قال باحث مختص في الشؤون الإسرائيلية، إن عدداً من الخبراء الإسرائيليين باتوا يطالبون اليوم باعتماد فرضيات استراتيجية مغايرة لتلك التي جرى اعتمادها طوال العقود الماضية، وذلك في الوقائع الجديدة التي فرضتها الحرب الحالية على قطاع غزّة.
ويرى أنطوان شلحت أن في مقدمة تلك الوقائع حقيقة أن إسرائيل تخوض منذ أكثر من 10 أشهر حرباً في القطاع بموازاة حرب استنزاف في ساحاتٍ أُخرى: لبنان وإيران وسورية واليمن والعراق والضفة، وتنطوي في الوقت ذاته على خطر اندلاع حرب إقليمية متعدّدة الساحات.
مؤكداً في مقالة اطعت عليها "وكالة سند للأنباء" على أن ذلك يشكل مساراً خطيراً بالنسبة لإسرائيل، ويستلزم وضع سيناريو استراتيجي جديد وأهداف حرب ملائمة له، على حدّ ما يقول أكثر من مسؤول عسكري إسرائيلي سابق.
حرب استنزاف
وحسب شلحت، فإن إسرائيل أضحت اليوم غارقة فعلاً في حرب استنزاف تتعارض مع مبدأ "الضربة الساحقة" التي تميزت بها إسرائيل في حروبها، وفي توقيت يُبرز نقاط ضعفها في مقدّمتها "مسألة طول النفَس".
وبموجب ما يشدّد عليه مسؤولون عسكريون سابقون، فإن على إسرائيل أن تعود إلى عقيدتها الأمنية الخاصّة بها، المتمثلة في "حروب قصيرة تُخاض داخل أراضي العدو"، يقول شلحت.
فشل الفصل بين الساحات
ويضيف المختص في الشأن الإسرائيلي:"ومن الفرضيات الاستراتيجية المغايرة الأخرى التي يُشار إلى ضرورة اعتمادها، يمكن التنويه إلى أن أي حرب ستخوضها إسرائيل في المستقبل لا يمكن أن تعتمد على مبدأ الفصل بين الساحات".
ويكمل:"من غير الصحيح، من ناحية إسرائيل، أن تفصل بين حزب الله وإيران، بل على العكس يتعيّن على إسرائيل أن تشنّ هجمات مباشرة ضد إيران، وإن أي تجاهل لذلك سيؤدّي إلى الإخفاق في مواجهة الجهة الحقيقية الواقفة وراء ما يحدُث مع حزب الله (في إشارة لإيران)".
الجوالان ساحة قتال جديدة
وفي سياق تأكيده على فشل قاعدة إسرائيل القديمة القائمة على الفصل بين الجبهات، ينقل شلحت عن المحلل العسكري لصحيفة معاريف، "آفي أشكنازي" بأن حزب الله نجح أيضاً في ربط ساحة الجولان بالمواجهة الدائرة في لبنان.
مشيراً إلى أن الجولان كانت طوال العقود الماضية ساحة قتال بين إسرائيل وسوريا، وهي اليوم لم تعد كذلك، وهذا يمثل إخفاقاً آخر لإسرائيل.
ويكمل شلحت: "نجح حزب الله من خلال تصرّفات محسوبة وذكيّة، في تغيير هذه المعادلة الإسرائيلية رأساً على عقب، ففي الوقت الحالي، لم تعد مشكلة الحدود الشمالية - الشرقية قضية إسرائيلية - سورية، بل مسألة إسرائيلية مع حزب الله".
ومنذ نشأتها عام 1948، استطاعت إسرائيل التمدد والبقاء، معتمدة على قاعدة عسكرية تقوم على مبدأ خوض حروب سريعة وخاطفة داخل أراضي (العدو)، وعدم الوقوع في محظور حرب الاستنزاف الطويلة، نظراً لعدم امتلاك إسرائيل مدىً جغرافياً واسعاً يمكنها من المناورة.
كما وضعت إسرائيل قاعدة عسكرية أخرى ترتكز بالأساس على عدم شن أكثر من حرب على أكثر من جبهة، وعدم الوقوع في فخ تشتت الجهود العسكرية، وهما القاعدتان اللتان كسرتا خلال الحرب الدائرة اليوم بين دولة الاحتلال وجبهة المقاومة الممتدة من طهران حتى صنعاء.