الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال "فدوى" و"منذر".. نموذجٌ مصغر لمعاناة الفلسطينيين في غياب الوالدين قسرًا

حجم الخط
أبناء الأسيرة فدوى حمادة
غزة/ القدس – أحلام عبد الله – وكالة سند للأنباء

ست سنوات عجاف، عاشها أطفال الأسيرة المقدسية فدوى حمادة منذ اعتقالها عام 2017، كابدوا خلالها ألم البعد عن حنان الأم، رغم وجودهم في حضن والدهم، الذي كان يسعى بكل ما أوتي من حب وعطف تعويضهم عن غيابها.

لكن أطفال الأسيرة الذين لم يتجاوز عمر أصغرهم 6 سنوات وأكبرهم 12 سنة، كانوا على موعد آخر من الحزن والفراق، عندما تسلل لهم نبأ اعتقال والدهم منذر حمادة (36 عامًا)، وزجّه في سجون الاحتلال في 12 كانون ثاني/ يناير الجاري، وتمديد اعتقاله لخمسة أيام للتحقيق، لتترك مهمة رعايتهم لجداتهم.

"لم تجف عيون الأطفال منذ اعتقال والدهم، الحزن يسيطر عليهم، عاشوا فراق أمهم ووالدهم على الرغم من صغر سنهم"، بتلك الكلمات بدأت جدة الأطفال لوالدتهم أمل ربايعة (55 عامًا) وصف حال أحفادها بعد اعتقال والدهم مؤخرًا.

واعتقلت قوات الاحتلال الأسيرة فدوى حمادة في 12 آب/ أغسطس 2017، بتهمة محاولة تنفيذ عملية طعن، ليصدر عليها حكمًا بالسجن لعشر سنوات، وغرامة مالية بقيمة 30 ألف شيكل.

في حضانة الجدة..

تقول الجدة "ربايعة" التي تحتضن الأطفال الخمسة بعد اعتقال والدهم، وتشاركها بذلك جدتهم لوالدهم: "فدوى لديها 5 أطفال وهم حمادة (12 عامًا)، وسدين (11 عامًا)، ومحمد (9 أعوام)، وآدم (8 أعوام)، ثم أخيرًا الطفلة مريم (6 أعوام)، وأقوم أنا وجدتهم لأبيهم برعايتهم خلال هذه الفترة".

وتشير "ربايعة"، إلى أن الأب "منذر" تعرض للاعتقال والاستدعاء للتحقيق أكثر من 10 مرات منذ اعتقال زوجته، لكن كان يتم الإفراج عنه في اليوم نفسه، وفي إحدى المرات اعتقل ليوم واحد وأفرج عنه في اليوم التالي".

لكن هذه المرة اعتقلت قوات الاحتلال "منذر" من مكان عمله، ومددت توقيفه لخمسة أيام، تصف جدتهم قسوة هذه المدة بالقول "تمر كخمس سنوات على أطفاله".

323693098_668626951614432_4854689106484581978_n.jpg
 

النزهة الأخيرة..!

لم يأل الأب جهدًا في رعاية أطفاله الخمسة منذ اعتقال والدتهم، كان يحرص دائمًا على وضعهم النفسي، ويحاول تعويض غياب أمهم، وفق ما تحدثت به الجدة لنا.

وتكمل: "كان منذر يحاول جاهدًا خلق أجواء من الفرح في المناسبات والأعياد وشهر رمضان والإجازات، حتى لا يشعرهم بغياب والدتهم عنهم منذ ست سنوات (..) كان نعم الأب ونِعم الصديق".

وقبل اعتقاله بيوم، اصطحب "منذر" أطفاله في نزهة، واشترى لهم الهدايا، لكن الاحتلال نغص فرحتهم وحرمهم من اللعب بها مع والدهم عندما اعتقلهم في اليوم التالي".

أما عن وقع نبأ اعتقاله على قلوب أبنائه تقول "ربايعة": "كان وقع الخبر قاسيًا وشديدًا على الأطفال، منذ اعتقاله لم تجف دموعهم؛ حزنا على والدهم الذي عوضهم عن حنان أمهم".

322214689_1004344413859507_3018973209215326923_n.jpg
 

وتعلّق أطفال الأسيرة "فدوى" بوالدهم، الذي أصبح الأم والأب لهم، ورافقهم بتفاصيلهم الصغيرة، في ظل حرمان الاحتلال لهم من حقهم الطبيعي بوجود والدتهم بجوارهم في أهم مراحل حياتهم، تبعًا لضيفتنا.

