لم يقتصر تأثير العدوان العسكري والحرب العدوانية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي لليوم الـ 232 تواليًا على قطاع غزة، على حياة المواطنين اليومية وامتدت حتى إلى أحلامهم وقتلت بعضها.
وقد أدت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى تدمير البنية التحتية ومظاهر الحياة وقتل وتشريد وتجويع وتفقير السكان وإغلاق معابر غزة مع العالم الخارجي.
حجاج قطاع غزة كانوا أحد أبرز ضحايا الحرب وتأثيرها على مستقبل وأحلام المواطنين وتطلعاتهم لحياة أفضل؛ فقد أصيبوا بـ "خيبة أمل" كبيرة بعد أن حرمتهم الحرب، وإغلاق معبر رفح البري من أداء فريضة الحج هذا العام.
المواطن الفلسطيني المُسن مهدي عاشور (65 عامًا)، اختير ضمن القرعة السنوية للحج في غزة قبل عامين، وكان يمني النفس بأداء هذه الفريضة قبل أن يموت؛ قبل أن يُحطم الاحتلال وعدوانه حلم "عاشور" بالحج.
يقول عاشور بنبرة حزينة لمراسل "وكالة سند للأنباء": "كنت أنتظر بفارغ الصبر موعد الحج لأداء هذه الفريضة، لكن الحرب دمرت حلمي، لم أتمكن من السفر حتى الآن بسبب إغلاق معبر رفح".
ويضيف: "أشعر بالحزن الشديد لعدم مقدرتي على أداء فريضة الحج، خاصة بعد أن تم اختياري من بين آلاف الأشخاص".
ويعاني عاشور وزوجته من ظروف معيشية صعبة بعد تدمير منزلهم، حيث اضطر إلى الانتقال من غزة تحت وطأت القصف الإسرائيلي إلى رفح، ويعيش الآن في خيمة مع أبنائه وأحفاده على ساحل بحر رفح.
وقبل نزوحه قسرا يوم 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعرض منزل عاشور المكون من ثلاثة طوابق، وكان يؤوي 6 أسر إلى القصف والتدمير في حي الزيتون مما أدى لإصابة ابنه بجروح خطيرة لا يزال يتعافى منها حتى الآن.
وقالت زوجة عاشور: "أحلم بالسفر إلى السعودية والصلاة في الكعبة وزيارة مسجد وقبر رسول الله صل الله عليه وسلم بالمدينة المنورة وأداء فريضة الحج، منذ زمن بعيد، لكن اليهود قتلوا حلمي مثلما يقتلون شعبي كل يوم".
وينتظر حوالي 2500 فلسطيني في قطاع غزة دورهم هذا العام لأداء فريضة الحج. ويبدأ موسم حج 2024 مساء يوم 13 يونيو المقبل، الموافق 7 ذي الحجة 1445 هـ. ويُتوقع أن ينتهي موسم الحج مساء يوم 19 يونيو، بعد انتهاء أيام التشريق.
وأطلقت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة مناشدة للسلطات المصرية والسعودية وطالبتهم بالضغط على جميع الأطراف بما فيهم الاحتلال الإسرائيلي لتمكين أهالي غزة من إقامة شعيرة الحج لهذا العام.
وقالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، إن العدوان "الإسرائيلي" المتواصل على قطاع غزة، واحتلال معبر رفح البري، يتسبب بالحيلولة دون إتمام موسم الحج لحجاج قطاع غزة لهذا العام 1445هـ| 2024 مـ.
ودعت "وزارة الأوقاف" في تصريح صحفي لها تلقته "وكالة سند للأنباء"، المعنيين وخاصة "الأشقاء" في جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، بالضغط على جميع الأطراف وفي مقدمتها الاحتلال، لتمكين أهالي غزة من إقامة شعيرة الحج.
ويحصل الفلسطينيون على مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك سليمان بن عبد العزيز لسفر حوالي 1000 شخص من ذوي الشهداء في غزة لإداء فريضة الحج.
لكن مع سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح البري؛ وهو المنفذ الوحيد لسكان غزة على العالم يوم 7 مايو أيار الجاري، توقفت حركة السفر على جانبي المعبر، وأصبح سفر هؤلاء الحجاج حلم بعيد المنال.
وترفض السلطات المصرية تشغيل المعبر في ظل وجود جيش الاحتلال حتى الآن، وتقول حركة حماس والفصائل الفلسطينية إن معبر رفح يجب أن يتم إدارته من قبل الفلسطينيين والمصريين فقط.
واجتاح جيش الاحتلال مدينة رفح التي كانت تأوي أكثر من مليون نازح، متحديًا النداءات الدولية والأممية المحذرة من خطورة الهجوم على المدينة الحدودية المتاخمة للأراضي المصرية.
وتشن "إسرائيل" حربًا على قطاع غزة وصفتها الأمم المتحددة بأنها الأقسى في القرن الواحد والعشرين وتشببت في استشهاد وفقدان وإصابة أكثر من 130 ألف فلسطيني وفق إحصاءات السلطات في غزة والأمم المتحدة.