الساعة 00:00 م
الأربعاء 08 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.63 جنيه إسترليني
5.22 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.98 يورو
3.7 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

الاحتلال استهدف نحو 200 معلم أثري خلال العدوان

تدمير وسرقة الآثار بغزة.. هكذا تسعى "إسرائيل" لمحو التاريخ الفلسطيني

حجم الخط
آثار غزة.webp
أحمد البيتاوي- وكالة سند للأنباء

سعى الاحتلال الإسرائيلي منذ اليوم الأول في حربه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، لمحو معالم الحياة بكامل تفاصيلها، فقتل وأصاب عشرات الآلاف من البشر، ولم يدع حجرًا على حجر في هذه البقعة الصغيرة من العالم على حاله، فدمّر خلالها معالم التاريخ القديم وسرق آثاراً تعود لآلاف السنين.

وعلى الرغم من صغر مساحة قطاع غزة، غير أن هذه البقعة التي لا تزيد عن 360 كلم، تضم أكثر من 330 موقعاً أثرياً تعود لحقب تاريخية مختلفة.

وتعد غزة من مدن العالم القديمة، حيث خضعت لحكم الفراعنة والإغريق والرومان، والبيزنطيين وانتهاءً بالحكم الإسلامي.

وتاريخياً، اعتبر قطاع غزة نقطة تواصل بين مصر وبلاد الشام والجزيرة العربية، إضافة لكونه يشكل ميناءً بحرياً للتواصل مع أوروبا القديمة اليونانية والرومانية.

وفي بيان سابق للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أشار إلى أن جيش الاحتلال دمّر مساجد أثرية وكنائس، "في محاولة فاشلة لطمس الوجود الثقافي والتراثي الفلسطيني ومحاولة لدثر الشواهد التاريخية والعمق التاريخي الفلسطيني في قطاع غزة".

ويعود أصول هذه المساجد والكنائس، وفق "الإعلامي الحكومي"، إلى العصر الفينيقي والعصر الروماني، وبعضها يعود تاريخ بنائه إلى 800 عام قبل الميلاد، وإلى 1400 عام، وإلى 400 عام.

تدمير أكثر من 200 موقع ومعلم أثري

ووفقاً لوكيل وزارة السياحة والآثار صالح طوافشة، فإن القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 118 يوماً أدى لتدمير حوالي 200 موقع ومعلم أثري، عدا عن مئات المباني القديمة خاصة في حي الدرج وحي الزيتون.

ويشير طوافشة إلى أن الاحتلال دمّر أيضاً غالبية المتاحف الموجودة في غزة والتي يبلغ عددها 13 متحفاً بشكل كلي أو جزئي، مشدداً على أن ذلك الذي يعد انتهاكاً لأحكام البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي ويعد جريمة حرب يجب المحاسبة عليها.

مساجد وكنائس..

ومن بين المواقع والمتاحف الأثرية التي دمرها الاحتلال: المسجد العمري الكبير، والمقبرة الرومانية، ومتحف رفح، ومسجد السيد هاشم، ودار السقا، وقصر الباشا، ومقبرة دير البلح، ومقام الخضر، والكنيسة البيزنطية، والمدرسة الكاملية، ومتحف القرارة، ومتحف جامعة الإسراء.

ولم يكن حمام "السمرة"، الذي شُيِّد في القرن الـ14 بمنأى عن التدمير، على الرغم من كونه آخر حمام عام أثري في مدينة غزة القديمة، وثاني أكبر المعالم الأثرية في القطاع بعد الجامع العمري الكبير، وأحد أهم المعالم المعمارية العثمانية في فلسطين.

ويؤكد طوافشة لمراسل "وكالة سند للأنباء" على أن متحف قصر الباشا الذي يقع وسط غزة هو أحد المباني القديمة التي تعود لبداية الفترة العثمانية ويضم آلاف القطع الأثرية الهامة.

