أثارت تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بشأن استمرار المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لـ "إسرائيل"، صدمة كبار المسؤولين في النظام الأمني والصناعات الدفاعية.
وخلال نقاش عقدته لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، يوم الاثنين الماضي، قال نتنياهو إنّ "إسرائيل تتلقى حوالي 4 مليارات دولار سنويًا لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة، وأعتقد أننا قد نتوقف عن تلقي هذه المساعدات، تمامًا كما تم التوقف عن المساعدات الاقتصادية."
واتفاقية المساعدات العسكرية الحالية، التي بموجبها تقدم الولايات المتحدة لـ "إسرائيل" منحة سنوية قدرها 3.8 مليار دولار تم توقيعها في عام 2016.
وبالإضافة إلى ذلك، تم نقل حوالي 5.2 مليار دولار إلى "إسرائيل" في الأشهر الأخيرة، عبر منحة خاصة من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
وفي هذا السياق، يعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مسلماني، أن توقف أو تقليص المساعدات الأميركية، قد يكون له انعكاسات خطيرة على أمن "إسرائيل" واقتصادها.
وبين مسلماني، في حديث خاص بـ وكالة سند للأنباء، أنه وفقًا لتقارير حديثة، فإن هناك نقاشًا متزايدًا في واشنطن حول إعادة تقييم الدعم العسكري لـ "إسرائيل"، خاصة في ظل الانتقادات الدولية للحرب في غزة.
ومن أبرز المخاوف الإسرائيلية، بحسب مسلماني، التأثير على التفوق العسكري، حيث تعتمد "إسرائيل" بشكل كبير على المساعدات الأميركية لتمويل أنظمة الدفاع مثل القبة الحديدية ومقلاع داود، وأي تقليص في الدعم قد يؤثر على قدرتها في مواجهة التهديدات الإقليمية.
ولفت أن واشنطن قد تستخدم المساعدات كأداة ضغط لدفع "إسرائيل" نحو تقديم تنازلات سياسية، مثل وقف العمليات العسكرية في غزة، وهذا قد يؤدي إلى أزمة إسرائيلية داخلية، حيث يواجه نتنياهو انتقادات متزايدة من المعارضة والجيش.
كما أشار مسلماني إلى التأثير الاقتصادي، حيث تستفيد "إسرائيل" من المساعدات الأميركية، ليس فقط عسكريًا، ولكن أيضًا في مجالات التكنولوجيا والصناعات الدفاعية، وأي تقليص في الدعم قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وزيادة الضغوط المالية على الحكومة الإسرائيلية.
لكن مسلماني، يرى أنه، رغم كل المخاوف، فالعلاقة الاستراتيجية بين واشنطن و "تل أبيب" قوية جدًا، ومن غير المرجح أن يتم إيقاف الدعم بالكامل، لكن هناك احتمالًا لتقليص المساعدات أو فرض شروط جديدة على استخدامها، خاصة في ظل الضغوط الدولية على إدارة ترامب.
ويعتقد أن "إسرائيل" ستسعى لتعزيز العلاقات مع دول أخرى مثل الهند وأوروبا، للحصول على دعم عسكري بديل، وزيادة الاستثمار في الصناعات الدفاعية المحلية لتقليل الاعتماد على واشنطن، بالتزامن مع محاولة تحسين العلاقات مع الإدارة الأميركية.
ويختم الباحث مسلماني حديثه بالقول إن "إسرائيل تواجه مرحلة حساسة في علاقتها مع واشنطن، حيث قد تضطر إلى إعادة تقييم استراتيجيتها الدفاعية والسياسية، في حال حدوث أي تغيير في الدعم الأميركي".
بدوره، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، أن "إسرائيل" تتخوف من عدة اتجاهات، فيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية.
ويقول، في حديثه لـ وكالة سند للأنباء، إن هناك محاذير إسرائيلية من قطع المساعدات العسكرية الأمريكية بالكامل، والتي تشكل نحو 4 مليار دولار سنويا.
ويتابع "إلى جانب ذلك، تتخوف إسرائيل من توقف أمريكا عن شراء بعض المعدات العسكرية والتكنولوجية، وهوما سينعكس سلبا على مبيعات السلاح والتكنولوجيا الإسرائيلية".
ويعتقد أبو عواد، أن الأمر لن يصل لقطع المساعدات، بل يبقى مرهونًا بتوجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأنه ربما يضع اشتراطات جديدة من أجل تجديد اتفاقية المساعدات العسكرية، التي تنتهي قريبا.
ويردف أنّ "إسرائيل تتخوف من أن أي تراجع في المساعدات، هو علامة على تراجع الدعم الدبلوماسي والسياسي الأمريكي، وهو ما سينعكس على دعم الجالية اليهودية في الداخل الأمريكي لإسرائيل".
وتعد المساعدات الأمريكية جزءًا حيويًا من الأمن الإسرائيلي، حيث تُستخدم لتمويل شراء أنظمة أسلحة أساسية مثل الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية، وتساهم أيضًا في المشاركة الأمريكية في برامج التطوير التي تقودها الصناعات الدفاعية المحلية لـ "إسرائيل".