضيتنا الفلسطينية وخاصة القدس فكانت نظرته واسعة وشمولية ووازنة رغم صغره".

ويضيف أبو الحمص في حديث خاص لمراسل "سند" " كان محمد  يرى أن من الضروري تفجير انتفاضة وثورة داخل قرى محافظة القدس وضواحيها، مثل العيسوية وشعفاط وبيت حنينا حتى يخفف الاحتلال الضغط عن القدس والأقصى وحتى ينشغل الصهاينة بثورة جديدة في محيط القدس".

 ولم يكن "محمد عبيد" أول شهداء العيسوية ولن يكون آخرهم، فلا زالت بلدة العيسوية ثائرة في وجه الاحتلال، حيث قدمت منذ ليلة الجمعة وحتى صباح اليوم السبت نحو مائة جريح وعشرات المعتقلين.

وقد انعكس لهيب انتفاضة العيساوية الجديدة على القرى المقدسية المجاورة التي واجهت الاحتلال وآلياته العسكرية وحافلات مستوطنيه في حزما وشعفاط وعناتا ووادي الجوز منذرة بثورة وانتفاضة مقدسية جديدة.