بين يدي "نداء" تتشابك الخيوط والألوان، فتغدو كلوحات فنيّة أنيقة تربط الماضي بالحاضر، وتوظّف التراث الفلسطيني القديم وجمالياته، بالمقتنيات اليومية، لتُبرهن أن المطرزات لا يمكن اختزالها بمشغولات وألوانٍ محددة.
نداء نصار، فلسطينية من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، قدمت عبر مشروعٍ خاص، المطرزات الفلسطينية والمشغولات اليدوية بشكلٍ متقن وبأساليب معاصرة.
تقول "نداء" لـ "وكالة سند للأنباء"، إن التطريز كان مجرد هواية تعلمتها في المدرسة، وأحبّت تطويرها بشكلٍ ذاتي دون الالتفات لآفاقٍ بعيدة، حيث طرزت أناملها عدّة اكسسوارات منزلية لكنّها لم تفكر يومًا بتحويل الموهبة لمشروع خاص.
حصلت "نداء" على شهادة البكالوريوس في تخصص المحاسبة من جامعة بيرزيت، وعملت في هذا المجال لسنوات، لكنّ قررت فيما بعد التفرغ لتربية أطفالها فاضطرت لترك وظيفتها، تُردف: "في عام 2018، تفرغت، وأصبح لديّ وقت كبير يُمكنني استغلاله بطريقة أفضل، لذا فكرت بتحول التطريز لمهنة".
لاقت فكرة المشروع دعمًا من عائلتها، وأصدقائها، ما شجعها لتفعيل الصفحة الخاصة بمشغولاتها على فيسبوك، والانطلاق فعليًا تحت عنوان "بال تطريز".
وتحكى "ضيفة سند" عن فكرة مشروعها، "إن الدارج في عالم التطريز، أنواع محدودة جدًا من الغرز والألوان والأشكال، ما يجعله في قالب تقليدي، لذا قدمت عبر منتجاتي التراث بمذاق الحداثة".
وتُضيف: "بدأت في البحث عن تصاميم وألوان تستهوي الفتيات وسيدات البيوت بعيدًا عن تقليدية الثوب الفلسطيني الذي اخُتزل بألوانٍ وأشكالٍ محددة، وتمكنت فعلًا من إدخال التطريز بلمسة أنيقة على تصميمات الملابس والمقتنيات الحديثة".
وطورّت "نداء" مهارتها في التطريز، بالممارسة ولمتابعة المستمرة، واستشارة بعض النساء المتخصصات بهذا المجال، ما وسّع الفكرة وجعلها أكثر شمولية وحداثة لا سيما في البحث عن "الغرز والألوان المنسيّة من التراث الفلسطيني القديم".
ويُقدم المشروع لجمهوره، عبر التطريز الحديث بألوانه غير الاعتيادية، ديكورات منازل، والملابس بأنواعها عدا الأثواب، وحقائب وإكسسورات وشالات، وألعاب أطفال، وحزام أمان المركبات، وغيرها من المشغولات.
وتعمل مع "نداء" في مشروع "بال تطريز" ما بين 20 لـ 30 سيدة فلسطينية من الضفة الغربية، ما يُساهم ذلك في إعالة عوائلهن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وفي إجابتها على سؤالنا، هل عمل السيدات ثابت؟ تُوضح أن عملهن حسب الطلب، وغالبًا ينشط الطلب عليه في فصل الصيف، حيث تزداد المناسبات الاجتماعية خاصة الأفراح.
وشارك مشروع "بال تطريز" في العديد من المعارض والبازارات المحلية، ويُقدم منتجاته لجميع مناطق الضفة الغربية والقدس، ودول عربية وأجنبية، مثل الأردن، النمسا وألمانيا وغيرها.
وتُشير إلى أن الأساليب المبتكرة والألوان المعاصرة للأعمال التراثية الفلسطينية، ساهمت في رواج مشغولات المشروع على نطاقٍ واسع.
واختتمت حديثها معنا: "هذا المشروع طُور بالحُب والمثابرة، لذا ألمس في كل قطعة أقدمها روح فلسطين.. أتمنى في يومٍ ما أن أجد ماركة (بال تطريز)، تجوب العالم".
