الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

شهيدة حاجز قلنديا

ابتسام كعابنة بعيون صديقاتها بالأسر: روح مَرحة لها من اسمها نصيب

حجم الخط
202231825_963135964487716_9183866158483062260_n.jpg
القدس، نابلس - إيمان شبير - وكالة سند للأنباء

"هذا هو العرس الذي لا ينتهي، في ساحةٍ لا تنتهي، وفي ليلةٍ لا تنتهي.. هذا هو العرس الفلسطيني، لا يصل الحبيب إلى الحبيب إلّا شهيدًا أو شريدًا".

على هذه الأرض هناك محتل يقف لك بالمرصاد، إذا أردت العبور أو التنقل داخل بلدات وطنك عليك أن تجتاز حاجزه العسكري أولًا، تصل أو لا تصل، تذهب وقد لا تعود، وفق مزاج جنود الاحتلال، والتهمة جاهزة فضفاضة "تهديد أمن إسرائيل".

الشهيدة الفلسطينية ابتسام كعابنة (26 عامًا)، من مخيم عقبة قرب أريحا، أعدمها جنود الاحتلال قبل يومين عند حاجز قلنديا بدمٍ بارد، تركها تنزف على الأرض ولم يسمح بدخول سيارة الإسعاف إلى المكان إلا بعد نحو 40 دقيقة، حيث كانت قد فاضت روحها وارتقت شهيدة.

هذه التضحية ليست الوحيدة التي تشهد لـ "ابتسام"، فهي أسيرة سابقة، وكأنَّما قدرُ الفلسطيني أن يكتظُّ بالوجع ويسكب كأسًا من الدمعِ على صفحاتِ النصر، فخلف أسوار سجون الاحتلال حكايا تبدو الكتابة أمامها ترفًا، وتبدو الأشياء لا قيمة لها أمام قلبٍ ينزف، وروحٍ يخترقها الريح من كُلِّ مكان.

في "سجن هشارون"، قبرٌ بأقفاصٍ حديدية مغلقة، لا تعبره خيوط الشمس مطلقًا، احُتجزت "ابتسام" بتاريخ 2 آب/اغسطس 2016، لعامٍ ونصف تحت ظروفٍ مأساويةٍ صعبة تفوق الوصف، ولم تكن تعلم أنها على موعدٍ آخر مع قهر محتل حاقد، يحرم طفليها من وجودها إلى الأبد.

وفي هذه المادة تضع "وكالة سند للأنباء" بين يديكم ما قالته ثلاث أسيرات فلسطينيات؛ عايشن الشهيدة "ابتسام" في السجن، ورأين فيها نموذجًا للمرأة المعطاءة الهادئة، التي تحمل بين ضلوعها قلبًا حنونًا لا يستحق إلا الفرح.

لها من اسمها نصيب

المرابطة المقدسية هنادي حلواني، تستهل حديثها: "لم يكن الأمر سهلًا على قلبي، حينما علمت أنَّ التي أُعدمت على أحد الحواجز العسكرية هي الأسيرة المحررة ابتسام كعابنة".

ففي ذاكرة "حلواني" أيامٍ جميلة جمعتها بـ "ابتسام" في سجن "هشارون" تقول لـ "وكالة سند للأنباء": "التقيت بالشهيدة لأسبوعٍ ونصف فقط داخل أسوار السجن، لكنّ لم أعهد منها إلا الهدوء، والابتسامة التي لا تغيب عن وجهها رغم معاناتها".

ولا تنسى المرابطة المقدسية، صوت ابتسام الهادئ في قراءة القرآن الكريم خلال تهجدها في ليال الأسر الطويلة، تُضيف: "كانت تُؤنس وحشة الليل بالقرآن، يتسرب صوتها إلينا يُربت على أكتافنا وكأنها تنقل بكل آيةٍ تُرتلها رسائل من الله لقلوبنا".

صوت بكائها أيضًا لا تنساه "حلواني" فما الذي كان يُوجع "ابتسام" في الأسر؟ ترد: "كانت متشوقة جدًا لطفليها، لكم أن تتخيلوا أم تترك صغارها مُجبرة بسبب عنصرية الاحتلال، تعدّ بالدقيقة لموعد حريتها، لأجلهما، دموعها كانت تسبق حروفها عندما تريد التحدث عنهما".

رسائل مُعلّقة

الحزن مئذنة لم يتوقف صوتها عن إصدار شهقات الألم؛ فعند إعلان استشهادها أرسلت صديقتها الأسيرة المحررة ابتهال ابرويش من الخليل، رسائل إلى "ابتسام" عبر الواتساب: "ابتسام احكيلي إنك مش إنتِ، أمانة تحكيلي مش إنتِ يلي رحتِ، احكيلي إنها مزحة".

ظلّت الرسائل معلقة فالمُستِقبل لم يعد من أهل هذه الأرض، تتحدث "ابتهال عن صديقتها: "ابتسام تفردت بصبرها رغم كل الظروف التي كانت تُعانيها، تُحرص أن تكون مبتسمة في وجه كل من يراها، تملك روحًا بخفة الطير".

وتزيد "ابتهال" لـ "وكالة سند للأنباء" "كانت فرحة ابتسام بتحررها من السجن لا توصف، فشوقها لعائلتها وأطفالها كان يؤرقها، ويحرمها النوم لليالٍ طويلة في الأسر".

وبالانتقال إلى الأسيرة المحررة مريم خالد، التي رافقت الشهيدة في السجن، تقول: "باستشهاد ابتسام خسرت الكثير من معاني الحياة، هي لم تكن إنسانة عادية، وإنما روحًا تبّث الأمل والبسمة في المكان الذي تزوره وتترك أثرًا جميل في نفوس من حولها".

وتُشير إلى أن "السجن لم يكن محطة هينة على ابتسام"، لكنّ سعت ألا يُحاصرها السجّان في أربعة جدران، قاومت مرارة الأسر ونوبات اكتئاب بسبب قلقها الدائم على طفليها إلى أن تحررت، وقدرها أن يكون لها موعد آخر مع التضحية وهذه المرة أن ترتقي شهيدة، والشهادة "تليق بأمثال ابتسام" (تقول ابتهال).