الساعة 00:00 م
الثلاثاء 03 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.78 جنيه إسترليني
4.98 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.04 يورو
3.53 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

غزة في قلب نهائي دوري أبطال أوروبا 2025

مصائد موت وإذلال المُجوَّعين.. مساعدات مغمسة بدماء الباحثين عنها في غزة

"دولة المستوطنين" تتشكل في قلب الضفة تحت غطاء الردع

حجم الخط
دولة المستوطنين بالضفة.jpeg
نابلس- نواف العامر- وكالة سند للأنباء

في الوقت الذي تمارَس فيه الإبادة الجماعية في قطاع غزة تحت مرأى ومسمع العالم، تُنفّذ "إسرائيل" على الأرض مخططًا صامتًا وأكثر تعقيدًا في الضفة الغربية، مع تصاعد وتيرة العقوبات الجماعية وهجمات المستوطنين بشكل منهجي ومدروس في مختلف المناطق.

هذه السياسات، التي لا تقتصر على المناطق التي تشهد مقاومة، تهدف بحسب مختصين، إلى تهجير الفلسطينيين تدريجيًا وإعادة تشكيل الجغرافيا بما يخدم مشروع "دولة المستوطنين".

وقبل أيام، أعلن وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، رسميًا، أن "الكابينت" ​​وافق على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية على طول الحدود الأردنية.

وقال الوزير المتطرف "سموتريتش" عقب إعلانه عن إقامة المستوطنات الجديدة، "هذا يوم مهم للاستيطان، ويوم تاريخي لإسرائيل".

ويشمل المخطط تسعة مواقع استيطانية قائمة ستتم "تسوية" وضعها القانوني، فيما يُتوقع أن تُقام بعض هذه المستوطنات في مناطق معزولة في عمق الضفة الغربية، من بينها جبل عيبال قرب نابلس.

ومن بين المستوطنات التي شملها القرار مستوطنا "حومش" و"سانور"، في شمال الضفة، وهما مستوطنان قد تم إخلاؤهما بموجب قرار فك الارتباط الذي أعلنه ارئيل شارون في عام 2005.

ويتضمن المخطط أيضًا إقامة ثلاث مستوطنات في منطقة غور الأردن، إلى جانب مستوطنتين في شمالي الضفة الغربية، إضافة إلى مستوطنتين في منطقتي "غوش عتصيون" و"جبل الخليل".

سياسة إفراغ الأرض..

الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق، يقول إن الاحتلال الإسرائيلي يمارس العقوبات الجماعية بشكل منهجي، وهي ليست فقط وسيلة لردع الشارع الفلسطيني أو معاقبة المقاومة، كما يعتقد البعض، بل هي أداة أوسع تُستخدم ضد الفلسطينيين في مختلف المناطق، سواء شهدت مقاومة أم لم تشهد.

ويضيف القيق في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "إذا نظرنا إلى خريطة انتشار هذه العقوبات، نجد أنها تطال مناطق لا توجد فيها مقاومة مثل مسافر يطا، الأغوار، بيت لحم، والرامة، تمامًا كما تطال مناطق تشهد مقاومة مثل شمال الضفة الغربية. وهذا يعكس سياسة ممنهجة هدفها الأساسي إفراغ الأرض من سكانها الأصليين".

ويتابع: الخطوة الأولى في هذه الاستراتيجية تأتي من المستوطنين، الذين يكثفون هجماتهم على القرى الفلسطينية بالتنسيق مع جيش الاحتلال. كلما زادت هذه الهجمات، تراجع السكان إلى داخل قراهم أو اضطروا للانتقال إلى المدن، مما يسهل على إسرائيل بسط سيطرتها. هذه ليست حالات فردية بل سياسة ثابتة ومتكررة".

ربط المقاومة بالاستيطان

ويرى القيق أن العقوبات الجماعية تُستخدم أيضًا كوسيلة لردع المجتمع عن دعم المقاومة، مضيفًا: "على سبيل المثال، عندما يعتدي جندي على أم شهيد أو يسحلها على الأرض، فإن الهدف ليس فقط الإيذاء الجسدي، بل توجيه رسالة: هكذا سيكون مصير أهلك إن شاركت في المقاومة".

ويعقّب: "إنها سياسة الردع المسبق التي تهدف إلى نشر الخوف والإحباط بين الناس".

ويردف "ضيف سند": "الاحتلال يحاول أن يروّج لفكرة أن المقاومة تجلب الاستيطان وتسرّع الإجراءات العسكرية، إلّا أن الواقع يُثبت أن هذه الممارسات تحدث حتى في المناطق الهادئة أيضًا. فالهدم، المصادرة، وبناء الحواجز، ليست ردود فعل على مقاومة، بل جزء من مخطط مسبق لإعادة تشكيل الجغرافيا لصالح المستوطنين".

