تُبهرك الصور الملتقطة، تبدو وكأنها عالمٌ حقيقي من الجمال والإبداع، تلك التفاصيل الصغيرة كانت حاضرة بشكل مميزُ وفريد، في كل عملٍ تبدع في إنتاجه الشابة شولي، ليدلل على أنَ صاحبة هذه المجسمات، شخصٌ أنيق، التفاصيل لديه هامةٌ.
اتجهت الشابة منار شولي (29 عاماً) من مدينة نابلس، خريجة قسم " Graphic design"، إلى حب صناعة المصغرات اليدوية قبل أربع سنوات، ليكبر معها هذا الإبداع رويداً رويداً، وصولاً للإتقان الممتع، والمجسمات المميزة.
أول إنتاجات "شولي" كانت صنع مجسمات مصغرة للمأكولات والحلويات، وبعض أشكال من الإكسسوارات الجميلة المختلفة، ثم بعد ذلك اتجهت لصناعة الأثاث المنزلي والبيئة العامة من حولها المصغرة بشكل أوسع من مجرد قطعة صغيرة منفصلة.
التجربة طريقٌ للتميز
"التجربة" كانت صديقة "الشولي" في كل عملٍ تقوم به، ولم يكن تطور موهبتها في هذا المجال فجأة، بل حدث مع الممارسة الطويلة وتصحيح الأخطاء التي واجهتها، كون التجربة هي وحدها فقط كفيلة لأن توسع مداركك وتقوي إبداعك وتُحدث الفرق المميز في عملك.
وتقول شولي لـ"وكالة سند للأنباء": "حاولت أن لا أحصر نفسي في نوع معين لصناعته في هذا الفن، بل توسعت لأنفذ كل ما يليق بإبداعي وشغفي ومهاراتي التي أمتلكها".
الدافع الذي ساهم في توجه "شولي" لفن المصغرات، هو تعلقها وشغفها بالتفاصيل الصغيرة المتقنة، والتحدي الذي يخلقه خوض هذا الإنتاج.
وتوضح أن أكثر ما جذبها في هذا الفن هو تاريخه العريق، فقد كان قديماً لا يقتني أحد البيوت المصغرة سوى الطبقة الغنية، وذلك لقيمتها الكبيرة وجمالها الأخّاذ.
فن المصغرات
وتعرف فن المصغرات أو المنمنمات، بأنها مجسمات صغيرة جدا، قد تكون بحجم الأصبع أو أقل، كالتي تستخدم في تصوير أفلام هوليوود، وهو إحدى الفنون التشكيلية التي تعتمد على بناء مجسمات واقعية صغيرة جدا.
كما ويعرف بفن التفاصيل الدقيقة في أقل مساحة ، وهو فن يعكس العمق الإبداعي والثقافي للمكان والمحيط المراد تصميمه ، فتجد نفسك تحمل في كفيك مشهد واقعي بكل تفاصيله .
وعن المواد المستخدمة في صناعة المُصغر أو المجسم، تستخدم "شولي" أي مادة يمكن أن تتوفر لديها، وفي معظم الأحيان تستخدم ذات الخامة والمادة المستخدمة في المجسم الأصلي الكبير.
وتذكر "شولي" أنه مثال على بعض المجسمات التي تصنعها، الكنبة المصغرة، واستخدمت في صنعها الخشب والفوم والاسفنج والقماش والخياطة، بشكل يحاكي المجسم الأصلي الحقيقي.
ومن أحب القطع التي وجدت طريقاً لقلب "شولي" هي صنع شرفة داخل إطار، وكل قطعة تنتجها وتضعها تشعر وأن هناك عالمٌ بأكمله يجلس داخل إطار على طاولتها.
جهدٌ طويل ذلك الذي تستغرقه منار في إنتاج كل قطعة، فبعض القطع تأخذ منها ساعات وبعضها يحتاج منها لعدة أيام.
عالمها الصغير
تلك الساعات التي تمضيها "شولي" تمر خفيفة على القلب، حبيبة للروح، يختفي كل الضجيج من حولها، وتغوص فيه مع عالمها الصغير التي تتحكم في كل تفاصيله، وبعد إنجاز كل مجسم تشعر بالفخر والسعادة. كما توضح لـ"وكالة سند للأنباء".
وعما إن كان هناك إقبالاً على شراء المنتجات التي تصنعها "شولي" تشير إلى أن الوقت والجهد المبذولين في القطعة لا يمكن تقديرها بسعر يلائم الوضع المادي للمجتمع، وطموحها يقتصر على ممارسة هذا الفن لنفسها، لن تتوقف عن تقديم قطع فنية أخرى تلائم المجتمع والبيئة أكثر.
وترى "شولي" أن هناك بعض الصفات التي يجب أن تتواجد في من يهتم بممارسة هذا الفن، وهو الشغف والرغبة في دخول هذا العالم، ثم الصبر وسعة الصدر، بالإضافة إلى يد خفيفة وثابتة، إلى جانب قدرة على رؤية المجسمات الواقعية وتحليلها لمعرفة كيفية تجسيدها.
كما وتلفت إلى أهمية معرفة كيفية اختيار الخامات الملائمة لمطابقتها، والاكتفاء المادي نظراً لتكلفتها الكبيرة وضآلة الربح فيها داخل البلاد.
وتنصح "الشولي" جميع الفتيات إلى التميز في الإنجازات وتطوير المهارات، واستغلال الأوقات بشكل يعود بالنفع عليهن، ومحاولة تعلم كل شيء، والسعي للإلمام بكل شيء، ومحاولة أن تصنع لنفسها هوية مميزة كونها شخصاً غير اعتيادي.