الساعة 00:00 م
الأربعاء 21 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
4.98 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.97 يورو
3.53 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

حماس: لا مفاوضات حقيقية منذ السبت ونتنياهو يُحاول تضليل العالم

منظمات أممية ومحلية لـ سند: الاحتلال يضلل العالم في قضية مساعدات غزة

حين ينام العالم.. ويستيقظ الرعب في غزة

بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية

ترجمة خاصة.. الغارديان: أكثر من ثلثي المواقع الثقافية والأثرية في غزة تضررت

حجم الخط
قصر الباشا11.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

سلطت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على ما خلفته حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية من تدمير وتخريب للمواقع التراثية والثقافية والأثرية في قطاع غزة ونقلت عن خبراء فلسطينيون وعلماء آثار بريطانيون إن أكثر من ثلثي تلك المواقع تضررت.

وأشارت الصحيفة إلى قصر الباشا التاريخي في مدينة غزة الذي تحول إلى أنقاض، بعد أن كانت الجدران الجيرية الذهبية للمبنى الذي يعود تاريخه إلى 800 عام ترتفع فوقه قبل الحرب الإسرائيلية، وكانت القاعات المقببة الباردة تحتوي على مئات من القطع الأثرية التاريخية التي لا تقدر بثمن.

وأبرزت الصحيفة أن القصر كان بمثابة جنة صغيرة على الأرض، لكن الآن، لا حياة فيه على الإطلاق، وكل من يزوره يشعر بالحزن ولا يزال بإمكانهم تذكر ما كان عليه في الماضي.

كان الموقع يضم قصر وحصن أقيمت خلال الحكم المملوكي والعثماني لغزة، حيث قضى القائد الفرنسي الشهير نابليون بونابرت عدة ليالٍ هناك.

لكن لم يُبقِ القصف الإسرائيلي والهجمات العسكرية على مدينة غزة أواخر عام ٢٠٢٣ وأوائل عام ٢٠٢٤ سوى بضعة أجزاء من الجدار وقوس.

ويُعد قصر الباشا واحدًا من عشرات المواقع التراثية الرئيسية التي دُمرت أو تضررت بشدة خلال الحرب الإسرائيلية على غزة التي تجاوز عدد الضحايا فيها أكثر من 48 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين.

وأدت الحرب الإسرائيلية إلى تدمير غزة، ولم يبق منها سوى أقل من عُشر المنازل، كما أدت إلى تدمير أنظمة الصرف الصحي والمرافق الصحية والمدارس والجامعات والطرق وغير ذلك الكثير.

ويقدر خبراء فلسطينيون يعملون مع علماء آثار بريطانيين بأن أكثر من ثلثي المواقع التراثية والثقافية والأثرية في غزة تعرضت لأضرار، وكثيرا ما كانت الأضرار بالغة.

جرائم حرب إسرائيلية

قالت الغارديان إن المواقع التراثية والثقافية في غزة استُهدفت مباشرةً من قِبل القوات الإسرائيلية في هجمات قد تُشكل جرائم حرب في بعض الحالات.

على مقربة من قصر الباشا، يقع حمام السمارة، وهو حمام عمره 700 عام، وكان من أهم آثار غزة. كان حارسه سليم الوزير، 74 عامًا، الذي قضى الحرب في جنوب غزة يعيش في الخيام.

تولى الوزير إدارة الحمام عام 1970 من والده الذي استأجره من عائلة عريقة من وجهاء غزة في عهد الحكم العثماني.

قال "في اليوم الأول الذي تمكنا فيه من العودة إلى شمال غزة من المكان الذي لجأنا إليه، لم أذهب إلى منزلي بل أتيت أولاً للتحقق من الحمام".

عندها صعق الوزير. لقد دُمر الحمام بالكامل تقريبًا. وقال "لقد فقدت مكانًا كان يعني لي الكثير، مكانًا كان يجمع الناس ويوفر لهم الراحة والاسترخاء. كما فقدت جزءًا من تاريخ عائلتي، وبالطبع جزءًا من ذاكرة غزة الجماعية".