الهدم العشوائي.. فرض واقع جديد

ويقول القيق إن عمليات الهدم التي تحدث الآن، خاصة في مناطق "ج"، لا تستهدف فقط المنازل التي تتهم بالمشاركة في عمليات ضد الاحتلال، بل تتعدى ذلك إلى منازل لا علاقة لها بأي نشاط.

ويوضح أن "الهدف هو فرض واقع جغرافي جديد يُدار من قبل قيادة المستوطنين. وقد صرّح أحد قادة المستوطنين في فيلم وثائقي بريطاني بأنهم على تواصل مباشر مع الحكومة الإسرائيلية، رغم أن الأخيرة لا تعلن ذلك تجنبًا للإحراج الدولي".

ويكمل القيق: "بحسب تصريحات لمستوطِن بارز، فإن عام 2025 هو "عام السيطرة على ما تبقى"، وعام تكثيف الهدم ضد الفلسطينيين. في المقابل، نرى أن المناطق التي أظهرت مقاومة مثل دير جرير، المزرعة الشرقية، سنجل، وترمسعيا شمال رام الله، تواجه حملات تجريف ومصادرة واسعة، طالت عشرات آلاف الدونمات".

ويرى القيق أن الهدف النهائي من هذه السياسات هو تقطيع أوصال الجغرافيا الفلسطينية، وتسهيل ربط المستوطنات ببعضها البعض، تحت غطاء "الرد على العمليات". إلا أن الحقيقة تؤكد أن ما يحدث هو تنفيذ لاستراتيجية معدة مسبقًا تهدف إلى إنهاء أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا.

هدم منزل في بروقين  (2).jpg
 

ومؤخرًا، كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن خطة أعدت عام 2023، وضعها مهنيون في ما يسمى مجلس مستوطنات السامرة، لجلب ما لا يقل عن مليون و150 ألف مستوطن في مناطق محددة في شمال الضفة الغربية حتى العام 2050.

وتشمل الخطة توسيع عدد من المستوطنات وتحويلها لمدن والعودة لمناطق أخليت في فك الارتباط عام 2005، وإقامة مناطق صناعية كبرى ومستشفى إقليمي، وتمديد خطوط قطار لوسط البلاد وشمالها، وتوسيع طرق بل وحتى فحص إمكانية إقامة مطار وسوف تضاف 180 ألف وحدة سكن.

وتدرس سلطات الاحتلال وفق الصحيفة، "الرد" على عملية بروقين، بخطة كبرى لإقامة 13 مدينة و5 مناطق صناعية في شمال الضفة الغربية تخرج إلى المرحلة الأولى بإعلان عن ميزانية 30 مليون شيقل وانطلاق فوري لتخطيط المدن التي ستغير بشكل دراماتيكي وجه المنطقة.

السيطرة على قلب الضفة..

من ناحيته يقول الناشط في مواجهة الاستيطان، عايد الغفري، إن اعتداءات المستوطنين تتصاعد بشكل ملحوظ في مناطق محددة من الضفة الغربية، حيث تتركز الهجمات في محيط مدينة رام الله وقراها الشرقية والشمالية، إضافة إلى جنوب نابلس، مع استهداف مباشر للتلال المطلة على الأغوار، مرورًا بقرى ترمسعيا وسنجل ووصولًا إلى مستوطنة أريئيل.

ويعتبر الغفري في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن هذا التصعيد يعكس مخططًا عمليًا للسيطرة على قلب الضفة الغربية، موضحًا أن استهداف هذه المناطق يرتبط بمساعٍ إسرائيلية لتجسيد مشروع "غوش شيلو" جنوب نابلس، وربط امتداد غور الأردن بمستوطنة أريئيل.

عزل وسط الضفة عن شمالها..

ويوضح الغفري أن استكمال هذا "البلوك الاستيطاني" سيؤدي إلى إنشاء حاجز استيطاني يعزل وسط الضفة عن شمالها، مشيرًا إلى أن هناك تحركًا مماثلًا يُنفّذ حاليًا جنوب الضفة، وتحديدًا في الخليل وبيت لحم.

ويسرد أرقامًا تعكس حجم السيطرة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، من بينها بلدة دير دبوان شرقي رام الله، التي لم يتبقَ من مساحتها البالغة 70 ألف دونم سوى 2200 دونم فقط.

وفي بلدة المغير لم يتبقَ من أصل 43 ألف دونم سوى نحو ألف دونم، فيما تقلصت أراضي بلدة سنجل من 16 ألف دونم إلى حوالي 5000 دونم. أما بلدة قريوت جنوب نابلس، فلم يتبقَ من مساحتها البالغة 40 ألف دونم سوى نحو 500 دونم فقط.

استيطان إسرائيلي.jpg
 

ويؤكد "ضيف سند" أن "الدعم الحكومي المفتوح للاستيطان يسير نحو تأسيس دولة للمستوطنين في قلب الضفة الغربية"، معتبرًا أن المرحلة القادمة ستكون أكثر صعوبة على القرى والتجمعات الفلسطينية، في ظل تسارع مخططات الضم.

