الساعة 00:00 م
الجمعة 19 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
5.35 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.79 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"تحليل".. هل تريد "إسرائيل" الهدوء في رمضان أم تمهّد لتصعيد محتمل؟

حجم الخط
336636228_210807214881327_1585209698313297863_n.png
يوسف فقيه - وكالة سند للأنباء

منذ أسابيع، وأبواق الاحتلال تكثّف الحديث حول حالة "الهدوء" في شهر رمضان المبارك، وإمكانية التصعيد، لا سيما عقب الاجتماعات واللقاءات الفلسطينية– الإسرائيلية برعاية ثلاثية من الأردن ومصر والإدارة الأمريكية في العقبة وشرم الشيخ؛ بحثًا عن "الهدوء".

محللون سياسيون ومختصون يرون في أحاديث منفصلة لـ "وكالة سند للأنباء"، أن كثرة الحديث الإسرائيلي عن الهدوء خلال شهر رمضان، والمخاوف من حالة المواجهة، تحمل في طياتها تهيئة لمخطط أو مشروع إسرائيلي خلال هذه الفترة.

ويبيّن ضيوف سند، أن تل أبيب تريد الهدوء على طريقتها من طرف واحد، ولا تعمل على الأرض ما يحققه، بل تصعِّد فرص المواجهة خاصة في الضفة الغربية.

صحيفة "هآرتس" العبرية، لم تُخفِ في افتتاحيتها الاثنين الماضي، توقعها لتصعيد إسرائيلي محتمل في رمضان، بقولها: "شهر رمضان تحوّل بالفعل لموعد إسرائيلي محكوم عليه بالكارثة، إلّا أنه وفي ظل الحكومة الخطيرة والجامحة برئاسة رئيس وزراء شارد الذهن، تطور شهر رمضان وتحول إلى اختبار أسمى للقومية والسيادة، وبعبارة أخرى استعراض القوة الإسرائيلية".

مخطط "بن غفير"

المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد، يرى أن الاحتلال يخطط لمشروع معين خلال شهر رمضان، ويسير به بشكل هادئ في ظل حالة التضخيم بالحديث عن الهدوء في هذه الفترة.

ويوضح في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "الفترة المقبلة ستشهد تعقيدًا بتزامن الأعياد اليهودية مع شهر رمضان، وتواجد مئات الآلاف من الفلسطينيين واليهود في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي، وصعوبة خيار منع الطرفين من التواجد أو السماح ضمن ضوابط معينة غير مقبولة".

ويعتبر "شديد" أن الاحتلال يريد أن يخلق واقعًا جديدًا يتم تبنيه في المنطقة عربياً وفلسطينياً ومن دول العالم، بأنه لا مشكلة بالاحتلال والاغتيال والإعدامات بل أن المشكلة تكمن فقط في العمليات الفلسطينية، وعلاجها يتطلب تقوية السلطة ووقف التحريض وردع سلوك حماس والجهاد، وفق قوله.

ويكمل: "التفكير والمخطط الإسرائيلي يربط سبب كل الأزمات بالفعل الفلسطيني، وليس الاحتلال وجرائمه، ويسعى لأن لا يتحدث أحد عن السلوك الإسرائيلي من اقتحامات وتوغل وإعدامات".

ويشير ضيفنا إلى أن التفكير الإسرائيلي يقوم على ضرورة استمرار عمليات القتل والاعتقال وكل أشكال الجرائم بحق الفلسطينيين، ويمنع أن يسمع كلمة "لا"، وأن أي رد فلسطيني لا ينظر له على أنه دفاع عن النفس أو بسبب السلوك الإسرائيلي، وإنما هو بسبب العناد الفلسطيني ورفض الوجود الإسرائيلي، وهو يستوجب زيادة وتيرة العدوان من الاحتلال.

وحول قدرة مؤتمرا شرم الشيخ والعقبة على تحقيق حالة الهدوء في المنطقة، يرى شديد أن الهدوء مرتبط بالاحتلال وسياسياته، وكلما خفت انتهاكات الاحتلال كلما خفت الحالة الكفاحية، لكن دون أن تنتهي.

لكن، تبقى المسألة وفق "شديد"، بـ هل سنرى في الميدان نتيجة لاجتماعات شرم الشيخ، وهل سيتوقف السلوك الإسرائيلي. معتبراً ان تراجع اسرائيل عن عمليات الاقتحام والاغتيال سيشير الى أن هناك مشروعاً لم تتضح صورته يراد تمريره.

إجراءات غير مسبوقة

من جانبه، يقول رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض، إن الاحتلال وعبر الترويج للبحث عن حالة الهدوء خلال رمضان يهيئ الوعي لاتخاذ إجراءات مسبوقة، خلال هذه الفترة؛ بحجة محاربة العمليات ووقف المواجهة، كونه يكرر منذ أسابيع أن شهر رمضان سيشهد مواجهة كبيرة وتصعيد بالعمليات، وأن تل أبيب تنشد الهدوء.

ويرى "عوض" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" أن إسرائيل لا تريد أن تقدّم للفلسطينيين أي شيء ولا تريد الاعتراف بحقوقهم، ولهذا السبب تتحدث عن شهر رمضان لتمرير اجراءات غير مسبوقة لمحاربة العمليات، وعدم منح تسهيلات، والدفع بالقوات نحو سلوك عدواني أكثر، حسب قوله.

