الساعة 00:00 م
الثلاثاء 30 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

شهادات صادمة عن ظروف الاعتقال والتنكيل..

أسرى قطاع غزة.. إخفاء قسري وإذلال متعمَّد وعذابات لا تنتهي

حجم الخط
أسرى غزة.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء

إلى جانب المأساة الكبيرة التي يعيش في ظلالها سكان غزة منذ شهور طويلة بفعل القصف والدمار والمجاعة، تُبدي آلاف الأسر الفلسطينية قلقها البالغ حول حياة ذويهم الذين اعتقلهم جيش الاحتلال من القطاع، ويتعرضون لجريمة "الإخفاء القسري"، وسط تعذيب وتنكيل وارتكاب الفظاعات بحقهم، أدت لاستشهاد وإصابة العشرات.

وعشية يوم الأسير الفلسطيني، الذي يوافق يوم غدٍ الأربعاء 17 أبريل/ نيسان، لا يزال الاحتلال يرفض الإفصاح عن أعداد وأسماء الأسرى الذين جرى اعتقالهم من داخل قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول الفائت، لكن التقديرات تُشير إلى وجود آلاف الغزيين في السجون بظروف اعتقالية قاسية للغاية.

وتؤكد مؤسسات حقوقية نقلًا عن أسرى مُفرج عنهم، أنّه يتم اعتقالهم من منازلهم أو من داخل مراكز الإيواء في المدارس التابعة لـ "أونروا"، وتجبرهم عل خلع ملابسهم والاصطفاف في طوابير والجلوس في الشوارع وهم شبه عراة في وضعٍ مذل فضلاً عن تعريضهم للتعذيب والتنكيل، قبل اقتيادهم وهم مكدسين فوق بعضهم في شاحنات لأماكن مجهولة أو سجون سرية.

أسرى غزة.webp
 

وبحسب إفادات الأسرى المُفرج عنهم، فإنّ 95% منهم يجهلون الأماكن التي كانوا يتواجدون داخلها طوال فترة اعتقالهم، فهم مكبلون بالأصفاد ومعصوبو الأعين طوال الوقت، ولا يُسمح لأي من المؤسسات الحقوقية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحصول على أية معلومات حولهم.

"تقطع أشلاء ولا تنحبس دقيقة عندهم"..

أحد الفلسطينيين المفرج عنهم مؤخرًا بعد أن اعتُقل من إحدى المدارس في حي الأمل بخان يونس، فضّل عدم الكشف عن اسمه، يشير في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" إلى أنّ سياسة التعذيب والتنكيل تبدأ من لحظة الاعتقال الأولى، وبطريقة وصفها بـ "الهمجية والجنونية".

ويقول إنّ جيش الاحتلال لا يتوقف عن ضرب المعتقلين وإهانتهم بعد تجريدهم من ملابسهم وتعصيب أعينهم، وتكبيل أطرافهم، "فمنذ لحظة اعتقالي وحتى وصولي إلى أحد مراكز التوقيف في منطقة غلاف غزة، انهال علينا الجنود بالضرب مستخدمين كل ما هو أمامهم، مثلًا أعقاب البنادق، الهراوات، الحجارة".

أسرى مفرج عنهم من غزة.jpg
 

أصناف العذاب الذي يتلقاها أسرى غزة طوال فترة اعتقالهم، لا تستثني أحدًا سواء صغير أو كبير، امرأة، عجائز، مرضى، الجميع يكون في مرمى الضرب والإهانة، بحسب فإفادة ضيفنا، مردفًا: "عند فرز الموقوفين، هناك من يكون معروف لديهم عبر صوره الموجودة على هواتف الجنود، وهذا يتعرض لتعذيب يصل حد الموت، ومنهم عليه أن يُعرّف بنفسه للضابط والتنكيل به يتم بصورة لا يُمكن تصورها، خاصة حين يحاول تفنيد اتهامات عشوائية موجهة له لارتباطه بالمقاومة في غزة".

يتقاطع ذلك مع شتائم وألفاظ سيئة يوجهها الجنود للأسرى، ومن ثم يجرى توزيعهم على مراكز التوقيف وأعينهم تكون مغطاة وأيديهم مكبّلة معظم اليوم، بينما يتم التحقيق معهم بالعنف والقوة وتحت تهديد السلاح.

ويشير إلى أنّ أشد أنواع التنكيل التي يتعرض لها الأسير هو إجباره على الوقوف لساعات طويلة، أو الجلوس قرفصاء لساعات أطول، وإذا حاول عَدل جلسته، يتعرض لموجة ضرب قاسية تكاد تقتله.

ومن بين وسائل التعذيب المهينة، مطالبة المعتقل بالنباح قبل إعطائه وجبات الطعام، أو إجبار المعتقلين على ترديد أغان تمجد الاحتلال الإسرائيلي، وتعريضهم لصعقات كهربائية، والحرق أحيانًا بمياه مغليّة.

أسرى غزة..jpg
 

يلفت أحد المفرج عنهم إلى أنّ السجّانين كانوا يستخدمون معهم أسلوب الشبح أثناء التحقيق، كما كانوا يجلبون إسرائيليين ليروا عمليات الإذلال ويصوّروهم، فيما نُقل عن عدد من المفرج عنهم، أنهم كانوا يسمعون صراخ غيرهم من المعتقلين على مدار الساعة.

