الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

نازحات يغزلن الصوف لحماية أجساد الأطفال من البرد القارس

حجم الخط
806643f0-274d-40c7-bcaa-8594c18afdb1.jpeg
رفح- تامر حمدي/ وكالة سند للأنباء

في خضمّ الأزمات التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، تُبادر نساءٌ فلسطينياتٌ نزحن إلى رفح في جنوبي القطاع، إلى غزل الصوف لحماية أطفال النازحين من البرد القارس.

وأمام وداخل الخيام التي تنتشر في مختلف أنحاء رفح المتاخمة، تمارس عدد من النساء هذه الحرفة العتيقة بصبرٍ وإتقانٍ، مُنتِجاتٍ قطع دافئةً من الصوف تُغطّي أجساد الأطفال، وأخرى يلعبون بها في ظل ظروف الحياة الصعبة التي يعيشونها بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة للشهر الخامس على التوالي.

وتقول السيدة أروى صقر لـ"وكالة سند للأنباء": "نشعر بمسؤوليةٍ تجاه أطفال النازحين، خاصةً في ظلّ نقص الملابس الشتوية وارتفاع أسعارها في الأسواق جراء الحصار الإسرائيلي".

وتضيف صقر، بينما كانت تضع طاقية رأس لأحد الأطفال النازحين: "نُحاول من خلال غزل الصوف أن نُوفّر لهم بعض الدفء ونُخفّف من معاناتهم. عندما نزحنا من خان يونس لم يكن معنا ملابس كافية."

وتشير إلى أن عملها لا يتوقف عند غزل الملابسة الصوفية، بل يمتد إلى غزل ألعاب مثل العرائس والمحافظ والشنط وأشياء أخرى من شأنها أن تدخل البهجة في نفوس الأطفال.

7070d220-d50a-455a-97b4-54520f7ef97e.jpeg

 

ويدفع الأطفال الفلسطينيون ثمنا باهظا في ظل حرب إسرائيل على غزة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأكثر دموية وشدة في القرن الواحد والعشرين، على غزة، وتنشر أكثر المشاهد فظاعة من القتل والترويع والتجويع للسكان المدنيين في القطاع.

وقبيل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، كان ثلث أطفال غزة بحاجة بالفعل إلى الدعم في مجال الصدمة المتصلة بالنزاع، أما الآن فقد ازدادت كثيرا حاجة الأطفال إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي- الاجتماعي.

وتشير إحصاءات وزارة الصحة في غزة إلى أن عدد الأطفال الشهداء بلغ منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وحتى 16 فبراير/ شباط الجاري، نحو 12660 من بين أكثر من 28 ألفا 775 شهيدا وصلوا مستشفيات القطاع.

وتظهر هذه الإحصائيات الصادمة والتي ترتفع على مدار الساعة أن أطفال غزة يجدون أنفسهم في صدارة ضحايا الحرب المستمرة منذ 134 يوما.

ودأبت الفتاة رنيم أبو راضي منذ نزوح عائلتها إلى رفح، على غزل الصوف بمختلف أنواعه للأطفال والكبار، من أجل توفير مصدر دخل للعائلة التي تعيش في خيمة متواضعة الآن.

وتوضح أبو راضي لـ"وكالة سند للأنباء" أنها تعمل مع شقيقتها وبمساعدة والدتها في غزل ملابس وألعاب صوفية للأطفال مقابل أجر مادي زهيد واحيانًا بالمجان.

1fc3d586-3cd5-41cf-b8ac-359492b527ba.jpeg
 

وعرضت الفتاة الفلسطينية جزءًا من أعمالها داخل خيمة عائلتها، وقالت بينما كانت تغزل عروسه لشقيقتها الصغرى "نقوم بفك ملابس صوفية قديمة وأعدنا غزلها. كما نستقبل من الجيران في الخيام الصوف ونقوم بغزلة كملابس وألعاب أيضًا".

وتشعر أبو راضي بالسعادة عندما تنتهي من غزل قطعة صوفية وتكون سعادتها مضاعفة عندما يرتديها الطفل الذي غزلت من أجله ويقفز فرحا بين الخيام متباهيًا بملابسه الجديدة.

وتُعاني الأسواق في رفح التي باتت تعرب تُعرف باسم "مدينة خيام" مع وصول أكثر من مليون نازح إلى المدينة الحدودية، من نقص شديد في البضائع والاحتياجات اليومية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

ويواجه سكان غزة قفزة هائلة في تكاليف الملابس والأغطية، وسط انعدام في وجود المواد الغذائية والطبية، وإن وجدت فإن تكلفتها تترك الكثير غير قادرين على شرائها.

وتحافظ السيدة أسماء عريف، وهي نازحة من غزة إلى رفح، على غزل الصوف رغم محنة النزوح التي قلبت حياتها رأسًا على عقب، وفق ما تقول.

وغزلت عريف (59 عامًا) لأبنائها وأحفادها وجيرانها ملابس صوفية خصوصًا في ظل موجة البرد القارس والحياة المعقدة التي يعيشها النازحون في الخيام.

3ae5f92d-5ba1-444b-ad8d-a9d960a9b593.jpeg
 

وتشتري السيدة الفلسطينية ملابس صوفية قديمة كما تتلقى ملابس قديمة من جيرانها، وتقوم بكرّها وإعادة غزلها من جديد على شكل "بلوفرات" وطواقي وحرامات، وتركز في إنتاجها على الرضع والأطفال والمسنين.

وعن ذلك تقول عريف لـ"وكالة سند للأنباء" "لا أستطيع أن أرى الأطفال يعانون من البرد دون أن أفعل شيئًا لمساعدتهم. اليهود قصفونا وهجرونا من بيوتنا دون ملابس أو أي من مقومات الحياة".

وتضيف: "ما أفعله هو رسالة للعالم بأن يستشعروا حجم الخطر والمعاناة التي يعيشونها أطفال غزة النازحين في الخيام ومركز الإيواء وسط سيل من الاحتياجات لا تنتهي".

5391fbac-7670-4444-bea1-63d486479d1f.jpeg
 

وتُساعد هذه الأعمال في توفير الملابس الشتوية للأطفال بشكلٍ مجانيٍّ، ممّا يُخفّف من عبءٍ كبيرٍ على عاتق عائلاتهم.

وتأمل النساء العاملات في غزل الصوف أن تتوقف الحرب على غزة وأن يعودوا إلى منازلهم وأحيائهم ويجتمعوا من جديد، حيث الأرض التي ولدوا وترعرعوا في جنباتها من جديد، حتى لو في خيام أو في غرف من الصفيح.