الساعة 00:00 م
الجمعة 26 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.37 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.08 يورو
3.8 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

هل يشعل "الضم" فتيل المواجهة؟

حجم الخط
RTS1RIU6_IsraelPalestine_Nakba_protest.jpg
رام الله - وكالة سند للأنباء

رغم الإدانات الدولية والعربية والفلسطينية الرافضة لخطة "الضم" تمضي إسرائيل بدعم أمريكي لضم نحو 30% من مساحة الضفة وغور الأردن لسيادتها المزعومة.

وخطة الضم الذي تعد امتداداً لـ "صفقة القرن" الأمريكية تعني سياسياً إنهاء حلم إقامة دولة فلسطينية وإعلان وفاة خيار "حل الدولتين"، كما تعني جيوسياسياً تهجيرًا قسريًا للفلسطينيين الساكنين في منطقة الأغوار ومنطقة (ج)، وتحويلها لمناطق عسكرية مغلقة تتبع لإسرائيل.

متجاهلةً القوانين الدولية ورؤية الإجماع الدولي على حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي تمضي حكومة الاحتلال بالمخطط، لكن ما هو حدود الرد الفلسطيني المرتقب سواء من السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير، والفصائل الفلسطينية؟ في ظل الانقسام، وتباين الرؤى الفلسطينية والاختلاف حول أدوات المواجهة وشكلها.

كيف سيرد الفلسطينيون؟

الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي يقول إن الرد الفلسطيني محدود في فعاليته، وتأثيره، ومداه لأسباب كثيرة منها؛ تراجع المد الوطني، وضعف الفصائل، وتعمق حالة الانقسام الفلسطيني، وتجاهل الخيارات كافة وحصرها في التعويل على المفاوضات والعملية السلمية مع إسرائيل.

ويشير عنبتاوي في حوار أجراه مع "وكالة سند للأنباء" إلى أن الفلسطينيين لم يضعوا الاستراتيجيات اللازمة للرد، ولم يحضروا لهذه اللحظة الفاصلة؛ رغم أن المخطط الإسرائيلي معروف منذ زمن للفلسطينيين، وتأثيره: الجيوسياسي، والسياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، على الواقع الفلسطيني والعربي أيضاً.  

الرؤية السابقة يختلف معها الباحث في الشأن الإسرائيلي حسن لافي، فيشدد على أن الرد الفلسطيني لن يتأخر إذا ما عزمت إسرائيل المضي في خطة الضم، وسيحاول الفلسطينيون تغيير "الوقائع الجديدة" من خلال إعادة القضية الفلسطينية لمرحلة العودة لخيار التحرر الوطني، وتفعيل أدواته النضالية والكفاحية والخروج من أي تفاهمات واتفاقيات سياسية مع إسرائيل.

ورداً على سؤال وجهه مراسل "وكالة سند للأنباء" لـ "لافي" حول هل يمتلك الفلسطينيون خيارات لتغيير الوقائع؟ أجاب بأن الفلسطينيين يمتلكون أوراق قوة؛ رغم الانهيارات في المنظومة العربية والتطبيع مع إسرائيل.

بالإضافة لانشغال العام في قضاياه الاقتصادية والصحية جراء جائحة كورونا، والدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

حدود الحراك ومداه

الباحث في القضية الفلسطينية عزيز المصري فيختلف إلى حد كبير مع سابقه في أن الفلسطينيين يمتلكون ردوداً حاسمة وقوية، باستثناء تجميد العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل، والتهديد بحل السلطة الفلسطينية؛ "رغم أنها غير جادة بالذهاب نحو هذه الخيار رغم تلويحها به مراراً".

ويرجع "المصري" عدم جدية السلطة بحل السلطة إلى مجموعة أسباب: عدم وجود بديل في ظل جمود مؤسسات منظمة التحرير، والتفكير الدائم بوجود طرف فلسطيني مستعد لملء الشاغر، في إشارة إلى حركة حماس أو جسم جديد من الممكن أن يتبوأ المشهد السياسي. 

وسبب آخر مرتبط بكلفة هذا الخيار وأثره على المكاسب المترتبة على وجود السلطة؛ كالموظفين، والرواتب، والمؤسسات، والمشاريع الاستثمارية وغيرها.

وإضافة لهذه الأسباب فإنه لا يوجد رغبة دولية في إنهاء السلطة الفلسطينية وتحديداً من الاتحاد الأوروبي، وروسيا، ودول الإقليم، لما لهذا الخيار من تداعيات سياسية وأمنية محلياً وإقليمياً ودولياً؛ في إشارة إلى إمكانية اشتعال المنطقة؛ لكون أن القضية الفلسطينية أحد أهم القضايا المهددة للأمن الدولي.

