الساعة 00:00 م
الأحد 30 يونيو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.77 دولار أمريكي

تقرير موسع

هكذا تحاول إسرائيل كتم أنفاس الضفة وتغيير معالمها مستغلة انشغال العالم بحرب غزة

حجم الخط
علم فلسطين
خاص- وكالة سند للأنباء

ليس بعيداً عن جرائم الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال على مدار الساعة في قطاع غزة، ثمة انتهاكات أخرى تجري على قدم وساق في الضفة الغربية، على الأرض حيناً، وفي دوائر الاحتلال الرسمية ومكاتبه أحياناً أخرى.

فمنذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر، وضعت سلطات الاحتلال الضفة على رأس اهتمامها، متذرعة بالأسباب الأمنية وخشية من تكرار اقتحام مستوطنات غلاف غزة في المستوطنات القريبة من نابلس أو قلقيلية أو الخليل.

لكن ثمة مراقبين يرون أن خطط الاحتلال تجاه الضفة ليست وليدة الصدفة ولا هي رد على ما جرى يوم "طوفان الأقصى"، وإنما هي مجرد استغلال للحدث العام، حيث تتركز أنظار العالم على قطاع غزة، وقبل ذلك تطبيقاً لتوجهات اليمن المتطرف الذي يسعى لمنع الضفة من أن تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية.

"وكالة سند للأنباء" تحاول في هذه المادة المطولة استعراض جملة من الأزمات الطاحنة التي تحاصر المواطنين في الضفة الغربية.

أزمة مالية خانقة

تبدو الضفة محاطة ومحاصرة وسط مجموعة من الأزمات التي خلقها الاحتلال وكرسها، وعلى رأس هذه الأزمات الضائقة الاقتصادية الناجمة عن استمرار الاحتلال مصادرة عوائد الضرائب والتي تقدر بحوالي ثلاثة مليارات شيكل.

لم يكتفِ الاحتلال بمصادرة الضرائب، بل منع أكثر من 200 ألف فلسطيني من العمل داخل المناطق المحتلة عام48، وطلب من الدول الغربية وقف تمويل "الأونروا" التي تعتبر العمود الفقري في دعم وتشغيل اللاجئين، وداهم الكثير من محال الصرافة في الضفة وصادر ملايين الشواكل بحجة أنها مخصصة لدعم "الإرهاب".

الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها السلطة دفع البنك الدولي لإصدار بيان في 23 أيار/ مايو الجاري حذر فيه من إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية.

صلاحيات للمستوطنين

وإلى جانب الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة، أعلن الجيش الإسرائيلي مؤخراً نقل جزءٍ من صلاحياته الإدارية في الضفة الغربية، لموظفي "الخدمة المدنية" الذين يتبعون لوزير المالية المتطرف "سموترتش"، الذي يشجع الاستيطان ويؤيده بشدة ودون أي تحفظات.

ومن الجدير بالذكر، أن الإدارة المعنية التي قدمت لها الصلاحيات، مسؤولة عن التخطيط والبناء على مساحة تقدر بـ60 % من مساحة الضفة الغربة، وهي تغطي قطاعي البناء والزراعة.

ويأتي هذا القرار الصادر عن الجيش الإسرائيلي في ضوء بدأ المستوطنين في الضفة بالتحول لأشبه ما يكون بجيش نظامي موازٍ، مسلح وخطير ومتعطش للدماء، ومنفلت من جميع الضوابط، مهمتهم الأساسية قمع الفلسطيني والتضييق عليه.

ووفقاً لتقارير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن وتيرة الاستيطان منذ بداية الحرب على غزة، في ازدياد مخيف، حيث صادر الاحتلال أكثر من 45 ألف دونماً من أراضي الفلسطينيين بحجج مختلفة، حتى نهاية نيسان/ أبريل الماضي.

كما سرّعت الحكومة الإسرائيلية من وتيرة الاستيطان في الضفة منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر، حيث تسعى الحكومة لشرعنة 5 بؤر عشوائية في الضفة وبناء نحو 6 آلاف وحدة استيطانية جديدة خلال الفترة القادمة، إلى جانب 10 آلاف وحدة تم المصادقة عليها خلال الأشهر القليلة الماضية.

حواجز تقطع الضفة

لم يكتف الاحتلال بخنق الفلسطينيين من خلال المستوطنات التي باتت تحاصر المواطنين في منازلهم وتمنعه من التمدد العمراني الطبيعي، بل عمدت منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر على مضاعفة عدد الحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة في جميع أنحاء الضفة.

ويصل عدد الحواجز في الضفة اليوم إلى أكثر من 700 حاجز عسكري متعددة الشكل والنوع، فمنها ما هو ثابت ومنها ما هو متحرك، منها ما هو على شكل سواتر ترابية ومنها ما هو على شكل مكعبات اسمنتية.

