قبل ساعة من نفاذ المهلة الرئاسية الممنوحة له منتصف الليلة الماضية نجح زعيم حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد، المفوض بتشكيل الحكومة الإسرائيلية في التوصل لأغلبية ائتلافية لتشكيل الحكومة الجديدة، حيث وقّعت له سبعة أحزاب على اتفاقات ائتلافية توفر له الأغلبية البرلمانية اللازمة.
صعود لابيد من شأنه إيجاد تحول أكثر دراماتيكيا على صعيد ملفي التسوية والقطاع، في ضوء انزياح دفة القرار نحو الأكثر تطرفا ويمينية لدى "تلاميذ نتنياهو" بوصف مختصون سياسيون.
إجماع متطرف
د. إبراهيم ابراش أستاذ العلوم السياسية في جامعة الـأزهر، أكد أن المجتمع الإسرائيلي بمختلف أحزابه تتمتع بموقف معادي للحقوق الفلسطينية، يتمثل بالتأكيد على يهودية الدولة وحل الدولتين واعتبار القدس عاصمة أبدية.
ويقول أبراش لـ "وكالة سند للأنباء" إنّ فكرة الاختلاف بين هذه القوى، يتمثل في طريق أداء نتنياهو وليس في مبدئه السياسي، "فهناك من يرى في سلوكه مبالغة وهناك من يرى فيه تماهي، لكنّ في المحصلة يتفقون على الاستراتيجية".
ويؤكد أن "لابيد" وائتلافه ينتقدان نتنياهو من حيث ضرورة تشديد الإجراءات، ولذلك هم "سيغيرون من الأسلوب وليس الجوهر".
وحول انعكاس هذا الائتلاف على الوضع الفلسطيني، يوضح أن موضوع غزة سيكون حاضر من خلال أدبيات هذا الائتلاف السياسية التي تنادي بتشديد الإجراءات ضد القطاع.
ويرجح أن يذهب الائتلاف لإجراءات اكثر تشددا تجاه غزة، بالتوازي مع فتح افق للمفاوضات مع إدارة بايدن دون تغيير في جوهر السياسة.
ويؤكد أن ائتلاف "لابيد" يرفض كل ما من شأنه حل الدولتين.
ولذا يوضح أن الطريق لمواجهة هذه الإجراءات يتمثل في ضرورة توظيف نتائج الثورة المعاصرة التي شملت كل الأراضي الفلسطينية، بما يجبر حكومة الاحتلال على تغيير سياساتها.
ويشير إلى ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني كأحد عناوين متطلبات المواجهة الفلسطينية، "فهو من سيحدد طبيعة تعامل إسرائيل معنا".
معادلة دولية
في المقابل، يعتقد المحلل السياسي طلال عوكل، هامشية سلوك الحكومة الجديدة في تغير المعادلة مع قطاع غزة.
ويرجع "عوكل" في حديثه لـ" وكالة سند للأنباء" هذه الأسباب لارتباط الوضع في غزة بمعادلة دولية و إقليمية.
يقول "لا اعتقد حدوث تغيير جذري على نوع المباحثات في غزة".
وينوه بأن غانتس العضو في الائتلاف هو أحد أطراف المعادلة في غزة، "وأعتقد أن بينيت قد يشكل غطاءً للابيد لاستمرار نفس السياسة".
ويؤكد "عوكل" أن تغيير هذه السياسة سيترتب عليها آثار سياسية تتجاوز الوضع الإسرائيلي بالنسبة لغزة.
أما في السياق السياسي العام، فيوضح أن هذه الحكومة هي غير مستقرة ومهددة، ولا يمكنها صناعة سياسة دائمة.
ويوضح أن متغير استلام لابيد للحكم "غير نوعي، وغير جوهري في المبدأ السياسي"، متوقعًا أن يعود رئيس وزراء الكيان بينامين نتنياهو للعب في الساحة السياسية مجددًا.
يقول إن الثابت في هذه المتغيرات وجود أزمة حكم حقيقية ستؤدي الى مزيد اجراء الانتخابات.
انعدام التسوية
في السياق، يرى المختص في الشأن السياسي هاني حبيب، أن متغيرات المشهد نحو اليمينية المتطرفة، من شأنه تفجير الأوضاع على أكثر من صعيد.
ويتوقع أن تذهب الحكومة اليمينية الجديدة باتجاه تعزيز الاستيطان، وفرض الوقائع الجغرافية على الأرض بمزيد من سلبها وفرض سيادة الاحتلال عليها.
يقول "حبيب" لـ "وكالة سند للأنباء" إن ملامح السياسية الجديدة توضح حكومة الأكثر يمينية في تاريخ الكيا.
وهذا يعني من وجهة نظره: "أننا أمام حكومة ستجرب في مسار العدوانية دون كوابح، وهو ما يفرض التفافا واسعا تجاه المقاومة التي ينبغي أن تتعامل بحذر معها".
ويوضح أن هذه الحكومة ستفشل أي محاولة للتنصل من فرصة تطبيق حل الدولتين، مؤكدًا في نفس الوقت أنه لا يوجد أي فرصة حقيقية تجاه عملية سياسية جديدة.
وضمت مفاوضات تشكيل الحكومة كلا من قادة أحزاب اليمين "يمينا" نفتالي بينيت و"أمل جديد" جدعون ساعر، و"إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، وزعيم حزب "يوجد مستقبل" المفوض بتشكيل الحكومة الجديدة، والتي تسعى لإنهاء سيطرة نتنياهو على رئاسة الوزراء منذ عام 2009.
وسيتناوب على رئاسة الحكومة المرتقبة كلًا من زعيم حزب "يمينا" وزعيم حزب "يوجد مستقبل"، وكان الرئيس الإسرائيلي كلف في بداية مايو/أيار الماضي لبيد بتشكيل الحكومة بعد فشل نتنياهو في هذه المهمة.