الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بالصور عيدٌ في القدس.. طقوس راسخة وأجواء لا يُفوّتها أهلها

حجم الخط
قبة الصخرة
بيان الجعبة - وكالة سند للأنباء

بطابع المدينة المقدسة وبلدتها العتيقة التي اعتادت على طقوس العيد الخاصة بها، تصمد عادات المقدسيين أمام محاولات أسرلة المكان والزمان، فيتمسكون بهويتهم الفلسطينية في كل مناسبة تمر عليهم لا سيما خلال عيدي الفطر والأضحى.

وتبدأ طقوس عيد الفطر في القدس مع انتهاء ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، حيث يفرغ المقدسيون من العبادة والاعتكاف في المسجد الأقصى إلى البيوت والأسواق لإنهاء تحضيرات العيد.

وعن تفاصيل بهجة العيد في القدس، يقول الحكواتي المقدسي حُسام أبو عيشة: "مع انقضاء ليلة السابع والعشرين، تبدأ رائحة الكعك والمعمول بالانبعاث في بلدة القدس القديمة، فتتعالى أصوات طرق قوالب المعمول الخشبية، قبل أن تتوجه صواني الكعك للأفران لخبيزها".

وخلال تجهيز الكعك في الفرن يبدأ تبادل الأطعمة وتكون أشبه بالمنافسة بين النساء من كعكها ألذ، بحسب ما أورده الحكواتي.

ويوضح "أبو عيشة" لـ "وكالة سند للأنباء" أن هناك "بعض الاختلاف في العادات بالأعياد، انعكس جلياً حتى من الناحية الاجتماعية؛ فقد كان يغلب على العائلات قديماً الطابع الممتد فتكون فرحتهم بالعيد مشتركة؛ لكن الآن باتت العائلات منفصلة مما تسبب بانخفاض العلاقات الاجتماعية بينهم".

فرحة أطفال القدس

وفي الوقت الذي يتجه في الكبار لصلة الأرحام؛ يتجه أطفال القدس إلى ساحة الغزالي أمام باب الأسباط، أحد أبواب المسجد الأقصى، والتي كان يُنصب فيها قديماً ألعابًا مخصصة لهم، ويشرف عليها أحد أفراد عائلة الترياقي.

ويستذكر الحكواتي "أبو عيشة" أغنية "الترياقي" التي كان يرددها الأطفال من خلفه "اليوم عيدي يا لالا، ولبست جديدِ يا لالا، فستان أحمر يالالا، عالصدر مطرز يا لالا" ويختمها بـ"خلصت تعريفتك".

F10C0883-7AEC-43BA-93E9-FBE8ED5A5ACD.jpeg
 

ومع انتهاء "تعريفة" المراجيح يتجه الأطفال إلى سينما خاصة كانت تعرف بخيال الظل أو كراكوز عواظ؛ وهو عبارة عن شاشة مغطاة بقماشة سوداء، يضع الطفل رأسه دخلها فيشاهد قصصًا مختلفة أبرزها قصة عنتر وعبلة.

ويسهب في وصف فرحة أطفال القدس بالعيد: "كان الأطفال يتجهون للركوب على الحمير التي يُحضرها أصحابها، يدفع الطفل تعريفة ليتجول على ظهر الحمار في طريق المجاهدين ما بين باب الأسباط والمدرسة العُمرية، فيما يركب آخرون على دراجاتهم الهوائية ويتجولون في المحيط ذاتِه".

548F4882-C008-4832-87D4-1C33279A9D03.jpeg

العيدية

وعن العيدية التي يقدمها الرجال لقريباته، يتحدث "أبو عيشة" "كان مبلغ العيدية صغيرًا، لكن رب العائلة يتكبد مبالغ كبيرة لأنه كان يقدمها لكل بنات العائلة مهما كانت درجة القرابة، أما اليوم فقد زاد مبلغ العيدية إلا أنها أصبحت مقتصرة على المقربات جداً كالبنات وبناتهنّ والأخوات وبناتهنّ وقد تُدفع لبنات العم وبنات الخال".

ويضيف:"بدأ البعض باستحداث عادات جديدة كتقديم الورود أو الحلويات بدلاً من العيدية النقدية؛ إلا أن هذه العادات الجديدة لم تطمس عادة العيدية بشكل كامل".

رحلة العيد

ومن العادات المقدسية المتأصلة بالأعياد، تنطلق العائلات المقدسية في ثاني وثالث أيام العيد للاستجمام والترفيه بعيدًا عن مدينة القدس التي تكاد تخلو من الأماكن السياحة الترفيهية وتكثر فيها السياحة الدينية.

وبحسب "أبو عيشة" فإن رحلة العيد قديماً كانت بمجملها رحلات داخلية حيث تتجه العائلات إلى عين الفشخة في البحر الميت أو إلى بحيرة طبريا أو شاطئ يافا وغيرها من المناطق الفلسطينية؛ أما اليوم فقد باتت رحلة العيد خارجية باتجاه تركيا والدول السياحية الأخرى.

ويرى الحكواتي المقدسي، أنه على الرغم من التغيير الكبير الحاصل على طقوس وعادات العيد في القدس إلا أن هناك ثوابت لا تتغير بسبب الطبيعة الاجتماعية لمدينة القدس.

