الساعة 00:00 م
السبت 07 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.74 جنيه إسترليني
4.93 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4 يورو
3.49 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

ذاكرة العيد تحلّ ضيفة في الخيام والمائدة مجرّد حنين

النساء الحوامل في الحرب.. مواجهة يومية مع نقص الغذاء وتهديد مستمر للحياة

"المقاصة المنقوصة".. تراجعٌ أم خطوة تصحيحية؟

حجم الخط
pAthL.jpg
غزة-وكالة سند للأنباء

مثل عدول السلطة الفلسطينية عن قرار عدم استلام أموال المقاصة منقوصة من الاحتلال الإسرائيلي، تراجعاً في مواقف السلطة السياسية، برأي مختصين اقتصاديين.

وفيما يرى البعض، أن تراجع السلطة كان خطوة تصحيحية "لرهانات وتقديرات خاطئة" بعد أن زادت حدة الأزمة المالية للسلطة، وجد البعض الآخر أن استلام الأموال المحتجزة هو "محاولة تكتيكية" لتحسين شروط التفاوض مع إسرائيل.

الأكاديمي في جامعة الأزهر ومحلل الشؤون الاقتصادية سمير أبو مدلل، يقول إن تراجع السلطة عن رفض استلام أموال المقاصة منقوصة يعد تراجعاً عن مواقفها السابقة.

ويشير أبو مدلل، أثناء حوار أجراه مع "وكالة سند للأنباء"، إلى أنّ رهانات وتقديرات السلطة كانت فاشلة وخاطئة، ولم تأتي حسب طموحاتها، لذلك تراجعت.

وبين أن السلطة كانت تراهن على شبكة الأمان العربية التي تم الحديث عنها في قمة بيروت 2013، والتأكيد عليها في قمة تونس الأخيرة، غير أن العرب لم يلتزموا بـ 100 مليون دولار شهرياً.

"وأمام فشل الرهانات على العمق العربي، والضغط المادي الذي تتعرض له السلطة في رواتب الموظفين، والموازنات التشغيلية، وجدت السلطة الفلسطينية نفسها مضطرة للتراجع قبل فوات الأوان" حسبما يقول أبو مدلل.

ووفقاً لأبو مدلل، فإن أسباباً أخرى دفعت السلطة للتراجع عن قرارها، وهو أن البنوك أبلغت السلطة أنها أعطت الحد الأقصى من القروض لها لسد عجزها المالي، يضاف إلى ذلك إلى أن السلطة توجهت للاستدانة من القطاع الخاص.

وقررت إسرائيل في فبراير/ شباط الماضي، اقتطاع جزء من أموال الضرائب الفلسطينية بذريعة ما تقدمه السلطة من مستحقات مالية لأسر الشهداء والمعتقلين الفلسطينيين، ما دفع الحكومة الفلسطينية لرفض استقبال الأموال مخصوما منها أي مبلغ. 

بحسب أرقام اقتصادية فإن أموال المقاصة تبلغ شهرياً، نحو 180 مليون دولار أمريكي، يتم تحويلها إلى خزينة السلطة بناء على اتفاقية باريس التي وقعت بتاريخ 29 إبريل/نيسان 1994.

تفعيل لجان بروتوكول باريس الاقتصادي

واستأنفت اللجان الفنية التي تجمع السلطة والاحتلال الإسرائيلي عملها الأحد الماضي، لبحث كل الملفات، وتغيير الآليات، والمطالبة بإعادة الحقوق المالية، بحسب ما أعلن رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ.

خطوة تفعيل اللجان هذه جاءت بعد عدول السلطة عن استلام أموال المقاصة منقوصة من إسرائيل.

ويقول أبو مدلل، إن رفض استلام أموال المقاصة هو "رفض لفظي" فقط، ويحتاج لخطوات عملية على رأسها، تنفيذ بعضاً من قرارات المجلس المركزي والمجلس الوطني الداعية لتجميد الاتفاقيات السياسية، ورفض الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني.

ويشير إلى أنَّ محاولة تفعيل وإحياء اللجان الفنية المنبثة عن بروتوكول باريس الاقتصادي هو "تناقضٌ صريح مع مواقف المجلسين المركزي والوطني"، سيما وأن هذه المؤسسات دعت للتحرر من الاتفاقية.

وقرر المجلس المركزي، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2018، تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل لحين اعتراف تل أبيب بفلسطين على حدود 1967، إضافة لوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ووقف العلاقات الاقتصادية معها.

وجاء هذا القرار ترجمة لقرارات مماثلة اتخذها المجلس في 2015، وأبرزها وقف التنسيق الأمني، وتعليق الاعتراف بإسرائيل، ووقف العمل بالاتفاقيات.

البحث عن مخرج للأزمة

من جانبه يتفق الخبير الاقتصادي سمير عبد الله مع من سبقه، حيث يقول إنَّ مشكلة أموال المقاصة وصلت لطريق مسدود وفي ضوء ذلك كان لابد من مخرج؛ لأن السلطة لم يعد بإمكانها الاستمرار بهذا الوضع بدون أكثر من ثلثي إراداتها".