ولم يكن خبر اعتقاله صادمًا للأطفال وحدهم، فقد ارتجف قلب أمهم الأسير خوفًا وقلقًا على أطفالها عندما علمت باعتقال زوجها، وعن ذلك تحدثنا والدتها: "لم تحتمل فدوى سماع خبر اعتقال زوجها، اتصلت بي من سجنها بصوت باكٍ وتسأل: لماذا اعتقلوا منذر؟، وكيف حال أولادي؟، وطوال المكالمة وهي توصيني بالأطفال".

وتأمل "ربايعة" أن يخرج "منذر" في أقرب وقت لأطفاله، الذين تذوقوا مرارة فقدان الأم والأب منذ صغرهم.

وضع صحي ونفسي صعب..

ولا تعاني الأسيرة فدوى حمادة ألم البعد عن أبنائها فقط، لتجتمع عليها آلام وأوجاع جسدية ونفسية، حيث عانت العام الماضي من كسر في قدمها، ولا تزال تعاني من مضاعفاته حتى الآن، وفق والدتها.

وتمضي في وصف حال ابنتها: "فدوى تشكو الآن من آلام في قدمها الأخرى، وتعاني من مغص مستمر والتهابات، إلى جانب حساسية في جلدها "أكزيما"، إلى جانب وضعها النفسي المتدهور".

وتحكي والدتها عن وضعها النفسي: "خلال زيارتي لها تبقى فدوى شاردة الذهن معظم وقت الزيارة، ولا تنتبه إلا حين أنادي عليها بصوت مرتفع".

وتقبع الأسيرة "حمادة"، حاليا بزنانة في سجن الدامون منذ شهر ونصف، بتهمة رشقها الماء على السجانة، ولا يتم السماح لها بالخروج منها سوى مرة واحدة في الأسبوع للاستحمام وتغير ملابسها، كما أنها تعرضت للعزل 330 يوما على فترات متباعدة، وفق "ربايعة".

الاعتقال وسيلة لتشتيت العائلة..

من جانبه، يقول رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب، إن "اعتقال سلطات الاحتلال للأسير منذر حمادة ومنعه من لقاء محاميه هو إجراء ظالم، بحق أبنائه وأطفاله، كون أن الأم مغيبة منذ 6 سنوات داخل سجون الاحتلال".

ويتابع "أبو عصب" حديثه لـ"وكالة سند للأنباء": "اعتقال منذر انعكس سلبا على الأسيرة فدوى التي تعاني من مشاكل صحية وهي بأمس الحاجة لمؤازرة زوجها وزيارته لها، خلال سنوات اعتقالها".

ويشير إلى أنه في حال تم الإفراج عن الأسير "حمادة" فإن الاحتلال سيمنعه من زيارة زوجته لعدة أشهر؛ كونه كان أسيرا، الأمر الذي سينعكس سلبا على الوضع النفسي لزوجته داخل السجن".

ويرى ضيفنا أن الاحتلال يهدف من اعتقال "منذر" تشتيت عائلته، وزيادة معاناة أهالي الأسرى، وإدخال القهر لقلوبهم، مضيفًا:"اعتقال الأب والأم سينعكس سلبا على أطفالهم الخمسة، وستكون آلامهم مضاعفة".

ويتهم الاحتلال منذر حمادة بـ "التآمر من أجل القيام بعمل تخريبي"، وهي تهمة فضفاضة، قد تكون بسبب كتابة منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أو التواصل مع جهة معينة، وبالتالي لاتوجد معلومات رسمية مؤكدة حول تهمته، بحسب "أبو عصب".

وتحتاج الأسيرة "فدوى" لرعاية وعناية طبية من قبل زميلاتها الأسيرات، ويلفت "أبو عصب" إلى أن اعتقال زوجها سيزيد من همها ووضعها النفسي.

ويرى أن الاحتلال يسعى لتصدير الأسيرة "فدوى" ومعاناتها لتكون "عبرة ونموذجًا لكل الفلسطينيات، إذا حاولوا السير على نهجها".

ويقبع في سجون الاحتلال 420 أسيرا مقدسيا، منهم 13 أسيرة، و45 طفلًا، من إجمالي 4700 أسير في سجون الاحتلال.