ويضاف لهذه المواقع الأثرية التي هدمها الاحتلال بشكل جزئي دير "سانت هيلاريون" الذي تم إدراجه في لائحة اليونسكو للحماية المعززة، وكان مرشحاً لأن يصبح على قائمة التراث العالمي.

ويقع هذا الدير الذي يعود للعهد البيزنطي، وسط قطاع غزة في المنطقة التي تسمى خربة أم التوت، وتبلغ مساحة الأرض التي بُني عليها 25 دونماً.

سرقة ونهب

وإلى جانب هذا التدمير، اقتحم جنود الاحتلال مستودعاً للآثار في غزة، تشرف عليه المدرسة الفرنسية.

ويحتوي المستودع على آلاف القطع الأثرية المهمة، التي عُثر عليها أثناء التنقيبات الأثرية على مدار السنوات الماضية، والتي تمثل جزءاً مهماً من تاريخ قطاع غزة وفلسطين بشكل عام.

ورغم تعتيم الاحتلال على اقتحام هذا المستودع وسرقة مقتنياته، غير أن مدير سلطة الآثار الإسرائيلية "إيلي إسكوسيدو"، نشر على حسابه بمنصة "إكس"، مقطع فيديو يُظهر جنوداً إسرائيليين في موقع أثري بغزة.

ويلفت طوافشة لوجود خشية حقيقية من سرقة الاحتلال لآلاف القطع الأثرية ونقلها إلى داخل دولة الاحتلال.

ويشير إلى أن الوزارة على تواصل دائم مع جميع الجهات الدولية التي لها علاقة بالتراث الثقافي كاليونسكو والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه ووقف تدمير الاحتلال لبقية المواقع الأثرية.

ومؤخراً، ذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في جنيف، أن إسرائيل تتعمد تدمير المعالم الأثرية الفلسطينية بغزة، في استهداف صريح للإرث الحضاري الإنساني.

وأوضح المرصد أن القانون الدولي الإنساني يحظر في الظروف كافة الاستهداف المتعمد للمواقع الثقافية والدينية التي لا تشكل أهدافاً عسكرية مشروعة ولا ضرورة عسكرية حتمية لها.

المسجد العمري.jpg
 

وزير آثار صهيوني بخلفية دينية

وفي الإطار ذاته، يقول الباحث في تاريخ فلسطين الاجتماعي والسياسي ممدوح بري: "من يدير حكومة الاحتلال اليوم هم مجموعة من اليمين الديني الاستيطاني، وأن وزير الآثار عميحاي إلياهو ينتمي لهذا التيار".

ويضيف لـ "وكالة سند للأنباء": "ما جرى من تدمير كلي أو جزئي للمواقع الأثرية في غزة هو نتاج هذه العقلية الدينية التوراتية، ورغبته في سحق ومسح كل ما يرتبط بالهوية العربية والإسلامية في هذه البلاد".

ويشدد بري على أن دولة الاحتلال اعتادت منذ نشأتها عام 48، على نقل آثار فلسطين في مختلف المناطق إلى متاحفها الرئيسة، سواء تلك التابعة لوزارة السياحة والأثار أو التي تتبع المعاهد والجامعات.

ويرى الباحث في تاريخ فلسطين أن موضوع التراث والآثار تحتل أولوية كبيرة لدى دوائر دولة الاحتلال؛ لأهميتها في موضوع البحث عن السردية والرواية اليهودية، ويتم الإنفاق على هذه المؤسسات بشكل كبير ولافت.

ويكمل: "نجحت الحكومة في غزة منذ انسحاب الاحتلال من القطاع عام 2005 في إجراء عشرات بعثات التنقيب عن الآثار، وبناء المتاحف التي حوت مادة ثرية ومكونات جديدة ظلت بعيدة عن أيدي الاحتلال".

ويختم بالقول: "هذه الحرب شكلت فرصة سانحة لدولة الاحتلال بهدف إما تدمير أو سرقة هذه المواد الأثرية لمحو ما يثبت أحقية الفلسطينيين بأرضهم".

كنيسة.jpg