الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بالفيديو "وحدة الوعي".. أداة إسرائيلية جديدة لملاحقة المقدسيين

حجم الخط
فيس بوك
هداية عصمت حسنين - وكالة سند للأنباء

لا تنفك سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن محاربة الفلسطيني والتضييق عليه بكل مكان وبشتى الوسائل الممكنة، لا سيما عقب تسارع الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية والقدس خاصة، فمؤخرًا نشطت وحدة تحت مسمى "وحدة الوعي"؛ لملاحقة المقدسيين على خلفية آرائهم عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ويدعي الاحتلال أن الوحدة جاءت لتحديد مكان من يسميهم "المحرضين على العنف" في وقت مبكر، في حين يرى المقدسيون أنها امتدادٌ لسياسة القمع الإسرائيلية المتواصلة بحقهم، وفي هذا التقرير ترصد "وكالة سند للأنباء" تشكيل هذه الوحدة، وأهدافها، وطبيعة نشاطها.

قوة مشتركة

بقوات مشتركة من شرطة الاحتلال بالقدس، والمخابرات، والخارجية الإسرائيلية، فعّل الاحتلال وحدة "الوعي"، والتي كشف عنها في منتصف أبريل/ نيسان الجاري، بدعوى مواجهة "التحريض على الإرهاب" عبر مواقع التواصل، على إثر تصاعد الأحداث بمدينة القدس، وخاصة خلال شهر رمضان.

وفي تصريحات لقادة الوحدة الإسرائيلية، قالوا إن "موجة الإرهاب التي بدأت الشهر الماضي بالتوازي مع بداية شهر رمضان، أدت لارتفاع حاد في التحريض على العنف ودعم الإرهاب والإرهابيين على وسائل التواصل، لذا قررت شرطة القدس إقامة دائرة جديدة لتحديد واكتشاف المحرضين"، وفق تعبيرهم.

فيما أكد قائد المنطقة الوسطى في شرطة الاحتلال دورون تورجمان، الذي بادر بإنشاء الوحدة، أن "الوعي عنصر مهم في عمل الشرطة والجهد الإسرائيلي، خاصة خلال شهر رمضان، وتهدف الوحدة إلى دعم المحور العملياتي".

كذلك جاء في جزء من حديث لرئيسة أركان الوحدة العريف ليفنات سترومزا: "نحن نراقب الشبكات ونفحص أي حدث أو منشور غير عادي، قد يكون منشورًا أو فيديو أو حتى أغنية، في كل مرة نحدد فيها مثل هذا المحتوى نترجمه على الفروق الدقيقة التي تظهر منه، وننقل المعلومات على الفور إلى ذراع التحقيق".

ملاحقة المقدسيين

رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، وهو واحد من الذين اعتقلوا على خلفية النشر عبر حسابه على "فيس بوك"، يقول إن "الاحتلال بطبيعته يمعن بالتضييق علينا وملاحقتنا بكل الطرق، وآخرها تفعيله وحدة الوعي التي تراقب حساباتنا، وآرائنا في القدس".

ويوضح "أبو عصب" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" أن الاحتلال اعتقل أكثر من 50 مقدسيا، على خلفية منشوراتهم بتهمة "النشر والتحريض عبر مواقع التواصل"، لافتًا إلى أن بعضهم ما يزال رهن الاعتقال، فيما أفرج عن البعض الآخر بشرط الإبعاد عن المسجد الأقصى، والبلدة القديمة.

وعن سبب اعتقاله، يفيد "أبو عصب" بأنه نشر عبر حسابه صورة لمسن فلسطيني وهو مصاب، وكتب عليها "الاعتقالات في باب العامود.. مغموسة بالدم، حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم احفظ شعبنا وقدسنا"، فاعتبر الاحتلال أن هذا المنشور "يشكل تهديدًا لأمنه، رغم أنه لا يمثل سوى خبرٍ يومي طبيعي".

ويستطرد: "باتت صورة شهيد أو مجرد ذكر اسمه، أو دعوة للرباط في المسجد الأقصى، أو أي خبر طبيعي ينشره المقدسي عبر مواقع التواصل، يؤرق الاحتلال، يتعامل معه وكأنه خطر يُداهمه!".

