لا يجد الزوجان الفلسطينيان محمود أردنية وشعاع برهم أي صعوبة باصطحاب طفليهما والتجوال حول العالم، ويوثق الزوجان نمط حياتهما الذي أدمنوا عليه وباتوا يقضون نصف أيام السنة بالسفر.

محمود، اختار أن يكون رحالة برفقة زوجته وأبنائه من خلال "كرفان"، موثقا رحلاته المختلفة وما يوجهها من مواقف وصعوبات عبر قناته على يوتيوب، وصفحاته على موقع التواصل الاجتماعي.

ويقيم محمود وعائلته حاليا في ألمانيا التي انتقل إليها للدراسة قبل سنتين، وهو يعمل عن بُعد مع مؤسسة في مجال المونتاج والتصميم، ما وفر له حرية الحركة والسفر لاستكشاف العالم.

عمل محمود مدة 10 سنوات في الشركات، قبل أن يتخذ قراره الجريء بالسفر هو وعائلته، لممارسة هوايتهم بالتصوير والترحال والتعرف على ثقافات جديدة حول العالم.

ولمحمود وزوجته تجارب سابقة بالسفر الاستكشافي، ويقول لـ "وكالة سند للأنباء": "بدأنا معا رحلة استكشاف المدن والقرى الفلسطينية، وزرنا معظم مدن فلسطين، ثم وسعنا الدائرة لتشمل الدول المجاورة، ثم القارات المجاورة".

واختصر محمود تكاليف التنقل والإقامة، وصمم بيتا متنقلا "كرفان" للسفر والتنقل بين الدول، وكذلك للمبيت هو وعائلته في أسفارهم الكثيرة.

فمن أين جاءت فكرة السفر بكرفان؟

 

في إجابته على هذه التساؤلات، قال محمود الذي تواصلنا معه ومع زوجته عبر "الماسنجر": "نحن عائلة أدمنّا السفر، وفي سنة 2020 مع بداية جائحة "كورونا"، توقفت كل رحلات الطيران وأغلقت الفنادق، وفكرنا بطريقة للتنقل وتأمين المبيت، وقررنا تحويل سيارتنا لبيت متنقل يعمل بالطاقة الشمسية، لهذا الغرض".

بيت في سيارة

يمتلك محمود سيارة من طراز "مارسيدس شبرينتر"، بسقف عال يبلغ 2,7 متر، وطول 7.3 متر، استطاع تحويلها إلى بيت مصغّر.

ويحوي "الكرفان" على مرافق البيت التقليدي بأسلوب عملي محسوب بحيث يستفيد من كل سنتيمتر مكعب بداخله، ويضم غرفة نوم، وغرفة معيشة تتحول ليلا إلى غرفة نوم للأطفال، بالإضافة لمطبخ بكامل تجهيزاته، وحمام.

 وأضاف الرحال "أن أول خطوة بتجهيز الكرفان كانت تثبيت ألواح خاصة لعزل الصوت والحرارة على جميع جدران السيارة، ويوجد أسفل غرفة النوم خزان للمياه العذبة حجمه 84 ليتراً، ويحصلون على الكهرباء من خلال ألواح شمسية مثبتة على سطح "الكرفان".

 

ويهوى محمود فن الطبخ، ولم يكن ضيق المساحة داخل الكرفان عائقاً أمام ممارسته لهوايته، فيعد برفقة زوجته جميع أنواع الطعام من أنحاء الوطن العربي، كالمنسف الأردني، والكبسة السعودية، والمسخن الفلسطيني، والتبولة السورية.

ولا يشغل محمود وشعاع بالهما في التوفيق بين هواية السفر وتسيير حياتهم اليومية، فيقول "نصف أيام السنة نمضيها بالسفر، والأولاد يداومون بمدارسهم بشكل طبيعي، وفي كل عطلة، سواء كانت طويلة أم قصيرة وحتى عطلة نهاية الأسبوع، نستغلها برحلة".

أما تكاليف السفر، فهي كتكاليف الحياة في منزلهم الثابت المتحرك، ويتابع "الشهر الذي نمضيه بالكرفان يكلفنا نفس الشهر الذي نمضيه بالبيت".

