عادت مشاهد الفقد تُمزِّق قلوب أهالي قطاع غزة، التي لم تهدأ ولم تسكن، أوجاع مركبة ومتراكمة، عادت رائحة الموت في اليوم الـ 58 من اتفاق وقف إطلاق النار، لتجدد حرب الإبادة، ويُلقي المودعون نظرات الرثاء فوق رؤوس أحبتهم للمرة الأخيرة.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، شابا يتوسط جثامين شهداء عائلته وهو يقول:" الحمد لله، شهداء في أيام مباركة، ربنا اصطفاهم في شهر رمضان الفضيل".
ويُردف والعبرات تخنق صوته: "إن شاء الله تكونوا بالفردوس الأعلى، وبتشفعولي يوم القيامة، الله يرحمك يختي ياحنونة، يارفيقتي.. يارفيقتي بالدنيا والآخرة إن شاء الله.. إنا لله وإنا إليه راجعون".
وأظهر مقطع آخر أم تجلس بجوار نجلها تشيعه بنظرات القهر والحزن، دون أن تنبس ببنت شفة، تتحسس بنظراتها وجهه للمرة الأخيرة، لن تراه بعد الآن، ولن تتكرر أحضان الوداع مرة أخرى.
تُعيدنا هذه المشاهد إلى آلاف المشاهد المماثلة، قبل اتفاق وقف إطلاق النار، تقصم ظهور أهالي قطاع غزة بفقدهم عائلاتهم وأحبتهم، وسط صمت دولي وتخاذل عربي.
وفي مشهد آخر، تتهافت نساء العائلة على إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان فقيدها، ولسان حالهم، هذا ليس حلماً أو كابوساً، إنها حقيقة الموت الذي يأخذ حبيبك دون رجعة.
وفجر اليوم الثلاثاء، استأنف الاحتلال الإسرائيلي بشكل مفاجئ حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، من خلال تصعيد عسكري كبير شمل معظم مناطق القطاع، واستهدف المدنيين وقت السحور.
وأكدت وزارة الصحة وصول 326 شهيدا، وأكثر من 440 مصابا بينهم حالات خطيرة جدا، "نتيجة الاستهدافات والمجازر المتعددة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ ساعات فجر اليوم على قطاع غزة".