ومنذ هجوم "طوفان الأقصى" نصب الاحتلال بوابات حديدية على مداخل قرى وبلدات فلسطينية، خاصة تلك القريبة من المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما يعني تحويلها لسجن كبير بأي وقت يشاء.

تقليص كميات المياه

بالتزامن مع الإجراءات الإسرائيلية سالفة الذكر، بحق الفلسطينيين في الضفة، عمد الاحتلال أيضاً في أيار/ مايو الماضي على خفض كمية المياه المخصصة لمدينتي الخليل وبيت لحم جنوبي بنحو 35%، وتخفيض بنسبة 50% لمدينة رام الله، وذلك لزيادة حصة المستوطنين من المياه.

ووفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يقدر عدد سكان محافظات الخليل وبيت لحم ورام الله بنحو مليون ونصف تقريباً، علما بأن فلسطين تعتمد بشكل أساسي على المياه المستخرجة من المصادر الجوفية والسطحية، والتي تبلغ نسبتها 75.7% من مجمل المياه المتاحة.

تدمير البنية التحتية وهدم المنازل

لم تكتف سلطات الاحتلال بسرقة أموال الفلسطينيين وأراضيهم وحرمانهم من مياههم، بل سعى مؤخراً لتدمير بنيتهم التحتية، وهي الظاهرة التي صارت أكثر وضوحاً وعنفاً واتساعاً منذ السابع من تشرين أول أكتوبر/ الماضي.

وتركزت عمليات التدمير الإسرائيلية للبنية التحتية الفلسطينية في مخيمات شمال الضفة الغربية: جنين وطولكرم وطوباس ونابلس، حيث عملت الجرافات الإسرائيلية عشرات المرات على تدمير شوارع رئيسية وتحويلها لأخاديد عميقة يصعب التحرك فوقها، ويترافق هذا التدمير مع تدمير آخر يطال خطوط الهاتف والانترنت والمياه والكهرباء والمجاري.

ولم يعد يخف على أحد أن الاحتلال يهدف من هذا الإجراء تأليب الشارع الفلسطيني وتحريض الحاضنة الشعبية على المقاومة التي تحاول صد العدوان الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية بما أوتيت من قوة.

الاعتقالات قاربت على 10 آلاف

أما فيما يخص الاعتقالات في الضفة، فهذه النقطة صارت مشهداً يومياً يصعب على الفلسطينيين أحصاء أعداد أسراهم، حيث تتم عمليات الاعتقال على مدار الساعة ليلاً ونهاراً.

فوفقاً لهيئة شؤون الأسرى والمحررين فإن أعداد المعتقلين في الضفة تجاور الـ9 آلاف منذ السابع من أكتوبر، من بينهم أكثر من 3 آلاف جرى تحويلهم للاعتقال الإداري التعسفي وهو الرقم الأضخم منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للضفة عام 1967.

وإلى جانب هذا الكم الكبير من أعداد المعتقلين، تعيش الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال أسوء مراحلها في ظل تزايد انتهاكات إدارة مصلحة السجون التي يشرف عليها وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف "ايتمار بن غفير".

وتتعدد هذه الانتهاكات بين ضرب مبرح يصل لحافة الموت عند الاعتقال والانتقال من سجن لآخر وعند العرض على المحاكم، وبين الحرمان من زيارة الأهل وانقطاع المياه والكهرباء والاكتظاظ في الغرف.

إضافة لحرمان الأسير من مواد التنظيف الشخصية ومصادرة جميع الأجهزة الكهربائية وحرمانه من اقتناء الملابس الإضافية ومن الخروج لساحة الفورا، وقبل ذلك كله الحرمان مع العلاج والعرض على طبيب مختص.

ويمكن النظر لأشكال الأسرى المحررين الذين تغيرت ملامحهم وخسروا أكثر من نصف أوزانهم، لمعرفة الحالة التي وصل إليها الأسرى.

أما عن التعذيب في سجون الاحتلال، فالأمر لم يعد مسألة فردية معزولة وإنما نهج وسياسة تتبناها إدارة سجون الاحتلال بدعم وتشجيع كامل مع قادة الاحتلال.

فوفقاً لنادي الأسير فإن عدد شهداء الذين سقطوا جراء التعذيب في سجون الاحتلال منذ أكتوبر هو الأعلى بتاريخ الأسرى.

فوفقاً للنادي فأن عدد الشهداء في السجون والمعسكرات الإسرائيلية الذين أعلن عنهم منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي) بلغ 18 شهيدًا على الأقل، هذا إلى جانب العشرات من معتقلي غزة ارتقوا في سجون ومعسكرات الاحتلال، ولم يفصح عن هوياتهم.

ورغم كل هذه الأزمات التي تواجه الضفة الغربية اليوم، يبدي الكثير من أهلها علامات التصبر ويرفضون خيارات التهجير الطوعي أو الإجباري من طرف الاحتلال، ولم يفقدوا أمل أن تكون معركة "طوفان الأقصى" بداية لمرحلة جديدة تتوج بنهاية الاحتلال ورحيله.