الساعة 00:00 م
الإثنين 06 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

الطفل الحصري.. أحرقت صواريخ الاحتلال جسده وحرمته من أمه وإخوته

حجم الخط
عمر الحصري 1.jpg
غزة - هداية محمد التتر- وكالة سند للأنباء

عمر الحصري (13 عاماً)، طفل فلسطيني من مدينة غزة، يحب الحياة ويرغب بالعيش كباقي أطفال العالم، لكن الاحتلال الإسرائيلي شوّه جسده الغض بصاروخ استهدفه وعائلته وأحرق 70% من جسده، وأفقده والدته وإخوته الصغار.

يروي الطفل الحصري لـ"وكالة سند للأنباء" -بصبر وثبات- ما حدث له ولعائلته، قائلاً: "أعدت لنا أمي طبقا من الحلويات وبعدها ذهبت لتعد لنا الخبز، وفجأة سقطت 7 طوابق علينا".

ويضيف: "طار أخي، وسمعت صوت سقوطه على سقف الجيران، وصوت صراخه وهو ينادي علينا يستنجد كي ننقذه، لكني لم أكن أقوى على تحريك أي شيء في جسدي، لينقطع الصوت بعدها".

لسع قوي يحرق جسدي

وأضاف الحصري: "شعرت بلسع قوي وحروق في وجهي وجسدي الذي احترقت عليه الملابس، ثم سمعت صوت أبي في المكان، فلوحت بيدي، وعندما رآني جاء الجيران حملوني إلى العيادة، وأغمي علي عندما رأيت أبي ينزف"، وعلم بعدها أن والدته وإخوته قد استشهدوا.

وأوضح أنه لم يكن يقوى على الحركة ولا الأكل ولا فعل أي شيء، وقال: "بفضل الله ثم الممرضة التي كانت تتابع حالتي ووالدي الذي يحضر لي العلاج الذي كلفه ما يفوق 2000 شيكل، بدأ جسدي في التحسن والحركة والمشي".

عمر الحصري 3.jpg
 

وينتظر الحصري بفارغ الصبر السماح له بالوصول لجنوب قطاع غزة من أجل السفر واستكمال العلاج.

وتوجه برسالة إلى كل ضمير حي في جميع أنحاء العالم، قال فيها: "أنا طفل ومن حقي أن ألعب وألهو مع أصحابي، من حقي أن أسافر الآن لأستكمل علاجي، فالأوراق الطبية وجوزات السفر جاهزة لكن بحاجة لتسهيل الدخول لجنوب القطاع".

الناجيان الوحيدان

وبعد استشهاد زوجته وطفليه، بات الأب وابنه الناجيان الوحيدان من المجزرة المروعة التي ارتكبها الاحتلال بحق عائلة الحصري.

وروى والد الطفل عمر لـ "وكالة سند للأنباء" كيف ارتكب الاحتلال جريمته بحقه وعائلته، وأوضح أن بداية الحكاية كانت بتدمير منزله بمنطقة الكرامة في الأسبوع الأول من الحرب.

وقال: "نزحت من مكان لآخر، وتنقلت من مركز إيواء لآخر، حتى استقرينا في منزل عائلتي بالقرب من مفترق حميد، والمكون من سبعة طوابق، وأقمت في الطابق الثالث أنا وزوجتي وأبنائي الثلاثة".

وأضاف: "في 24/3/2024 كنت جالسا أمام باب الشقة أقرأ القرآن وأستمع للأخبار ومن محيطنا قذائف الدبابات ورصاص المسيرات "الكوادكابتر" تتساقط بشكل مرعب ومخيف، فجاءت زوجتي وحدثتني عن رؤية في منامها وأن تفسيرها بأننا سنفترق، فاستغربت ذلك، وقلت: لم أترككم طوال الحرب والان اترككم؟ لعلها أضغاث أحلام".

على مقربة من الموت

وفي الساعة الثانية بعد الظهر، قرر الحصري الأب الذهاب لإحضار المياه دون أن يخبر أحداً، خوفاً من لحاق أطفاله به في ظل القصف المتواصل بالمكان.

وشرح الحصري لحظة سقوط الصاروخ على عائلته وما خلفه من أذى مادي ومعنوي، قائلاً: "ما إن خرجتُ وعدتُ وإذ بصوت غريب يشبه صوت صاروخ الفضاء وهو يصعد ولكن هذا كان ينزل، فاحتميت ببيت مجاور للعمارة التي نقطنها، وقلت: الله يستر".

