الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

الفتى وديع أبو رموز.. نال الشهادة قبل تأدية امتحانات التوجيهي

حجم الخط
345423888_972043197319393_1198008261342756969_n.jpg
القدس- أحلام عبد الله- وكالة سند للأنباء

مقعد فارغ، واستمارة امتحان لم تجد صاحبها الذي نال الشهادة قبل تأدية الامتحان!، وزملاء طبعوا صورة صديقهم على قمصانهم، ففرحة النجاح لن تزور بيت الشهيد المقدسي وديع أبو رموز، الذي خطفه رصاص الاحتلال الإسرائيلي من حضن والديه، وبات "وحيدهم" شهيدًا قبل أن يلتحق بامتحان الثانوية العامة ويحقق حلمهما بنجاحه وتخرجه.

مرّ اليوم الأول لاختبارات الثانوية العامة صعبًا على قلوب عائلة الشهيد المقدسي "وديع" (16 عامًا)، فمشاعر القلق والترقب لنتيجة الامتحان، تبدلت لغصة فقدانه، وألم فراقه، وتلاشت الأحلام مع ارتقائه في السابع والعشرين من يناير/ كانون ثاني من العام الجاري.

"وديع"، واحد من بين خمسة أقمار، خطفتهم رصاصات الاحتلال من بداية 2023 عن قاعات الامتحان، وهم: محمود السعدي، محمد ماهر تركمان من جنين، أسامة محمود عدوي شمال الخليل، أحمد دراغمة من طوباس، ووديع عزيز أبو رموز من مدينة القدس.

واستشهد "وديع أبو رموز" متأثرًا بإصابته برصاص قوات الاحتلال التي اقتحمت بلدة سلوان جنوب القدس، حيث أصيب بالرصاص الحي في بطنه، في حين لم تكتف سلطات الاحتلال بقتله، واحتجزت جثمانه حتى 31 مايو/ أيار الماضي، وسمحت لعائلته بدفنه وسط إجراءات عسكرية مشددة.

"كان يحلم بعد انتهاء العام الدراسي، بالالتحاق بإحدى الجامعات ويتخصص لقيادة الإسعاف، لكن رصاصات الاحتلال أُطلقت عليه أردته شهيدا"، هكذا بدأ رمزي أبو رموز عم الشهيد "وديع" الحديث عن ابن شقيقه.

ويتابع بحزن شديد: "كان وديع من الطلبة المتفوقين في مدرسته، ومحبوبا بين زملائه، وكانت أمنيته في الحياة أن يُصبح سائق إسعاف ليُنقذ أراوح المصابين والمرضى".

ويكمل حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "كان وديع أكبر من عمره في فهمه للحياة، وكان يسعى لأن يتعلم ويرفع رأس والدته ووالدته والعائلة، وعندما نقول له أنت الآن بالثانوية العامة، يرد بقوله سأرفع رأسكم بعلاماتي".

وبألم يسرد: "أنا بمقام والده تربى في بيتي، لم أستطع أن أحميه من الاحتلال وبطشه، ولكن الله اختاره شهيدا، كان وديع رجل البيت في أيام العطل الصيفية، يعمل ليوفر المال ويساعد عائلته في مصروف البيت، وكان محبوبا من زملائه، ولكنه استشهد في بداية العام الدراسي في الثانوية العامة".

وأمس الثلاثاء، بدأ 87 ألفا و848 طالبًا وطالبة بمختلف المدارس الفلسطينية، امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" للعام 2023.

قتل واحتجاز

وعن يوم استشهاده يحدثنا عم الشهيد: "خرج وديع من المنزل عصرا بعد أن أخبر أمه بأنه يشعر بالملل ولن يتأخر خارج البيت، لكن بعد أقل من ساعة سمعنا خبر إصابته بالرصاص الحي في بطنه، ونقله الاحتلال لمستشفى إسرائيلي، باسم مستعار حتى لا نعرف مكانه".