أما في حال فكّر الأسير طلب التوجه إلى الطبيب بعد تدهور صحته _والكلام لضيفنا_"هنا يتمنى الواحد فينا أن يموت قبل التفكير بهذا الطلب، فخلال رحلة توجهه ذهابًا وإيابًا إلى الطبيب يخضع لضربٍ مبرح بأعقاب البنادق(..) منهم من بُترت أطرافهم نتيجة ترك إصابته دون علاج، للتعفن وانتشار الغرغرينا".

ويخلص الشاهد في إفادته: "موت مليون مرة، وأشلاء جسدك تتناثر بصواريخهم، أرحم وأهون من أن تُسجن عندهم دقيقة واحدة، إنهم يتلذّذون بتعذيبنا وقتلنا، وحرماننا من أبسط مقوّمات الحياة في السجون".

أسرى غزة ..jpg
 

سجون سرية ومصير مجهول..

من جهته، يؤكد المختص في شؤون الأسرى حسن عبد ربه، أنّ سلطات الاحتلال دشنت العديد من المعتقلات السرية غير المعروفة لمعتقلي قطاع غزة، مشيرًا إلى أن جميع هؤلاء المعتقلين في حالة انقطاع تام عن العالم.

ويُبيّن "عبد ربه" في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أنّ بعضها يقع في بئر السبع والنقب وعوفر، إلى جانب تجديد معسكرات قديمة تم شُيّدت خلال انتفاضة الأقصى الأولى، وافتتاح أقسام جديدة في سجون قائمة كالنقب ونفحة.

ويتحدث عن خطر حقيقي وشديد يحدق بأسرى غزة، نتيجة جريمة "الإخفاء القسري" التي تُمارس بحقهم، فلا يوجد مؤسسة رسمية أو حقوقية ذات صلة تعرف أماكن اعتقالهم، وسط إفادات تحكي عن حجم مأساتهم في ظل تعرضهم لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب على مدار الساعة.

ويُنبّه إلى أنّ المعاملة الوحشية من السجّانين لا تفرّق بين النساء والرجال، الأطفال والكِبار، فالجميع يُعامل بنفس الآلية من العزل والتعذيب والإقصاء.

بدوره يقول رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، إنّ الإفادات التي حصلت عليها "الهيئة" من أسرى غزة المفرج عنهم، تشير إلى تعرضهم لتعذيب وحشي وشديد يصل لحد تكسير الأضلاع والأطراف.

ويوضح "دويك" في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أنّ الاحتلال يتعامل مع أسرى غزة وفق قانون "المقاتل غير الشرعي" الذي يمنح السلطات الإسرائيلية احتجار الأسير لستة أشهر دون السماح له بتوكيل محامين أو مقابلتهم.

ويشدد أنّ الاحتلال لا يزال يمنع بشكلٍ قاطع المؤسسات الحقوقية والصليب الأحمر وهيئات الأسرى من زيارة المعتقلين أو معرفة أي معلومة عنهم أو عن أسمائهم وظروف احتجازهم منذ السابع من أكتوبر، وهذا بالطبع أمر خطير جدًا.

ويلفت "دويك" إلى أنّ الأسير كان يُترك خلال فصل الشتاء لفترة طويلة في أجواء البرد القارس، ما قد تؤدي إلى وفاته، كما أنّه لا يتم تقديم العلاج للجرحى؛ إذ يتركهم السجّان لمواجهة مصيرهم فقط.

ويفيد باستشهاد 16 من الأسرى في السجون بينهم 3 من قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد، مطالبًا بتحقيق دولي مستقل تجاه ما ينشر من معلومات حول استشهاد أسرى في مراكز التوقيف التابعة للاحتلال.

أسرى من غزة.jpg
 

اعتداءات جنسية..

وفي السياق تطرق دويك إلى إفاداتٍ ومعطياتٍ وشهاداتٍ حول تعرض أسرى وأسيراتٍ لاعتداءات جنسية، إضافة إلى عمليات تهديد بالاغتصاب، وتفتيش عاري، وتحرش، وهو ما يحتاج لتحقيق فاعل دوليا، باعتبارها جرائم حرب ضد القانون الدولي والإنساني.

وكانت "مؤسسات الأسرى" قد صرّحت في فبراير/ شباط المنصرم، أنها حصلت على شهادات وإفادات من الأسرى الذكور حول تعرضهم لاعتداءات جنسية خطيرة ومنها الضرب المبرح على أماكن حساسة في الجسد، ومحاولات وتهديدات بالاغتصاب، والتفتيش العاري المذل، إضافة إلى شهادات من أسيرات حول تعرضهنّ لتهديدات بالاغتصاب، وتحرشات، بما فيها تحرشات لفظية.

إلى ذلك يقول المختص في شؤون الأسرى عبد الفتاح دولة إن الأرقام المكشوفة عن استشهاد الأسرى قد تكون بسيطة، ولا تعبر عن الحقيقة الكاملة التي قد تكون أكبر من ذلك في سياق جريمة "الإخفاء القسري" التي يحاول الاحتلال استغلالها لتنفيذ إعدامات بحق العشرات منهم

ويعتقد في حديث مع "وكالة سند للأنباء" أن ما يصلنا من إفادات صادمة حول أساليب التعذيب التي يتعرض لها الأسرى في السجون ومراكز التوقيف، تشير لحالات إعدام أكبر بكثير، مما يتم الإعلان عنه في هذه المرحلة.

أسرى غزة.jpg