نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تحليلاً لافتًا أشار إلى تزايد العزلة الدولية لإسرائيل، رغم تحقيقها إنجازات عسكرية حتى باتت دولة محتقرة عالميا.
ونقلت الصحيفة عن محليين إن الرد العسكري المستمر الذي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يواصل تنفيذه منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان له أثر مدمر على صورة (إسرائيل) العالمية، ما أدى إلى تصنيفها كدولة منبوذة ومحتقرة على الساحة الدولية.
الرد العسكري والاتهامات بالجرائم الدولية
بحسب الصحيفة يُعد الرد الإسرائيلي على هجوم 7 أكتوبر نقطة تحول حاسمة في موقفها الدولي. فقد شنّت دولة الاحتلال حرب إبادة جماعية في غزة والضفة الغربية، وصفها العديد من المراقبين بأنها "غير مبررة" وذات أبعاد انتقامية.
ورغم نجاحها العسكري الظاهر، إلا أن تكاليف هذه المواجهة كانت ثقيلة على الصورة الدولية لدولة الاحتلال.
والمحللون الذين استشهدت بهم نيويورك تايمز وصفوا التصرفات الإسرائيلية بأنها تنطوي على جرائم حرب وإبادة جماعية، وهو ما أثار إدانات دولية حادة، وفتح تحقيقات في المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وعدد من القادة الإسرائيليين.
وتبرز نيويورك تايمز أن هذا الاتهام بحد ذاته ساهم في تفاقم عزلة دولة الاحتلال بين الدول والمجتمعات الدولية.
نفور دولي يتجاوز المواقف السياسية
لم تقتصر عزلة دولة الاحتلال على دول بعينها، بل امتدت لتشمل تحولات في مواقف قوى عالمية كبرى.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الانقلاب في الصورة التي تُعرض بها (إسرائيل)، أدى إلى تقويض الدعم التاريخي الذي كانت تحظى به من جانب الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، وهو ما كان يُعتبر أحد أركان قوتها الدولية.
وبحسب التقرير، فإن الانقسام المتزايد حول السياسات الإسرائيلية في المنطقة، وتزايد المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، دفع بعض كبار السياسيين في واشنطن إلى إعادة النظر في الدعم الأمريكي التقليدي، مما أضعف الإجماع السياسي في قلب النظام الأمريكي لصالح إسرائيل.
تنامي الاستياء العام والاحتقار الدولي
بحسب استطلاعات الرأي التي استعرضتها نيويورك تايمز، فإن الشعور العام في العديد من البلدان بات يميل نحو الاحتقار لإسرائيل، بسبب سياساتها العدائية التي تراها الجماهير غير مبررة وغير متناسبة مع القانون الدولي.
وهذا التغير في المزاج الشعبي انعكس بدوره على مواقف الحكومات في أوروبا وأمريكا اللاتينية ودول أخرى، التي بدأت تبدي تحفظات متزايدة تجاه دولة الاحتلال.
وفي هذا السياق، يرى المحللون أن (إسرائيل) تواجه مأزقًا دبلوماسيًا غير مسبوق، إذ أنها رغم تفوقها العسكري، تواجه عزلة سياسية واقتصادية متنامية، تقوّض من قدرتها على إدارة أزماتها المستقبلية بشكل فعال.
ويشير التقرير إلى أن استمرار دولة الاحتلال في سياستها الحالية، دون اعتبار للتحذيرات والانتقادات الدولية، سيؤدي إلى تعميق هذه العزلة، وربما إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية في المستقبل القريب.
كما أن فقدان الدعم الأمريكي الحاسم قد يترك (إسرائيل) عرضة لضغوط متزايدة على الساحة الدولية.
ويضيف التقرير أن (إسرائيل) أمام مفترق طرق حاسم، إذ يمكنها اختيار إعادة النظر في سياساتها وفتح باب الحوار مع المجتمع الدولي، أو المضي قدمًا في نهجها العسكري القمعي الذي قد يُعزّز نفور العالم منها.
وختم تقرير صحيفة نيويورك تايمز بأن هذه العزلة تنبع من أفعال دولة الاحتلال المسيئة للقانون الدولي، ومن تصاعد الاحتقار العالمي تجاهها، ما يطرح تحديات كبرى على مستقبلها السياسي والدبلوماسي.