واعتُقل "أبو عصب" بعد نشره للمنشور السابق، وتم تمديد اعتقاله 24 ساعة، وعرضه على محكمة الصلح في اليوم التالي، ثم أُفرجَ عنه بشرط الإبعاد عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى وباب العامود لمدة شهر.

ويشير "ضيف سند" إلى أن هدف الاحتلال من "وحدة الوعي" هو بث الخوف وإثارته في قلوب المقدسيين، عبر استخدامه المزيد من القوة ووسائله الخبيثة؛ أملاً بفرض سيطرته على القدس، وأبنائها، وكل تفاصيل الحياة فيها.

سياسة ممتدة

ويبيّن "أبو عصب" أن تفعيل الوحدة مؤخراً إنما هو نهج لسياسة إسرائيلية ممتدة، منوهاً إلى أنه سبق الحديث عنها في عام 2018، ولكن في الآونة الأخيرة نشطت بشكل ملحوظ، وطورت من آليات تضييقها ومتابعتها للمقدسيين أكثر من أي وقت آخر.

وأول أسير فلسطيني تم اعتقاله على خلفية تهمة "النشر والتحريض على مواقع التواصل _بحسب أبو عصب_، هو الأسير المقدسي عمر الشلبي الذي أمضى 11 شهرا في سجون الاحتلال، وكان قد كتب منشوراً آنذاك تضمن صورة شهيد فلسطيني واسمه فقط.

وسجلت سلطات الاحتلال حينها عدد الإعجابات، والتعليقات على المنشور، وأبرزت بعضها، لتعتبر أنها تحرّض على عمليات فدائية جديدة قد تشعل المنطقة.

كما أمضى الشاب المقدسي علاء البيومي 19 شهرا في سجون الاحتلال إضافة لغيره من الشبان لنفس التهمة، ويُشير "أبو عصب" إلى أن هذه السياسة الإسرائيلية الممنهجة "ستتفاقم أكثر في المرحلة المقبلة، في ظل تحدي المقدسيين وصمودهم، الذي يربك ويزعج الاحتلال أكثر فأكثر".

إعدام رقمي

من جهته، يؤكد المختص بالإعلام الرقمي يوسف الحسني، لـ "وكالة سند للأنباء"، أن تفعيل الاحتلال مؤخرًا لوحدة "الوعي"، يأتي في سياق متكامل لمسيرة "الملاحقة الأمنية"، وقمع الرواية والمحتوى الفلسطيني الذي يفضح جرائمه.

وعن واقع محاربة الاحتلال للرواية الفلسطينية، يقول "الحسني": "إن الاحتلال منذ 2014 بات يدرك أكثر، لأثر منصات التواصل بخدمة الرواية الفلسطينية وحالة الاشتباك الحقيقية والصراع معه، وذلك من خلال ما لعبه النشطاء الفلسطينيون من دور مهم في تصدير جرائم انتهاكات الإسرائيلية المتواصلة".

ويزيد: "بعد هبة السكاكين عام 2015 بالضفة الغربية، ثم معركة "سيف القدس" في مايو/ أيار 2021، قرر الاحتلال بشكل رسمي التشديد على متابعة الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

ويُشير إلى توصية وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس في الأحداث الأخيرة التي شهدتها القدس عشية عيد الفصح العبري، لمسؤولين في مواقع التواصل، وخاصة شركة "ميتا"، بضرورة "تقييد" المحتوى الرقمي الفلسطيني.

وخلال عام 2021، حجب الاحتلال أكثر من 600 صفحة وحساب على مواقع التواصل الاجتماعي يدعم القضية الفلسطينية، ونفذ أكثر من 1600 انتهاكًا متنوعًا بين تقييد على الصفحات وإغلاق توثيقها، وحذف المحتوى بشكل عام، وغيرها من انتهاكات، وفق "الحسني".

ومن يوم لآخر، يواصل الاحتلال سعيه جاهدا لقمع الرواية الفلسطينية، وملاحقة ناشريها بكل الوسائل القمعية، وإقامة علاقات رقمية وإعلامية يحظى من خلالها "بتعاطف دولي" يبقيه في موقع "الضحية"، ويخلّصه من صفة "الاحتلال"، تِبعًا لمراقبين.