أجواء عيد الفطر السعيد في الأراضي الفلسطينية كانت مختلفة هذا العام، بسبب جائحة كورونا التي حلت ضيفاً ثقيلاً على العالم عامة والمسلمين خاصة؛ حيث نغصت عليهم فرحتهم وحرمتهم من طقوس العيد التي عهدوها وعرفوها بسبب التدابير المشددة.
ووسط إجراءات العزل مارست كثير من العائلات الفلسطينية طقوسها الاعتيادية كالزيارات وسط تدابير مشددة، وإجراءات التباعد، لكن هناك عائلات اقتصرت على تبادل التهاني من خلال الاتصالات، والرسائل النصية عبر الهاتف المحمول، واحتفال الأسرة الصغيرة فيما بين أفرادها.
مختصون نفسيون أشاروا إلى مجموعة من الوسائل والأساليب التي يمكن للعائلات اتباعها لإضفاء أجواء الحب والفرحة في العيد الذي يعد من أهم الأعياد الإسلامية وتعد صلاة الجماعة، وتبادل الزيارات العائلية، وشراء الهدايا والحلويات أحد أهم طقوسه.
وفي غزة والضفة الغربية غابت كل مظاهر العيد في ظل إغلاق المتنزهات العامة ومدن الألعاب والحدائق.
أساليب نفسية وتربوية
الأخصائية النفسية د.رشا التميمي من العاصمة الأردنية عمان تشير إلى بعض هذه الأساليب التي تعزز أواصر العلاقات العائلية رغم جائحة كورونا التي تغزو العالم.
وتنصح التميمي في حوارها مع مراسل "وكالة سند للأنباء" باتباع الحوار والنقاش مع الأبناء من خلال التأكيد على أن الوضع الحالي لا يدوم وسيزول وهو مجرد وقت ليس أكثر، وهذا الأسلوب يهدف للاستماع لمشاعر الأطفال لامتصاص مشاعر الغضب أو الإزعاج الذي أنتجته الجائحة.
وتقول التميمي إن ممارسة هذا النوع من الأساليب التربوية تقتضي الاستعانة بقصص الأنبياء وابتلاءاتهم والإشارة إلى أن أوبئة أخرى مرت على مدار العصور وذهبت أدراجها وعادت الحياة إلى طبيعتها.
أنشطة معينة
وهناك العديد من الأنشطة التي تجلب هذه الظروف النفسية الممتازة مثل: صنع أهلة من الورق أو الكرتون، وتزيين زوايا مختلفة من المنزل، والشعور بالحماسة، وفقاً للأخصائية النفسية.
ومن الأنشطة أيضاً لبس ملابس جديدة في العيد؛ لأن ذلك من شأنه كسر الملل وله أثر إيجابي في نفوس الأطفال والكبار، وتعطي تأكيداً بأن السعادة مصدرها داخلي وليس خارجي من أحداث وأشخاص.
كما أن مراجعة ألبوم الأعياد السابقة من قبل العائلة سيضفي أجواءً مليئة ومفعمة بالحب والحنان وسيساعد أفراد الأسرة على تذكر المواقف المرتبطة بهذه الصور وهذا من شأنه أن يزيل الملل والجمود.
وتؤكد "التميمي" على أن قيام أفراد العائلة كذلك بتصوير فيديوهات التهنئة لأنفسهم ونشرها عبر وسائل التواصل، وعمل ألبوم مصور وتسميته بألبوم "صورنا في العيد في أزمة كورونا"، هو أسلوب تواصلي من شأنه أن يعزز التواصل العائلي في ظل الجائحة.
صندوق الحلوى
وصندوق الحلوى المغلق الذي يطرق الأطفال عليه لإنزال كمية من الحلوى في المنزل أحد هذه الأساليب المبتكرة الذي تمارس عادة أثناء جلوس أفراد الأسرة على طاولة مستديرة مع بعضهم البعض.
وتشدد "التميمي" على أن ممارسة الطقوس السابقة يعزز النمو النفسي والاجتماعي للأفراد والعائلات.
وتقول إن الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب تكيفاً مع الأزمة الراهنة؛ لأنه عايش تجارب وظروفاً صعبة للغاية قبل ذلك، و"بعض الدراسات أشارت إلى أن إحدى العوامل النفسية التي قد تساهم في تخفيف وطأة الأزمة على الفرد هو مرور الفرد بتجربة مشابهة رافقها مشاعر مماثلة".
فوائد تربوية
الأخصائية النفسية د. سماح جبر تقول إن الإنسان لا يجد المتعة إلا من أماكن الترفيه، والمتنزهات والخروج من خلال اللقاء بالآخرين، وهذا أحد جوانب المتعة، لكن هناك جانب آخر وهو أن الكثيرين من الأشخاص يجدون المتعة بأنفسهم من خلال العلاقات العائلية لهم.
وتشير جبر أثناء حوراها مع مراسل "سند" إلى أن جائحة كورونا هي لفرصة للأفراد لأن يكتشفوا أنفسهم وهواياتهم من خلال التدبر، والتأمل، والتفكر؛ لاسيما وأن هناك الكثير من المتعة والفائدة التي يستطيع الإنسان أن يكتشفها بسلوكه الانطوائي، وممارسة أنشطة غير مألوفة مثل: القراءة، ومشاهدة الأفلام.
كما أن ممارسة اللعب مع الأولاد داخل المنزل يضفي أجواء الحب، والقرب، والفرح، والسعادة، إضافة للحديث معهم لفترات طويلة وقراءة القصص القديمة على مسامعهم.
وتقول "جبر" إن العائلات الفلسطينية أكثر من غيرها يمكن أن تتعاش مع الوضع الحالي؛ لأن ظروفاً أصعب مرت عليهم كالحروب الإسرائيلية على غزة، واقتحام المدن والمخيمات الفلسطينية.
وتشدد على وجوب أن يتخلى الإنسان على الرفاهية الإضافية في هذا التوقيت مثل: الزيارات، والرحلات، وتعزيز العلاقات مع خلال وسائل التواصل والهواتف الذكية والاتصال التلفوني.