وقد قدّر تقريرٌ حديثٌ صادرٌ عن خبراء فلسطينيين في مجال الحفاظ على التراث في الضفة الغربية المحتلة وعلماء آثار بريطانيين أن تكلفة حماية المواقع التاريخية من المزيد من الضرر في غزة - في حال استمرار وقف إطلاق النار الحالي - ستبلغ حوالي 33 مليون دولار أمريكي، وستستغرق ما يصل إلى 18 شهرًا.

وقد تبلغ تكلفة إعادة الإعمار بالكامل ما يقرب من عشرة أضعاف ذلك، وستستغرق ما يصل إلى ثماني سنوات.

وبحسب الغارديان لم تُولِ المقترحات المتنافسة لإعادة إعمار غزة اهتمامًا يُذكر للمواقع التاريخية. اقترح دونالد ترامب تدمير القطاع بعد تهجير سكانه لبناء "ريفييرا الشرق الأوسط" . ويتطلع آخرون إلى مدن مثل دبي كمصدر إلهام، مع التركيز على الفنادق والمراكز التجارية الشاهقة، بدلًا من التراث.

لكن كثيرين في مدينة غزة يريدون مستقبلا مختلفا حتى للمباني التاريخية الأكثر تضررا، ويطالبون بحمايتها وإعادة بنائها في نهاية المطاف.

يقول الوزير: "إذا لم يتولَّ أحدٌ غيري هذه المهمة، فسأقضي بقية حياتي في إعادة بناء حمام السمارة بنفسي. أعتقد أننا نستطيع إعادة بنائه كما كان تمامًا، باستخدام نفس الأحجار والتصميم. بهذه الطريقة، نستعيد روحه السابقة".

ويشير الخبراء أيضًا إلى بقايا الآثار الرومانية واليونانية التي تعرضت للقصف، فضلاً عن المقابر التاريخية التي تعرضت للتدمير، للتأكيد على الثراء الثقافي الذي لا يزال معرضًا لخطر المزيد من الضرر.

العمري.. الخسارة الأكبر

يرى العديد من السكان أن المسجد العمري، أقدم وأكبر مسجد في المنطقة، هو الخسارة الأكبر المحتملة.

كان المبنى في الأصل كنيسة بيزنطية، ثم حُوِّل إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي لفلسطين قبل نحو 1400 عام. وُسِّع المسجد على مر القرون، وأُعيد بناؤه مرة واحدة بعد أن كاد أن يُدمَّر بسبب قصف المدفعية البريطانية لمستودع ذخيرة عثماني هناك.

ويشير المؤرخون إلى المسجد، إلى جانب ميناء روماني ومواقع أخرى، كدليل على أهمية غزة كمركز تجاري مزدهر لمدة 2000 عام.

وكان طارق هنية (60 عاماً) يعمل في المسجد مرشداً سياحياً منذ شبابه.

قال هنية " عشتُ حياتي في غزة، بجوار المسجد. كانت الحرب قاسية بكل معنى الكلمة. كل يوم كان كابوسًا جديدًا. فقدت أصدقائي، وأفراد عائلتي، وفقدتُ منزلي الذي آواني لعقود، وفقدتُ المسجد العمري كما عرفته".

على الرغم من أن المنبر الخشبي الشهير للمسجد الذي يعود إلى العصر المملوكي قد نجا دون أن يتعرض لأي ضرر تقريبًا، إلا أن جزءًا كبيرًا من سقفه قد ضاع، ومعظم الجدران أصبحت في حالة خراب، والمئذنة انهارت جزئيًا.

أضاف هنية "سيتم ترميمه بالتأكيد. في الواقع، نحن نعمل على ذلك بالفعل. هناك فريق يجمع أحجار المسجد المكسورة لترميمه في أسرع وقت ممكن. صحيح أن المسجد القديم كان يحمل بين جدرانه تاريخًا لا يُنسى، لكننا سنعيد بنائه.