المسار الدبلوماسي

أما حدود الحراك الفلسطيني الرسمي، فستعمل السلطة على تعزيز الجهود الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، ومقاطعة بضائع المستوطنات؛ حيث بدأت بعض البرلمانات الأوروبية بدعم هذا الخيار، كما يشير إلى ذلك "المصري"، ويدعم هذا التحليل المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر.

يقول "أبو عامر" إن مسار حراك السلطة سيكون محكوماً بالاتفاقيات مع إسرائيل؛ حيث ستعمل على تفعيل المسار الدبلوماسي ضد إسرائيل؛ عبر التوجه للمنظمات والمؤسسات الدولية، وطلب توجيه خطابات تنتقد الفعل الإسرائيلي.

في حين يتمثل المسار الثاني بتفعيل المسار الشعبي عبر تنظيم الاعتصامات والسماح للفلسطينيين بالمواجهات قرب المستوطنات، والحواجز، ونقاط الاحتكاك مع إسرائيل، إضافة لتنظيم المؤتمرات وتوجيه الخطابات السياسية المحذرة من تداعيات "الضم الإسرائيلي" وأثرها على الأمن الإقليمي والأمني.

"عنبتاوي" يقول إن الفلسطينيون يمتلكون العمل على بناء جبهة أممية لمقاطعة دولة الاحتلال وفرض العقوبات عليها، وبناء التحالفات الإقليمية والدولة على هذا الأساس/ ومحاربة توجهات التطبيع لبعض الدول العربية.

كما يشدد على أهمية المصالحة الفلسطينية والموقف الوطني الاستراتيجي الموحد؛ لمواجهة المشاريع الإسرائيلية.

امتلاك الإرادة الفاعل المؤثر

"أبو عامر" و"المصري" يؤكدان أن الفلسطينيين إن امتلكوا الإرادة فهذا من شأنه أن يغير الوقائع الحالية؛ لأن الحراك الفلسطيني هو الأساس، والعامل، والمحرك، والصاعق الذي يمكن أن يؤدي لتحرك دولي ضاغط على الإدارة الأمريكية وإسرائيل.

ومن وجهة نظر "المصري" فإنه لابد من خطوات جريئة مثل تنفيذ تهديد حل السلطة الفلسطينية، وإعلان الدولة الفلسطينية وفق حدود 67، ونقل صلاحيات ووظائف السلطة لمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وترك الشعب في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

يقول "المصري" والذي يعمل في مراكز أبحاث أوروبية لمراسل "وكالة سند للأنباء" "من شأن هذه القرارات الفلسطينية أن تكلف الاحتلال أثماناً باهظة".

في سياق هذا التحليل يطرح "المصري" سؤالاً هل الشعب الفلسطيني مستعد لدفع هذا الثمن؟ بالنظر إلى انشغال المجتمعات الفلسطينية داخل الأراضي عام 1948 بقضاياه الخاصة، وعدم التفكير بتفعيل الانتفاضة، أو الاحتجاج العنيف ضد هذه الإجراءات، وترحيب بعض المكونات بالضم؛ بسبب رفضها لسياسات الحكومة الفلسطينية والفساد.

حل السلطة

"وفي حالم نفذت إسرائيل خطة الضم، وفق ما هو معلن من ضم للأغوار و30% من المنطقة (ج)، فيتوجب على السلطة الفلسطينية حل نفسها ونقل صلاحياتها للمنظمة، ويجب أن تكون الفصائل الفلسطينية رافعة وداعمة للمنظمة؛ بحيث ألا يعمل كل طرف من زاويته الخاصة" كما يقول "المصري".

 وفي هذا الإطار يرى "أبو عامر" أن حدوث تنسيق مشترك بين السلطة والفصائل الفلسطينية لإدارة المعركة الحالية من شأنه أن يحدث تغيرات جوهرية وقد تجبر إسرائيل على التراجع.

ويستدل المختص هنا بتقارير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي حذرت من مواجهات مع الفلسطينيين حال المضي بـ "الضم الإسرائيلي".

لكن "أبو عامر" يستبعد حدوث تنسيق متقدم بين السلطة والفصائل في ظل اختلاف المناهج والمسارات بين السلطة التي تحكم الضفة وتفضل تفعيل الخيارات الدبلوماسية وبين حماس التي تسيطر على قطاع غزة وترى في المقاومة المسلحة أداةً مؤثرة وضاغطة على إسرائيل ويمكن أن تساهم بإجراء تحولات في المشهد.