ويروي بكلمات أثقلها الحزن: "بعد سماعي لخبر إصابته بقيت ساعات غير قادر على الوقوف، فقبل فترة قصيرة سألني: بدك اشي يا عمي؟".

أما والداه اللذان تسيطر عليهما حالة من الصدمة بعد مرور ستة أشهر على استشهاد، وتشييعه في نهاية شهر مايو/ أيار السابق بعد تسليم جثمانه من قبل الاحتلال فلم يستطيعا الحديث لنا.

وبعد إصابته برصاص الاحتلال خلال مواجهات في البلدة، انتظرت عائلة الشهيد وديع 6 أشهر لتتسلم جثمانه، وهي تقلب ذكرياتها مع الابن الذي عرف بتفوقه الدراسي.

خرج ولم يعد..

لم تكتف سلطات الاحتلال بإطلاق النار على "وديع"، وواصلت التنكيل بعائلته لعرقلة معرفة مكان وجوده بعد إصابته واختطافه، وعن ذلك يحدثنا "رمزي": "خرج والد وديع للبحث عن نجله الوحيد في مستشفيات القدس، وبعد عدة ساعات ومحاولات كثيرة، علمنا أن الاحتلال أدخله لمستشفى "تشعاري تصيدق" الإسرائيلي باسم مستعار، إمعانا في تعذيب عائلته".

وأجريت عمليتان جراحيتان لوديع في المستشفى، وأخبرتهم سلطات الاحتلال أن وضعه آخذ بالاستقرار، "لكنهم كذبوا علينا"، يقول عمّ الشهيد.

ويزيد ودموعه تسبق كلماته: "طخوه وما بدهم يعطونا إياه، حرمونا من أبسط حقوقنا بأن نودعه، وتكتموا على خبر استشهاده في حينه تمهيدًا لاحتجاز جثمانه".

ويكمل وصف المشهد: "تلقينا نبأ استشهاد وديع داخل المستشفى، تكتم الاحتلال على الخبر وعرفنا من الخارج باستشهاده ونحن على باب غرفته، وبعدما اتضحت الحقيقة انهال علينا جنود الاحتلال بالضرب والشتائم وطردونا من المستشفى".

ويستطرد: "لم يكتفي الاحتلال بمنع العائلة من وداع وديع، بل اعتدت على أفراد العائلة وأصابت عددا من الشبان بحالات اختناق، بعدما استهدف لمحيط منزل العزاء بقنابل الغاز".

وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة اقتحام منازل الشهداء، واعتقال أفراد العائلة، وصولا لاحتجاز الجثامين، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية، للضغط على عائلات الشهداء والمقدسيين بشكل عام.

وحتى نهاية مايو الماضي، وافقت سطات الاحتلال على تسليم جثمان "وديع"، بشروط "مجحفة"، وتحت إجراءات عسكرية مشددة.

واشترطت قوات الاحتلال على العائلة تشييعه ودفنه بوجود 25 شخصًا من عائلة الشهيد فقط، واحتجزت هواتفهم وبطاقاتهم الشخصية، وأخلت بالقوة عددًا من الفلسطينيين، الذين حاولوا دخول المقبرة والمشاركة في مراسم الدفن، ومنعتهم من دخول المقبرة.

كما مُنعت التكبيرات والهتافات ورفع العلم الفلسطيني خلال التشييع، وأجبرت عائلته على دفع مبلغ 10 آلاف شيكل قبل تسليمه.

ويشير عم الشهيد إلى أن "الاحتلال سعى للسيطرة على الجنازة وإذلال العائلة، فألقينا نظرة الوداع الأخيرة عليه قبل دفنه في المقبرة اليوسفية الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، وسط انتشار مكثّف لقوات الاحتلال".

ويختم بالقول: "ستبقى عائلتنا شوكة في حلق الاحتلال، ولن تترك أرض القدس مهما تعرضنا لاعتداءات وانتهاكات".