واستكمالًا لقضم الأراضي بالضفة، فقد أضحى ما نسبته 80% من القرى الفلسطينية الواقعة على شارع 60 والمحاذية للمستوطنات محاصر من جميع الاتجاهات، وفق الغفري، محذرًا من أن السياسة الإسرائيلية القادمة تهدف إلى تفريغ مناطق "ج" من سكانها، عبر ترحيل نحو 300 ألف فلسطيني منها إلى مناطق "أ" و"ب"، ما يتيح السيطرة على ما يقارب 62% من مساحة الضفة الغربية.

وفي إطار تعاظم قوة المستوطنين بالضفة، فقد أصبح لديهم وحدات عسكرية استراتيجية في الجيش الإسرائيلي، تضاهي وحدة "غولاني" ووحدات النخبة، بحسب ضيفنا، مشيرًا إلى أن المستوطنين حققوا خلال العامين الماضيين ما يعادل ثلاثة أضعاف ما أنجزته الدولة العبرية خلال أكثر من سبعة عقود.

اعتداءات المستوطنين.jpeg
 

الضفة تتحول لكانتونات..

من جهته، يرى المختص بالشأن الإسرائيلي فلراس ياغي، أن ما ينتظر التجمعات الفلسطينية بالضفة أن تتحول لكانتونات ومعازل تتنقل فيما بينها بتصاريح خاصة وتطبيق الأبارتهايد العنصري في الشوارع وصولا لحسم الصراع بالضفة .

ويرجح "ياغي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن يخيّر الفلسطيني في قادم الأيام بالعمل في مصانع المستوطنات أو الطرد أو القتل، وذلك وفق تصريحات ورؤى سموتريتش بينما الخيار الحقيقي للفلسطيني استعادة الوحدة الوطنية والذهاب نحو تشكيل لجان شعبية للحماية .

ويخلص ياغي إلى أن القادم قد يكون "دولة يهودا" في الضفة على وقع القدرة والقوة للمستوطنين وميليشاتهم المنظمة، والسيطرة من خلال مفهوم الحكم المحلي ويمثله المجالس الإقليمية للمستوطنات.

اعتداءات مستوطنين.jpg
 

هجمات عصابات "تدفيع الثمن"..

من جهته، قال الناشط والمختص في شؤون الاستيطان، بشار قريوتي، إن التركيز الاستيطاني على قرى رام الله وجنوب نابلس نابع من تمركز عصابات "تدفيع الثمن" في تلك المناطق، والتي تنتشر فيها عشرات المستوطنات والبؤر والمشاريع الاستيطانية.

وفي تعقيبه على الهجمات العنيفة التي استهدفت بلدتي بروقين وكفر الديك، عقب عملية 15 أيار التي قُتلت فيها مستوطنة إسرائيلية، أشار قريوتي إلى أن الاحتلال وقيادات المستوطنين استغلوا الحدث كفرصة مناسبة، بالتزامن مع "حرب الإبادة" على غزة، لتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى السيطرة على الأرض.

وأضاف أن هذه المخططات تقابلها عمليات تهجير تطال البدو والتجمعات السكانية الواقعة في سفوح شرق رام الله. 

الاعتداءات بالأرقام.. 

وكشفت تقارير للمكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان عن 273 إنتهاكاً متنوعاً خلال شهر مايو/ أيار المنصرم.

ووفق تقارير المكتب الوطني التي تابعتها "وكالة سند للأنباء"، فقد تربّع على سلّم الانتهاكات اليومية هدم 72 منزلا ومنشأة مختلفة مقابل 34 إخطاراً بالهدم، إضافة لـ46 حريقاً للأراضي والمركبات والبيوت والمزارع و42 اعتداءً آخر .

كما نفّذ المستوطنون تحت حماية الجيش 24 حالة إتلاف للمعدات وخزانات المياه ومعدات كهربائية وطاقة شمسية وممتلكات مماثلة، و14 عملية تجريف ومصادرة للأراضي، يضاف إليها سرقة مواشي ورعي المزروعات وتدنيس وتخريب معالم أثرية ودينية وقطع الأشجار ونصب الخيام والكرافانات ومخططات مسح للأراضي بنسب متفاوتة في جغرافيا الضفة الغربية .

كما تركزت أعمال الهدم وفق المعطيات بالدرجة الأولى في محافظة الخليل تلتها محافظة القدس والإخطارات في محافظة سلفيت بالدرجة الأولى، فيما رصدت الاعتداءات في محافظات الخليل ورام الله ونابلس وإتلاف الممتلكات في الخليل والحرائق في محافظات سلفيت ورام الله وإقامة ثلاث بؤر استيطانية اثنتان منها في منطقة رام الله والثالثة في الخليل .