الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تحليل تصريحات "العاروري" و"عيسى".. تحذيرات ما قبل النار ورسائل مختلفة

حجم الخط
المواجهة العسكرية بعد تصريحات قادة حماس.png
غزة/ رام الله - وكالة سند للأنباء

في الآونة الأخيرة ازداد الاهتمام إعلاميًا وشعبيًا بمسألة المواجهة العسكرية التي قد تندلع مع حلول شهر رمضان المبارك، بين فصائل المقاومة بغزة والاحتلال، على وقع الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس، وما يُفرض من تشديدات على الأسرى في السجون تنفيذًا لأوامر وزراء في حكومة الاحتلال المتطرفة.

ترافق هذا الاهتمام مع تصريحات انتشرت على لسان مسؤولين كبيرين بحركة "حماس" على مدار يومين متتالين، حذرا فيها من تداعيات المساس بالوضع القائم في المسجد الأقصى، والأسرى في السجون، وهذا يعني أن "غزة لن تبقى صامتة وستتدخل مباشرةً حين يلزم الأمر"، تبعًا لتصريح أحدهما.

نائب رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" صالح العاروري قال إن صبر حركته على الاعتداءات الإسرائيلية بدأ ينفذ وأنها ستكون عند ثقة شعبها بها ، مشددًا أنهم لن يسمحوا للاحتلال بالتفرّد بالأسرى، وأن أي اعتداء يمس حياتهم ويمس كرامتهم سيقابل برد.

صالح العاروري.jpg
 

وأشار العاروري في تصريحات نشرها موقع "حماس" الرسمي أمس الثلاثاء إلى أنّ "الفلسطينيين سيواجهون بردٍ قويّ محاولات الاحتلال توظيف شهر رمضان لفرض سياستها في القدس، عبر السماح للمستوطنين بأداء طقوسهم".

وأكد على ضرورة تعزيز بيئة المقاومة المتصاعدة في الضفة وحمايتها، داعيًا لتشكيل لجانٍ شعبية ميدانية موسّعة في الضفة الغربية لمواجهة المستوطنين وحماية القرى والبلدات الفلسطينية.

أما نائب القائد العام لـ "كتائب القسام" مروان عيسى، فقد حذر اليوم الأربعاء صراحةً من أن أيّ تغيير في الوضع القائم بالمسجد الأقصى سيُحدث زلزالًا في المنطقة ، موضحًا أن  "إتاحة الفرص للمقاومة في الضفة الغربية لا يعني تركها، ولا يعني بقاء غزة صامتة، وسيكون التدخل مباشرًا حينما يستدعي الأمر".

هذه التحذيرات تفرض مجموعة من السيناريوهات "الساخنة" على الطاولة في ضوء الأحداث التي تشهدها الضفة، وتترك سؤالا حول خيارات المواجهة المفتوحة الممكنة مع استحقاقين مهمين في شهر رمضان أولهما إضراب الأسرى المرتقب رفضًا لإجراءات إيتمار بن غفير الانتقامية؛ ثم ما يُعرف بـ "عيد الفصح" العبري، وما يُرافقه من دعوات إسرائيلية لاعتباره لحظة مواجهة وفرض وقائع تهويدية فيه.

جدية وحذر..

الكاتب السياسي طلال عوكل، يؤكد على أهمية هذه التصريحات؛ لا سيما تلك التي خرجت من مروان عيسى بوصفه قليل الظهور إعلاميًا، علاوة عن موقعه كنائب لمحمد الضيف، وما يحمل ظهوره من رسائل خاصة على صعيد قرار واستعداد "القسام" في سياق المواجهة.

ويقول عوكل لـ "وكالة سند للأنباء" إن الاحتلال وضع خطوط حمراء لضمان عدم تدخل غزة عند إطلاق عمليته "حارس الأسوار" في مارس/ آذار 2022؛ لكنّه تخطاها بجرائمه وسياساته التي تعبر عن وحشية الحكومة والمشروع الصهيوني في آنٍ واحد.

ويشير إلى أنّ حسابات تدخل غزة كانت حاضرة دائما على الطاولة؛ لكنّ ثمة قراءة سياسية لديها حول إتاحة الفرصة للمقاومة المتنامية في الضفة، إلى جانب الخلافات الداخلية في "إسرائيل" والتمزق الذي تعيشه وما فرضه من ضرورة تحييد غزة عن العمل المباشر القوي.

ويرى أن الاتفاق الذي أُبرم مؤخرًا بين السعودية وإيران، أوصد باب التصعيد من حكومة الاحتلال تجاه إيران، فدفع بها تجاه الخاصرة الرخوة في الضفة والقدس، وهذا ما يفرض معادلة التدخل لدى المقاومة في غزة بعدم السماح للاحتلال الاستفراد بها.

ويؤكد عوكل أن "الحسابات السياسية التي وضعتها المقاومة وقرأها الاحتلال، مثّلت قاعدة للأحداث خلال الفترة الماضية؛ وهذا ربما دفع المقاومة لقلب الطاولة مجددا عبر هذه المواقف التي تعني بالضرورة العودة لمربع الحسابات الأولية التي تستدعي تدخل غزة عمليا وبشكل مباشر فيها".

تعليق استثنائي..

