يُعد محمد أبو تريكة أيقونة كروية وإنسانية، حيث قُدرت ثروته المالية بملايين الجنيهات من مشاريع واستثمارات، إلا أن ثروته الحقيقية تكمن في مواقفه الأخلاقية وأعماله الخيرية البارزة، مثل دعمه لغزة ومكافحة الجوع وتبرعاته السخية، مما جعله "قديس الكرة المصرية".
عندما يتبادر اسم محمد أبو تريكة إلى الأذهان، لا تحضر فقط صورة لاعب كرة قدم موهوب، بل تتجلى سيرة إنسانية راقية، ومواقف أخلاقية نادرة، ومسيرة رياضية استثنائية قلّما تتكرر في تاريخ الكرة العربية. لقد كان أبو تريكة رمزًا فنيًا فوق العادة داخل المستطيل الأخضر، وأيقونة أخلاقية خارجه. ولكن بعيدًا عن الشهرة والنجومية، يثار سؤال مثير للاهتمام: كم تبلغ ثروة هذا اللاعب الذي طالما نأى بنفسه عن مظاهر البذخ؟ وهل كانت مسيرته مصدرًا للثراء، كما كانت مصدرًا للإلهام؟ لنكتشف التفاصيل.
كم تبلغ ثروة محمد أبو تريكة؟
لا تُكشف ثروات اللاعبين بشكل دقيق في العالم العربي، ولكن تقارير إعلامية عديدة تناولت ثروة محمد أبو تريكة بتقديرات تقريبية. ففي عام 2008، نشرت مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية تقريرًا أفاد بأن ثروته وصلت إلى 10 ملايين يورو، وهو رقم وضعه حينها في المركز 29 ضمن أغنى لاعبي العالم. وفي تقرير حديث، قُدرت ثروته بنحو 23 مليون جنيه مصري. ورغم تجميد بعض ممتلكاته في مصر في فترات لاحقة، إلا أن هذه التقديرات تعكس حجم الإيرادات التي حققها خلال مسيرته.
المشاريع التجارية لأبو تريكة
بعيدًا عن الملاعب، يُعرف محمد أبو تريكة كرجل أعمال متواضع بدأ بإنشاء عدة شركات والاستثمار في مجالات متنوعة. قبل مغادرته مصر، كان يمتلك ثلاث شركات على الأقل، من بينها شركة سياحية، إلى جانب مشروعات في معارض السيارات وملاعب الخماسي، بالشراكة مع زميله هادي خشبة. وبعد استقراره في قطر، افتتح مشروعًا تجاريًا جديدًا في عام 2018 بالشراكة مع زميله الإعلامي محمد سعدون الكواري والمصمم التركي الشهير باريش كوربال، مما يدل على حرصه على تنويع مصادر دخله.
أعمال أبو تريكة الخيرية: العطاء بلا حدود
لم يكن العطاء غريبًا عن محمد أبو تريكة؛ فقد حرص دومًا على مساندة الفقراء والمحتاجين. في عام 2005، شارك في "مباراة ضد الفقر" بجانب نجوم عالميين مثل زين الدين زيدان ورونالدو، بهدف دعم جهود الأمم المتحدة لمكافحة الفقر. كما شارك في إعلان مؤثر للتوعية بمأساة الجوع الذي يودي بحياة 25 ألف شخص يوميًا، منهم 18 ألف طفل. وعندما تلقى مكافأة بمليون جنيه من رجل الأعمال نجيب ساويرس، تبرع بها بالكامل لصالح الأعمال الخيرية، وعلى رأسها مستشفى سرطان الأطفال.
مواقف إنسانية لا تُنسى
من أبرز مواقفه التاريخية التي حفرت اسمه في قلوب الملايين: رفعه لقميص كتب عليه "تعاطفًا مع غزة" خلال بطولة أمم إفريقيا 2008، رغم تحذير الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) من العقوبات. كما تضامن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم برفعه قميصًا كتب عليه "فداك يا رسول الله" عام 2008 خلال أزمة الرسوم المسيئة. وفي عام 2010، سافر إلى الجزائر كمبادرة صلح بعد أحداث أم درمان الشهيرة، ليعلن دعمه لمنتخب الجزائر في كأس العالم، في لفتة تُظهر مدى عمق وعيه الاجتماعي.
أبو تريكة: سفير الإنسانية
نظرًا لجهوده الإنسانية، اختير محمد أبو تريكة سفيرًا لبرنامج الأغذية العالمي لمكافحة الفقر، وشارك في العديد من الإعلانات التوعوية. كما تبرع ببناء مسجدين في غانا ورواندا، وشارك في دعم أسر ضحايا مذبحة بورسعيد 2012، مما يعكس دوره الفاعل في دعم المجتمع. ولهذا، لقّبه الجمهور بـ"قديس الكرة المصرية" لعطائه المتواصل في الخفاء، والذي لم يكن يهدف منه إلى الشهرة أو الثناء.
الرقم 22: سر خاص في حياة النجم
يحمل الرقم 22 دلالة خاصة في حياة محمد أبو تريكة. عند توقيعه للنادي الأهلي، سافر لأداء العمرة، وخلال زيارته للمسجد النبوي الشريف، خرج من باب يحمل رقم 22. شعر بأن لهذا الرقم دلالة خاصة في حياته، فطلب من إدارة النادي ارتداء هذا القميص، ليصبح بعدها الرقم الأشهر في تاريخ الكرة المصرية، ورمزًا للاعب الذي تجاوز الملاعب ليصبح ظاهرة إنسانية.