ويشرح السر وراء ذلك قائلا: "نبيت ونعد طعامنا داخل الكرفان، فلا تكاليف إضافية نتكبدها للفندق أو للمطعم".

ويضيف: "فقط نخصص مصروفا للسولار وللطوارئ، ونحدد مبلغا تقريبيا لكل رحلة، ونلتزم به".

رحلة متواصلة

 

وبدأت رحلتهم من شمال ألمانيا، ثم بلجيكا، وفرنسا، ولكسمبورج، وسويسرا، وايطاليا، ولختنشتاين، والنمسا، والدنمرك، وما زالت الرحلة مستمرة باتجاه السويد، وفي كل بلد يزورونه يستكشفون المزيد من الأماكن العجيبة، ويواجهون مخاطر كبيرة.

يقول "أردنية": "دخلنا مكانا مظلما ومخيفا اسمه "سراديب الموت" يقع على عمق 20 مترا أسفل مدينة باريس فيه 6 ملايين جمجمة وبقايا عظام"، وواجهنا صعوبة كبيرة وساعات تحبس الأنفاس في طريق جبلي طويل ملتوٍ وخطر في جبال الألب0، ولم يكن هناك فرصة للعودة لصعوبة الطريق، وأوشك الوقود على النفاد، لكن الله سلم".

ورغم كل الصعوبات، إلا أن روح المغامرة تقودهم لمزيد من التجارب، ويقول: "هذه التجارب تعيد شباب القلب، وتمنحنا معنى للحياة، فنستغل كل مناسبة لنكررها ونعيش الدهشة مع كل جديد."

الأبناء عماد (12 عاما،) و(جاد 8 أعوام)، أعجبتهم التجربة، فقد زاروا أماكن تناسب أعمارهم ورغباتهم، كمتحف الشوكولاتة السويسرية، وملاهي "ديزني لاند" بباريس، ويقول محمود: "دائما نخيم في أماكن تناسبهم، على أطراف البحيرات وفي وسط الغابات".

قهوة فوق الغيوم

 

أما شعاع، فتمضي وقتها بلعب الشطرنج مع ابنيها وتساعدهم بمذاكرة دروسهم، تقول خلال حديثها لـ "وكالة سند": "بهذا الكرفان اختبرنا أشكالا وألوانا جديدة للحياة، وقضينا فيه أياما وليالي طويلة من السفر والترحال".

وتابعت بشغف: "عشنا بالكرفان أجمل شعور يمنحك إياه السفر، وزرنا الأماكن المشهورة والأرياف، وكسبنا أصدقاء بكل دولة زرناها، وخيمنا أماكن ولا حتى بخيالنا فكرنا أن نكون فيها، ومشينا طرقا خطرة جدا لم نتوقع أن نخرج منها على قيد الحياة، واحتسينا قهوة الصباح ذات يوم فوق الغيوم، في أعلى قمم جبال الألب.

 

ويشارك الزوجان من خلال "السوشيال ميديا"، متابعيهم كافة اللحظات التي يمروا بها من خلال رحلاتهم وسفرهم، والذي جاءت فكرته بعد انتشار فيروس "كورونا"، ولأن السفر لم يعد كما كان قبل ذلك، ولكن استمر حلم السفر حول العالم داخل "أردنية" وزوجته.

وأنشأ محمود وشعاع صفحات على موقعي "فيسبوك" و"انستغرام" بالإضافة لقناة على موقع "يوتيوب" لتدوين ذكرياتهم وتجاربهم في السفر.

وقال محمود: "أكتب تجاربي حتى أغيّر من الاعتقاد السائد لدى كثيرين بأن السفر صعب مع العائلة، أو يتطلب مبالغ كبيرة، فأنا أقدم مثال حيا كيف استطعت أن أحقق حلمي بنفس التكاليف التي أتحملها في حياتي اليومية وأنا بالبيت".

ويتمنى الزوجان أن يكون لتجربتهما أثر إيجابي على محبي المغامرة والترحال، وأن يستغلوا أي فرصة ليستكشفوا العالم من حولهم، ويستمتعوا مع أسرهم وأطفالهم ويكوّنوا أجمل الذكريات بأقل التكاليف.