من جهته تطرق المحاضر في جامعة النجاح الوطنية عمر جعارة إلى تناول وسائل الإعلام الإسرائيلية لتصريحات "العاروري" و"عيسى" وإذاعتها على قناة 12 بشكلٍ مباشر، مشيرًا إلى أن مسؤولين علقوا عليها بالقول: ""سنواجه بسلاح غير مسبوق في ظل وضعنا الداخلي".

ويعتقد جعارة في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أن هذه التصريحات جاءت لتفاقم الوضع الداخلي الإسرائيلي، في ظل النزاع التاريخي بين مكونات الاحتلال وأزماتهم التي يرجعون أسبابها إلى بنيامين نتنياهو وفق استطلاع جديد.

ويُتابع: "يُمكن القول أن هذه التصريحات أثارت رعبا مباشرا في الخطاب السياسي والعسكري لدى الاحتلال؛ نتيجة ضعف سياسي قد يقود لإنجاز يحققه الفلسطينيون قريبًا".

صواريخ المقاومة.webp
 

ومن وجهة نظر جعارة فإن المعركة التي تقودها فصائل المقاومة ستربح بشكل مسبق، لأن الأمر يتعلق بوضع تاريخي يحاول الاحتلال المساس به، لافتًا إلى أنّ الوضع الداخلي بـ "إسرائيل" للمرة الأولى يشعر بوجود رغبة من حكومة اليمين، تدفع الساحة إلى حرب استنزاف لصالح البقاء في الحكم.

ويزيد: "هذا الخلاف يعني أن المجتمع الإسرائيلي لم يعد لديه قبول لفكرة الحرب لمجرد الحرب أو لمكاسب ذاتية يُحققها نتنياهو، فهو يُدرك أن الحكومة تدفعهم لهذه الحرب دون عائد لهم".

تعزيز رمزية حضور المقاومة..

من ناحيته يرى المختص بالشأن الأمني محمد لافي أن تصريحات العاروري المباشرة والواضحة التي تحدث فيها عن نفاد صبر المقاومة، إلى جانب ما حدث في العقبة وما سيحدث في شرم الشيخ، والجرائم المتتالية في الضفة، دفعت نحو استراتيجية "تعزيز رمزية حضور المقاومة أمام الاحتلال".

ويعتبر "لافي" لـ "وكالة سند للأنباء" أن منظومة العمل المتعاقبة لمواجهة أعمال المقاومة، سواء في قمة العقبة سابقًا أو شرم الشيخ لاحقًا، تشكل مساسًا مباشرًا في المقاومة، وتستدعي توجيه رسائل واضحة تحمل في طياتها مبدئيا الردع للاحتلال.

فصائل المقاومة.jpg
 

ويقرأ هذه التصريحات: "هي رسالة مباشرة من حماس وقادتها، نحن حاضرون كما أنتم، يعني أن جميع الخيارات حاضرة وفي قلبها الخيار العسكري".

"معركة لا يُمكن حسمها في وجولةٍ واحدة"..

أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة وليد المدلل، فقد عدّ الرسائل التي أوصلتها "القسام" عبر القيادي الثاني فيها، دلالة واضحة بأن تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية يُلزم المقاومة التدخل، وإيصال رسائلها بقوة رداعة للاحتلال.

ويُشير إلى حديث مروان عيسى بشأن إتاحة الفرصة للضفة والقدس، قائلًا: "هذا يعني أن المعركة مع الاحتلال طويلة ولا يمكن حسمها في جولة واحدة وهناك حاجة لاستحضار كوامن القوة بالطرف الفلسطيني لمواجهة الاحتلال".

لكنّه يرى في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" بأن التركيز على تدخل غزة في المواجهة، ضار بالحالة الوطنية باعتباره استنزاف للقوة التي تمت مراكمتها تدريجيًا وبشكلٍ متواضع مقارنة بحجم قوة الاحتلال وترسانته العسكرية، مؤكدًا أن حضورها على مدار سنوات مضت كان واضحًا في ساحة المواجهة.

ويطالب المدلل بالحفاظ على هذه القوة وعدم استنزافها والإبقاء على حالة المشاغلة مع الاحتلال وهو ما يتطلب تفعيل الساحات الأخرى في الضفة والقدس _تبعًا لوجهة نظره_ بما يضمن الحفاظ على المقاومة بغزة ويعطيها مزيدًا من الوقت لتراكم رصيدها كمًا ونوعًا.

ويُردف أن حالة الاحتقان لا زالت موجود وهناك رهان على تغيير ميزان القوى في المنطقة والذي قد يميل الآن لصالح الاحتلال لكن هذه الحالة ليست قدرًا ولن تستمر طويلاً في ظل استطفافات جديدة بالمنطقة قد تخدم المقاومة والمعركة مع الاحتلال ليست جولة واحدة وبحاجة إلى إسناد كافة الساحات.

ويختم المدلل حديثه بالتأكيد على أهمية التلويح بسلاح المقاومة في ظل التوقعات بإقدام الاحتلال على أعمال إرهابية وغير منضبطة لا سيما في شهر رمضان، لكن "الأفضل استخدامه بالطريقة المناسبة في معركة قادمة تثبت أن المقاومة جديرة في الحفاظ على قوتهما ومراكمتها".