"الصحافة كلمة حق أمام سلطان جائر"، هكذا وصفها الأب المكلوم، الذي فقد ابنه الصحفي محمد منصور في لحظة لا تُقاس بمدى الألم، كانت تلك الكلمات أكثر من مجرد وصف، بل كانت صرخة لحقٍ مسلوب، وصوتٍ يتردد في الفراغ بعد أن اختفى صاحبه.
"قوم احكي، احكي للعالم"، تلك الكلمات التي قالها والد منصور، لم تكن مجرد طلب بل كانت نداءً لكل من يحمل الكاميرا أو القلم: أن يستمروا في نقل الحقيقة مهما كانت التضحيات.
وظهر اليوم الاثنين، استشهد الزميل الصحفي محمد منصور، مراسل فضائية "فلسطين اليوم"، إثر استهداف الاحتلال لمنزل في منطقة "بطن السمين" جنوبي مدينة خانيونس، في جنوبي قطاع غزة، وبعد أقل من ساعة على استشهاد منصور، ارتقى الصحفي حسام شبات، جراء قصف إسرائيلي استهدف سيارته شمالي قطاع غزة.
"ياريتني صحفي وأكمل"..
وفي لحظة وداع مفجعة، جلس والد الصحفي الشهيد محمد منصور بجانب جثمان ابنه، والمايك فوق جسده المسجى، بينما كان صوته يختلط بالحزن العميق والألم الذي لا يوصف، قال بكلمات مليئة باللوعة: "قوم احكي، احكي للعالم، احكي إنت اللي تحكي الصورة بتعبر".
لم يتوقف الأب المكلوم عن الحديث، بل تابع قائلًا: "آخ... خليه يحكي، احكي، ضلك احكي، ضلك احكي"، كانت كلماته بمثابة طلب، بل هو نداء للصوت الفلسطيني أن يظل عاليًا، مهما كانت التضحيات.
وأضاف الأب "عماد" في فيديو رصدته "وكالة سند للأنباء" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، "ياريتني صحفي وأستمر وأقول وأقول، ياريتني صحفي وأكمل عنك يابا، والله مستعد أصير صحفي، الصحافة كلمة حق أمام سلطان جائر".
من جانبها، عبرت والدة الصحفي الشهيد محمد منصور وهي تودعه وتبكي قائلة: "والله كنت حنون عليا، والله كنت حاسة، حبيبي يما، حبيبي يما، والله منا مصدقة، ياحبيبي ياحمودة، بكري يما، بكري يما"..
"تعمد استهداف الصحفيين"..
ويتعمد الاحتلال استهداف الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل ممنهج، في محاولة دنيئة لإسكاتهم ومنعهم من نقل الحقيقة للعالم، هؤلاء الصحفيون، الذين يقفون في الخطوط الأمامية لمواجهة القصف والدمار، يصبحون هدفًا دائمًا للقتل والتهديد.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين ليصل إجمالي عدد الصحفيين الذين استشهدوا منذ بداية حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 16 شهرًا إلى 208 صحفيين.
وبعد استشهاد الصحفيين محمد منصور وحسام شبات، كان يومًا ثقيلًا على الصحفيين والمواطنين في قطاع غزة، اختلط فيه الألم بالحزن، وشعور العجز يخيّم على القلوب.
ورصدت "وكالة سند للأنباء" منشورات حزينة ومؤثرة على منصات التواصل، حيث عبّر العديد من الصحفيين والمواطنين عن أسفهم وفقدهم الكبير، مشيدين بتضحيات الشهيدين منصور وشبات اللذين دفعا حياتيهما ثمناً لنقل الحقيقة.