تهدئة غزة

وفي ضوء المتغيرات الجيوسياسية الجديدة التي طرأت كيف سيبدو مستقبل التفاهمات التي وقعتها المقاومة الفلسطينية مع دولة الاحتلال الإسرائيلية عبر وساطة جمهورية مصر العربية، وبإشراف من قطر والأمم المتحدة؟.

 يستشرف "لافي" هذا المستقبل بأن قواعد الاشتباك وفترة الهدوء الحالية لن تدوم وستنفجر الأوضاع الميدانية والسياسية مع قطاع غزة مرة أخرى.

غير أن "حدود التصعيد بين المقاومة وإسرائيل لن تصل إلى مرحلة الحرب المفتوحة في ظل الأوضاع الصحية والاقتصادية غير المسبوقة في إسرائيل، وسخونة الجبهة الشمالية (لبنان) والذي يعدها الجيش الجبهة الأهم في الأمن القومي الإسرائيلي، إضافة للخلاف داخل أقطاب الحكومة الإسرائيلية على خطة الضم أصلاً، وفق رأيه.

جولة تصعيد بالقطاع

ويشير "لافي" إلى مجموعة من الكوابح التي تمنع إسرائيل نحو الذهاب لمعركة عسكرية مع القطاع المحاصر منذ 14 عاماً، وهو عدم قدرتها على كسب الشرعية السياسية الدولية وتجنيدها لصالحها بسبب؛ عدم موافقة الأطراف الدولية على خطة الضم المزعومة.

في هذا الصدد يتفق "أبو عامر" مع "لافي" في احتمال حدوث مواجهة بين المقاومة وإسرائيل في قطاع غزة؛ لاسيما بعد إعلان الذراع العسكري لحركة حماس اعتبار "الضم الإسرائيلي" بأنه "إعلان حرب".

وأيضاً في ظل تقارير أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، لكن المواجهة-لو حدثت- ستكون محدودة ومحكومة بضوابط ميدانية وسياسية وحسابات، وبمدى امتلاك المقاومة الفلسطينية أدوات وفقاً لتحليلهما.

ويتوقع "أبو عامر" بأن اندلاع المواجهة مع قطاع غزة ستكون مكلفة سواءً للطرف الفلسطيني أو الإسرائيلي. 

يشير "أبو عامر" إلى أن الميدان في غزة سيذهب باتجاه 3 احتمالات: الأول مواجهة محدودة لن تتجاوز الحسابات والاعتبارات السياسية، والثاني تفعيل الخطابات الشعبية والمسيرات على حدود غزة وبلا شك هذا سينتج عنه بعض الاشتباكات الميدانية مع الجيش الإسرائيلي.

أما الاحتمال الثالث فهو مخاطبة المنظمات الدولية والإقليمية والعربية والشعبية والفاعلين في الخارج بضرورة انتقاد إسرائيل.

ويعتقد أن تنسيق الجهد بين المقاومة والسلطة يمكن أن يمنح المقاومة غطاءًا شرعيًا سياسياً وقانونياً لو ذهبت باتجاه ضرب إسرائيل، وهذا سيكون له آثار إيجابية على الموقف الفلسطيني، لكن "أبو عامر" في إطار حديثه يضعف من إمكانية هذا الطرح.

خيار حل الدولتين

يجمع المراقبون في أن تنفيذ خطة الضم هو إعلان وفاة خيار "حل الدولتين" وفرض للحل الإسرائيلي عبر فرض الأمر الواقع وتكرس شريعة الغاب.

ويقول "عنبتاوي": إن "حل الدولتين تلاشى منذ اتفاق أوسلو وتبعاته، وإسرائيل دفنته منذ مدة، بل هي لم تؤمن به وحاربته وخدعت العالم بالحديث عن رؤية حل الدولتين".

 ويؤيده في هذه الوجهة الباحث "أبو عامر" الذي عدَّ خطة الضم بأنه إعلان شهادة وفاة لهذا الخيار وللمشروع السياسي الذي تتبناه منظمة التحرير القائم على الاعتراف المتبادل وإقامة دولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة.

ويشير بأنه لن يكون هناك بعد الآن حل في المنطقة سوى الحل الإسرائيلي القائم على إقامة كيان فلسطيني يتبع إسرائيل وبفكرة الحكم الذاتي للمناطق السكانية بعيداً عن امتلاك الأرض.

أما "المصري" فيقول إن خيار حل الدولتين سقط منذ فشل اتفاقية كامب ديفيد في عام 2000، رغم محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أولمرت إنقاذه في 2006، مشيراً إلى أن صفقة القرن والاستيطان قوضته وقتلته نهائياً.