ويضيف عبد الله، في حوار أجراه مع "وكالة سند للأنباء"، أن قرار استلام أموال المقاصة جاء بعد أن استنفذت السلطة كل وسائل إيجاد الأموال لتعويض العجز الحاصل في موازنة السلطة، ومن هذه الوسائل الاستدانة من البنوك، والبحث عن دعم من القطاع الخاص.

وإضافة لاستنفاذ هذه الوسائل، كانت السلطة في وضع حرج من الناحية المالية، فهي تدير أزمتها المالية شهراً تلو شهر، وليس لديها أي احتياطات، ولا يوجد لديها مصادر استدانة. بحسب عبد الله.

كما أن الدول العربية، ورغم الزيارات التي نظمتها السلطة الفلسطينية لها لم تفعل شبكة الأمان العربية.

تقديرات خاطئة

ويشير عبد الله إلى أن السلطة أرادت من خلال رفض استلام أموال المقاصة مراراً وتكراراً تسجيل موقف تجاه رواتب أسر الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين.

وينوه إلى أن المسؤولين في السلطة توقعوا أن تكون مشكلة أموال المقاصة مؤقتة لمدة شهرين أو 3 أشهر لحين انتهاء انتخابات الكنيست التي عقدت في شهر إبريل/نيسان الماضي، حيث ستفرز هذه الانتخابات حكومة إسرائيلية جديدة ستعمل على فكفكة الأزمة المالية لدى السلطة.

وحينما قررت إسرائيل الذهاب لإعادة الانتخابات، في ضوء فشل تشكيل الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو حتى تكرر ذات السيناريو بأن الانتخابات لم تفرز حكومة إسرائيلية يمكن أن تحدث اختراقاً في جدار أزمة السلطة المالية، وفقاً لعبد الله.

التطبيق الخاطئ لبروتوكول باريس

ويرى عبد الله أن إسرائيل تنصلت من تطبيق بنود بروتوكول باريس الاقتصادي، لكن يتوجب إذا تم إحياء وتفعيل اللجان المنبثقة عن هذا البروتوكول هو تحديد المطالب صراحة أمام إسرائيل والرأي العام، وعدم الدخول في التفاصيل.

ووفقاً لعبد الله فهذا يستدعي التركيز على 3 خطوات: دعوة إسرائيل لتطبيق ما تنصلت منه، والثاني إيجاد آليات عملية للتطبيق، وإعادة إجراء تعديلات على بنود الاتفاقية ثالثاً.

ويشدد على ضرورة عدم الذهاب ببراء لهذه الاجتماعات، "والقبول بالفتات من الحقوق والإنجازات"، وهنا يدعو لأن تكون الأمور واضحة عبر تحديد جلسة يتم من خلالها فحص جدية الموقف الإسرائيلي واستعداده لتنفيذ ما ورد في الاتفاقيات.

الاستغلال السياسي

ويؤكد أن الخطاب يجب أن يؤكد أن هذه اللجان هي لجان فنية اقتصادية، ستبحث في قضايا محددة في تطبيق الاتفاقية الاقتصادية، وليس إحياءً لعملية السلام.

كما ويتوجب على السلطة أن تنتبه أن إسرائيل ستحاول استغلال عملية عودة اللجان لتصوره على أنه تقدم في المفاوضات بين السلطة وإسرائيل، من وجهة نظر الخبير عبد الله.

ويلفت إلى أن إسرائيل تستغل هذه اللجان من خلال الإيحاء بعودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وبالتالي هذا سيكون عاملاً مشجعاً للأنظمة العربية للاستمرار في التطبيع مع إسرائيل.

رواتب الموظفين

الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب، توقع أن صرف رواتب الموظفين في الضفة الغربية ستعود لطبيعتها ما قبل بداية أزمة المقاصة في نيسان/إبريل الماضي.

أما في قطاع غزة، فتوقع أبو جياب في لقاء مع مراسل "وكالة سند"، بأن استلام أموال المقاصة لن تنعكس بشكل كبير على الموظفين العموميين بالقدر الذي ستحافظ على ما أقرته السلطة من نسبة للصرف.

ويقول إن واقع السلطة المادي سيتحسن إذا استمرت إسرائيل في دفع أجزاءً من اقتطاعات أموال المقاصة المحتجزة والتي تتجاوز 4 مليار شيكل، مشيراً إلى أن المليار الذي دفعته إسرائيل مؤخراً بدأت بإعادة بدورة العمل الاقتصادية الطبيعية للسلطة.

وتوقع أبو جياب أن تستمر إسرائيل في دفع مزيد من الأموال المحتجزة للسلطة، وهذا سيمكن السلطة في معالجة الكثير من المشكلات الناجمة عن رفض استلام الأموال في البداية، وأبرزها خفض الدين العام للبنوك المحلية والخارجية.

  وإيرادات المقاصة، هي ضرائب تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، ويبلغ متوسطها الشهري (نحو 188 مليون دولار)، تقتطع تل أبيب منها 3 بالمائة بدل جباية.