عادات مقدسية

وخلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان تنشط الحركة التجارية في أسواق مدينة القدس؛ ويتوزع المُشترون بين محلات ملابس، وسكاكر، وحلويات، ومحامص البُن والمكسرات.

F4AB8789-F4FA-4DC9-9C0C-E2C195A1BEA4.jpeg
 

ويصطف أرباب العائلات على أبواب الملاحم لشراء اللحوم والتجهيزات الخاصة بوجبة الغداء، والتي كانت تُقام سابقا كـ "وليمة" كبيرة في منزل كبير العائلة، بحسب "أبو عيشة".

ومع بزوغ فجر أول أيام العيد يتجه المقدسيون للمسجد الأقصى لأداء صلاتي الفجر والعيد، وفور انتهاء صلاة العيد، وبالتزامن مع احتفالات دينية صغيرة، يتجمع رجال كل عائلة من عائلات المدينة في زاوية يتبادلون خلالها التهاني قبل الانتقال إلى المقابر، وثم معايدة الأرحام.

BD32B0F3-1EDD-4353-8810-868D39AB3180.jpeg
 

وزيارة المقابر هي واحدة من عادات المقدسيين المتأصلة في العيد؛ حيث يذهب رجال العائلات إلى مقبرتيّ الأسباط والرحمة الملاصقتين لـ "الأقصى" ومقبرة المجاهدين في شارع صلاح الدين؛ ومنهم من يُوزع القهوة السادة والتمور والكعك هناك عن أرواح أمواتهم.

46374FBB-3D60-4039-AB30-9D4F9B228222.jpeg
 

فطور العيد..

يتجه المقدسيّ لمعايدة أهل بيته؛ ويتناول فطور العيد الذي يتكون بالأساس من الكعك المقدسي المميز بالسمسم؛ والبيض المشوي في نخالة الخشب وقد يَحضر الحمص والفلافل على مائدة فطور العيد.

طقوس قديمة

أما نساء القدس، فما زلن يحافظن على صناعة كعك العيد في المنازل بجميع مراحله، لكن وتيرة صُنعه منزلياً باتت أقل، حيث يتجه البعض لشرائه جاهزاً من محلات الحلويات، وفق الناشطة في مجال التراث الفلسطيني المقدسي فاطمة الصوص.

38C0D1A7-DA3F-4AB2-8A27-FA2FF3B56460.jpeg
 

وتستذكر "الصوص" في حديث مع "وكالة سند للأنباء" كيف كانت تصنع برفقة والدتها "أساور الكعك" في منزلهم في حيّ الشرف ببلدة القدس القديمة؛ فكانت تُحضر الماء لعجن الكعك بالجرار الفخارية من "عين الصليب" قرب باب الخليل حتى منزلهم".

وتضيف: "كنا نصنع صينية خاصة للجيران ونجهزها بالفرن قبل أن تجهز الصواني الخاصة بنا؛ فتتبادل النساء الكعك وتُطعم كل منهنّ الأخرى".

كما كان النسوة يعملن على تطريز وتجهيز أثوابهنّ، الخاصة بالأعياد، يدوياً في المنزل أو عِند الخياطين، بينما يحضرن القهوة بالأواني النحاسية بجانب أساور الكعك لسفرة الضيافة.

صندوق العجايب..

"تعال اتفرج يا سلام على عجايب الزمان"، عبارة عادت بـ "فاطمة" للماضي وهي تستذكر فرحة الأطفال بـ"صندوق العجايب" الذي كان يعرض صورا تاريخية للقدس وصورا أخرى لقصص العرب القديمة، وأما الأكبر سِناً فكانوا يتجهون لسينما القدس في شارع الزهرة أو سينما الحمراء في شارع صلاح الدين لمشاهدة الأفلام المصرية.
 

051DD651-B4B4-485A-A26F-E76A4EC726F2.jpeg

 

وفي محاولة للحفاظ على طقوس الطفولة في عيد القدس، تُقيم بعض المؤسسات المقدسية مهرجانات خاصة بالأعياد يتخللها عروضًا للأطفال وفعاليات رياضية وثقافية متنوعة، تبعًا لـ "الصوص".

وتردف: أن "التغيير في العادات لا يقتصر على العيد، إنما على كُل المناسبات الاجتماعية والثقافية في القدس، وهو ما دفعني مع ثلة من النساء المقدسيات للعمل على بازارات ومهرجانات خاصة لإحياء التراث، وإعادة ربط الجيل الجديد بالعادات الشعبية".

وتلفت إلى أن الشباب المقدسي يجتهد في الحفاظ على عاداته وتقاليده في في ظل محاولات الاحتلال المستمرة في طمس الهوية الثقافية والتراثية لمدينة القدس وشبابها؛ وأيضاً التطور التكنولوجي الذي ألغى الكثير من الطقوس الجميلة التي كان يعيشها المقدسيّ في مناسباته.
 

4859D135-0C44-4ACE-9A4D-C42BA440C777.jpeg

F8476437-4231-4A10-9DFB-15D97B27334E.jpeg
 

B207B784-81C8-45A4-BFD7-B4C3B2070B93.jpeg