وأضاف: "تحول المكان إلى ظلام دامس وأحجار كبيرة تسقط متوالية على جسدي وأكبرها على رأسي، فجلست في وضعية السجود أناجي الله وأقول: يا رب"، واصفاً ذلك بأنه صعب جداً "وأني على مقربة من الموت".

وتابع الحصري: "أحسست بأن شيئاً يخيم عليّ وأنني لا زلت على قيد الحياة، حتى شاهدت ضوءًا ينفذ إلي، فخرجت مسرعاً لأعرف ما الذي حدث وقد كان رأسي ينزف وحرارة شديدة فيه، وناديت بأعلى صوتي على زوجتي وأبنائي بأسمائهم، فلم يجبني أحد".

في تلك اللحظة، فقد نظارته ولم يعد يرى جيداً، فأخبرته إحدى الجارات بعد سؤالها عن مكان الاستهداف أنه في العمارة التي يقطنها، ويقول: "حينها أصابتني حالة هستيرية جنونية خاصة وأن من حولي تردد في مساعدتي خوفاً من الاستهداف مرة أخرى".

عمر الحصري 2.jpg
 

جسد مخيف يرثى له

وقال الحصري بصوت تخنقه الدموع: "ما إن رأيت العمارة قد سويت بالأرض حتى حمدت الله وأجهشت بالبكاء"، واصفاً ذلك الموقف بأنه أصعب شيء في حياته "حيث أن أبنائي وزوجتي تحت الركام ولا استطيع أن أفعل أي شيء".

وأضاف: "فجأة شاهدت خيال يد تلوح، فقلت لجاري انظر ها هي، ظنا مني أنها زوجتي، لحظتها أقبل الجيران واصطحبني بعضهم لمدرسة كفر قاسم من أجل إيقاف النزيف الذي في رأسي، وقالوا إنهم سيكملون المهمة".

وتابع: "ما إن انتهى الطبيب من تغريز الجرح، وإذا بصوت يقول ها نحن أحضرناه، وإذا به عمر في حالة يرثى لها، فقد كان شكل جسده مخيفا من شدة الإصابات والحروق التي فيه، قلت في نفسي: إن عاش فالحمد لله رب العالمين".

وبعد أن أخبره الجيران بأنهم لم يجدوا زوجته وأبناءه، وكّل أمره لله، وأصبح همّه إنقاذ عمر الذي لم يجد له أي سيارة إسعاف تنقله إلى المشفى.

وقال: "وضعته على عربة ومشيت به وأنا أتوسل وأطلب العون من الله أن يسخّر لي من يساعدني، فلم أكن أقوى على المشي من شدة ما مررت به، فضلاً عن القصف والرصاص الذي يحيط بي".

وأشار إلى أنه سار من مدرسة كفر قاسم بمعسكر الشاطئ حتى جامعة القدس المفتوحة ومنه إلى شارع الجلاء مشياً على الأقدام، وهناك ركبا السيارة وتوجها إلى مشفى المعمداني والذي حولهم إلى مستشفى كمال عدوان.

رحلة علاج صعبة

وأوضح الحصري أن جسد طفله عمر احترق بنسبة 70%، وفقد حاستي السمع والبصر لعدة أيام، كما أنه لم يكن يقوى على تناول الطعام وأي شيء يدخل فمه يتقيأه، كذلك لم يكن يقوى على المشي أو السير خطوة واحدة، مستدركاً: "بفضل الله تحسنت حالته الآن وبدأ يسترد ذلك تدريجياً".

وأكد الحصري أن الإمكانيات ضعيفة جدا في مستشفى كمال عدوان ولا يتوفر فيه أي من العلاجات المتعلقة بالحروق، بل كان يتم التغيير على الحروق يوما بعد آخر لعدم توفر الشاش بشكل جيد في المستشفى.

وقال: "كنت أعمل على توفير المراهم والعلاجات بنفسي من خارج المشفى، ولا تكاد تجدها إلا بشق الأنفس وبأسعار مرتفعة جداً وأحيانا خيالية، لكنني أضطر لشرائها لأجل سلامة طفلي".

وأشار إلى أن عمر كان يعاني من خروج صديد من مكان الحروق فتؤلمه وتدفعه لحكها، فيمسك هو بيديه ويمنعه من ذلك كي لا يؤذي جسده، "كنت أسهر عليه طوال الليل وباقي النهار ولا أنام سوى ساعتين".

وشدد على ضرورة خروج طفله من أجل استكمال العلاج خارج قطاع غزة، مؤكداً أن منظمة الصحة العالمية تكفلت بعلاجه.