ويكمل: "الهدوء بالنسبة للإسرائيليين برمضان يعني فقط عدم المس بالمستوطنين والجنود مهما فعلوا، فالإسرائيلي يرى أن الاحتلال منظومة جميلة تقدم الخير، وأن الهدوء هو عدم خرق قانون الاحتلال، وذلك الفلسطيني كل ما يحتاجه فقط تصريح عمل ويعود لبيته، ولا يطالب بأحلام وطنية في ظل استمرار القتل والجرائم".

ولم يعد الإسرائيلي، وفقاً لعوض، يطالب بالسلام مقابل الأمن، أو السلام مقابل الاقتصاد، إلا السلام مقابل أن يعيش بهدوء، وهو يصادر أراضٍ بالضفة ويواصل الجرائم والاستيطان، ويفهم الهدوء أن يصمت الفلسطيني ولا يُقدم على أي عمل يمس بقوات الاحتلال.

ويقول: "تصريح الوزير سموتريش كان أكثر صراحة في موقفه بأنه لا وجود لشعب فلسطيني وأنها أرض إسرائيل، وتم العودة إليها، وهناك سكان (في إشارة للفلسطينيين) يمكن أن يعيشوا في هذه الأرض".

يرى "ضيف سند" أن الاحتلال لا يقرأ الواقع، ويضع أوهامًا ويطبّقها، فيرجع سبب المقاومة الفلسطينية (حالة اللا هدوء) هي التحريض، وأن هناك رجال دين ووسائل التواصل وزعماء يحرضون ويدعون للمواجهة، وينكر حقيقة أن الاحتلال وجرائمه سبب المقاومة.

ولا يعتقد "عوض" أن التفاهمات في قمة شرم الشيخ قادرة على جلب الهدوء للمنطقة، إذ أن ما يعيشه الشاب الفلسطيني تجاوز كل الاتفاقيات، ولا أحد يستطيع أن يضمنه في ظل تراخي الفصائل وتراجع دور السلطة.

ولا يستبعد عوض أن تدفع الوحشية الإسرائيلية بالشارع الفلسطيني للبحث عن تنظيم وتنسيق لكل العمليات الفردية، مما سيدخل المواجهة مرحلة تاريخية مختلفة عن الانتفاضة الأولى والثانية، تبعًا لقوله.

هدوء بالتدجين

من ناحيته، يشير الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إلى أن حديث الاحتلال المتكرر عن الهدوء والمخاوف من المواجهة في رمضان، ضمن مساعيه للبحث عن الهدوء الشامل بالضفة والقدس وتفكيك حالة المقاومة وصولاً إلى حالة هدوء شاملة مؤسسة على هندسة وتدجين الفلسطيني، تقوم على رؤى اقتصادية معينة، بحيث أن الجماهير لا تقوم بواجبها النضالي في مواجهة الاحتلال.

ويقول "عرابي" لـ "وكالة سند للأنباء": "الاحتلال ليس معنياً بحالة المقاومة في الضفة الغربية، ويحاول إحلال حالة هدوء سواء بالأدوات الخشنة، من الاقتحامات والاغتيالات والقتل أو محاولة فرض الهدوء عبر أدوات ناعمة كالتسهيلات الاقتصادية، وتخفيف المواجهة الأمنية، لكن الاحتلال في أزمة وحالة ارتباك شديد".

ويوضح: "إذا لم يلجأ الاحتلال إلى الاقتحامات والاغتيالات، فإن حالة المقاومة ستتطور، وإذا لجأ إليها فإن ذلك سيستدعي روح الانتقام والثأر ويذكي روح المقاومة بالضفة".

احتمالات قائمة

ومع ذلك، يرى "عرابي" أن احتمالات المواجهة في رمضان قائمة؛ لأن حالة المقاومة موجودة وتواجه بتصعيد إسرائيلي، إضافة إلى أن سياسات الاحتلال تجاه المسجد الاقصى غير واضحة في رمضان من حيث التسهيلات والسماح بوجود الفلسطينيين بالأقصى، واقتحامات الأقصى وأداء الطقوس والسجود الملحمي للمستوطنين.

ويردف: "كلها عوامل تنطوي على عوامل صدام، وتفجير بالإضافة الى إضراب الأسرى خلال شهر رمضان، وهذه الأسباب الموضوعية تزيد من احتمالات المواجهة".

وترتبط سلسلة الهبات التي تحدث منذ 2015 وصاعداً إلى حد كبير بالمسجد الأقصى والقدس، وفق "عرابي"، متسائلًا: "هل سيتمكن الفلسطينيون من أن يكون لهم وجود كبير؟ وهل سيكون هناك اشتباكات من شأنها استدعاء التفاف فلسطيني تزامن الأعياد اليهودية مع رمضان مع سياسات اقتحامات تخلق نوع من الترقب الفلسطيني".

وحول قدرة مخرجات مؤتمر شرم الشيخة على فرض حالة الهدوء التي يريدها الاحتلال، يرى "عرابي" أن حالة المواجهة الموجودة في الضفة الغربية منذ 2014 غير رسمية، وليست بقرار السلطة كي تتوقف على نحو سريع.

ويستدرك: "إذا ما نجحت هذه الاجتماعات فإن القرارات المتعلقة بالمقاومة لن أثرها سريعاً ومباشراً لان الموضوع غير مرتبط بقرارات، وإنما إجراءات للسلطة التي هل ستضع نفسها في مواجهة مع الجماهير".