الساعة 00:00 م
الثلاثاء 30 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

خاص بالفيديو أم شادي غنيم ورمضانها المختلف.. زوجٌ وأبناء غيّبهم الاحتلال عن مائدة الإفطار

حجم الخط
جنين - وكالة سند للأنباء

"لم أعد أطيق إعداد الطعام، فكل طبخة تأخذني بالذكريات لأحد الأحبة الغائبين"، هكذا أوجزت السيدة شادية غنيم "أم شادي"، واقعها الصعب الذي تحياه في شهر رمضان الفضيل، في ظل غياب خمسة من أفراد أسرتها، ما بين شهيد وأسير ومطارد.

تجلس "أم شادي" قرب صور ابنيها الشهيدين نور ومحمد في منزلها ببلدة برقين غرب جنين، محملة بحنين وحزن لا تطيقه الجبال، وقد غاب عنها أبناؤها الشهداء، إضافة لابنها الأسير شادي، ونجلها أحمد المطارد للاحتلال، وزوجها الأسير سامي غنيم، وتردد: "تحوّل شهر رمضان هذا العام لشهر من الوجع والألم في ظل غيابهم جميعهم".

ترمق "أم شادي" صور أحبتها وتعود بذاكرتها لشهور رمضان السابقة في حضرة الغائبين اليوم وتقول: "اعتاد ابني الشهيد نور يومياً في رمضان، العودة من العمل والذهاب ليخلد للراحة حتى قبيل أذان المغرب، والطلب مني أن أوقظه قبل الأذان بخمس دقائق".

تصمت قليلًا قبل أن تواصل حديثها لـ "وكالة سند للأنباء": "في كل يوم منذ بداية شهر رمضان وقبل الأذان بخمس دقائق، استشعر أني يجب التوجه لغرفة نور لأوقظه، لكن سريره الآن بات فارغاً وإلى الأبد".

وتسهب "أم شادي" بسرد ذكرياتها مع أبنائها في رمضان: "عودة نجلي الشهيد محمد من الداخل المحتل بعد أسابيع من العمل، هي أجمل تلك اللحظات بالنسبة لها، فقد كان يتعمد إخفاء موعد عودته لتكون مفاجأة سعيدة لنا، ليصلنا قبيل الإفطار".

وارتقى الشقيقان الشهيدان نور الدين غنيم (25 عامًا)، ومحمد غنيم (28 عامًا) سوياً، خلال المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين، يوم الخميس 26 يناير/ كانون ثاني الماضي، والتي أسفرت عن ارتقاء عشرة شهداء، وإصابة نحو عشرين مواطنا.
 


اعتقال الزوج والابن البكر..

ويغيب عن مائدة السيدة أم شادي إضافة لنجليها الشهيدين، زوجها سامي غنيم، الذي اعتقله قوات الاحتلال في 17 يناير الماضي، في سبيل الضغط عليه لتسليم أبنائه المطاردين، وحوّله للاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، ليحرم من وداع أبنائهم وتشييعهم.

في حين، اعتقل ابنها البكر "شادي" (36 عامًا) في 7 فبراير/ شباط الماضي وحُوّل هو أيضًا للاعتقال الإداري لستة شهور ويترك مقعده هو الآخر فارغاً في رمضان، ويكتمل الألم، وتضيق الدنيا بما رحبت على قلب "أم شادي".

وعن حالهم على مائدة الإفطار، تحدثنا: "حفيدي مجد من ابني المطارد أحمد، عمره ثلاث سنوات، يجلس يومياً على كرسي جده ويقول: سأبقى أجلس هنا حتى يعود جدي من السجن"، وتعلّق: "إذا كان هذا الطفل الصغير يشعر بالفَقد رغم صغر سِنه، فكيف بنا نحن الكبار؟!". 

مطارَدٌ للاحتلال..

وعن المقعد الخامس الفارغ على مائدتها، يغيب "أحمد" عن موعد الإفطار مع عائلته، وذلك بعد نجاته من الاستهداف الذي ارتقى خلاله "محمد" و"نور".

وعن حال "أحمد" تخبرنا "ضيفة سند": "أصيب بجراح عند استشهاد محمد ونور، لكن لطف الله كتب له عمراً جديداً، وبحكم الخطر المحدق به يغيب عن مائدتنا ليبقى بعيداً عن عيون الاحتلال، وهو أبٌ لولدين وابنتين".

وعن أصعب لحظات يومها تسرد "أم شادي": "التوجه لإعداد الطعام، فيه الكثير من الألم، فكل صنف فيه من الذكريات الخاصة لأحد أبنائي أو زوجي".

وبنبرة تخنقها غصة الفراق تقول: "لم أعد أطيق إعداد الطعام، ووجبتنا خفيفة تهدف فقط لكسر صيامنا، ولتعيننا على إكمال حياتنا والوقوف على أرجلنا".

إلا أن ما يربت على قلب "أم شادي" في مصابها هو شعورها بأن ولدَيها في مراتب عالية من الجنة، وأن الله مع الصابرين وسيوفيهم أجورهم بغير حساب، مضيفة: "هذان الأمران يخففان عني الكثير من الألم، فالأقصى يستحق كل التضحية، والتحرير يستحق".

وتختم: "الاحتلال يسعى لتدميرنا وكسرنا، لكننا سنصبر، وما نعاني منه تعاني منه كل أمهات الشهداء والأسرى (..) العالم كله يشاهد ما يحدث لنا يوميًا، ولا أحد يهتم بما يحصل لنا، لكننا كفلسطينيين نُصّر على الاستمرار حتى التحرير، ولا يمكن أن نتوقف بعد كل هذه التضحيات".