الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

الهدم الذاتي في القدس.. ترانسفير صامت ونظام قهري

حجم الخط
الهدم الذاتي في القدس
القدس - نواف العامر - وكالة سند للأنباء

يشحذ الاحتلال على مدى عقود أسلحته في معركة الديموغرافيا في مدينة القدس والهادفة لتفريغ الأرض وبسط هيمنته وإحكام قبضته على المدينة.

وأصدرت سلطات الاحتلال لأجل ذلك قرارات "الهدم الذاتي" لمنازل المقدسيين، الذين يتعرضون لسلسلة لا تتوقف من العقوبات والجرائم تحت ستار "قوانين" سنتها بلدية الاحتلال.

وعلى وقع تلك السياسات، التي لقيت رفضًا فلسطينيًا ودوليًا شعبيًا ورسميًا وحقوقيًا، يمنح الاحتلال آلاف التراخيص لبناء مساكن مرفهة للمستوطنين يرافقها توفير الحماية وتهيئة البنى التحتية.

ويستهدف الاحتلال تسريع "شرعنة" الوجود الاستيطاني في القدس، بينما يعاني المقدسي دهره في معارك صراع البقاء على أرض الآباء والأجداد.

عائلة أبو غنام نموذجًا

عائلة محمد أبو غنام، من حي جبل الطور، إحدى العائلات التي طالها سيف الاستهداف وتركها لقمة سهلة للهواجس وأنياب جرافات الخراب، عندما هدم الاحتلال منزل عائلته عام 1994.

لم تغب عن "محمد" صورة الهدم في الماضي رغم كونه طفلًا آنذاك. ليعود الاحتلال بعد ربع قرن ويجبره على هدم البيت الذي بناه في ذات الموقع ليعيش طفله ذات المعاناة.

وفي محاولة للسلامة من ثقل الديون التي تنوي سلطات الاحتلال إرهاق كاهل أبو غنام بها وتبلغ نحو ربع مليون شيقل، التزم بقرار هدم منزله ذاتيًا؛ بينما كان طفله يسأله عن سبب هدمه غرفة نومه.

ويعبر أبو غنام عن حجم الألم الذي رافقه أثناء هدم منزله ويقول إنهم كانوا يتجرعون الألم وهم يشاهدون الجرافات تهدم منزلهم عام 1994، لكنه يتضاعف بقسوة بالغة عندما تهدم منزلك بيديك".

ويُبين: "تحيل أحلامك لأنقاض ومعها أحلام طفولتك وطفولة أطفالك الذين يعتبرونك عدوًا لهم في هذه المرحلة المتناقضة".

أحلاهما مر

يقول زياد حموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إن محاكم الاحتلال تخير المقدسي بين أن تهدم بيته بذريعة عدم الترخيص وتغرمه مئات آلاف الشواقل أو أن يهدمه بنفسه دون دفعه تكاليف جديدة.

ويضيف حموري في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "الهدم الذاتي مذل ومهين ويترك آثاره النفسية بعيدة المدى على رب الأسرة والأطفال والنساء".

وأردف: "الطفل تعلق بذهنه صورة والده يهدم غرفته، بينما يعيش الوالد محنة تحطيم أحلامه ببيت بشاكوش في يده".

عام المجزرة

وفي تقرير للباحث زكريا عودة؛ منسق الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطيني بالقدس، يكشف عن سيطرة الاحتلال على 88% من أراضي شرقي القدس مقابل 12% بيد الفلسطينيين.

وقد شهد العام 2019 العدد الأكبر لهدم المنازل، وسجل هدم 238 منزلًا ومنشأة، منها 189 منزلًا كان نصيب الهدم الذاتي منها 50%.

وحسب مصادر حقوقية فإن عدد المنزل التي هدمت ذاتيًا في العام 2020 بلغت 35 منزلًا زادت من معاناة المقدسيين وتركت آثارًا نفسية صعبة في حياتهم.

جيوب مرهقة تحت خط الفقر

ويؤكد الباحث حموري أن عدد المنازل التي هدمت ذاتيًا في القدس خلال عام 2021 بلغت حتى اللحظة 10 منازل.

ويتابع: "العدد مرشح للصعود بسبب السياسات الإسرائيلية وخططها عبر عقود والتي تعتمد هدم المنازل كأداة للاستيلاء على الأرض وإرهاق جيوب المقدسيين".

وتأتي عمليات الهدم الذاتي في وقت قالت فيه مصادر في "التأمين الوطني الإسرائيلي" إن 80% من فلسطينيي القدس يعيشون تحت خط الفقر، وفق ما ذكر حموري.

ويصف المنسق العام لحملة "همة" لمناهضة الهدم والتهجير في القدس، الباحث ناصر الهدمي، سياسة الهدم الذاتي بشكل خاص وهدم المنازل بشكل عام بأنها محاولات محمومة لإحكام قبضة الاحتلال على القدس.

ويوضح: "الاحتلال يريد منع التمدد الفلسطيني، وخيار المقدسيين أن يكونوا جدارًا واحدًا موحدًا في مواجهة جرائم الهدم والعمل على إنشاء مؤسسات تدعمهم وتواجه مخططات تفريغ المدينة".

الترخيص ونظام القهر

وتبرر سلطات الاحتلال هدم المنازل بشكل عام بذريعة إقامتها دون ترخيص، فيما تقول المنظمات الحقوقية الفلسطينية والدولية والأمم المتحدة إن الاحتلال نادرًا ما يوافق على منح التراخيص اللازمة للبناء وتمنح التراخيص بنسبة أقل من 2% من طلبات تراخيص البناء.

ويصف الهدمي سياسات الاحتلال بهدم المنازل بأنها "نظام قهري وترانسفير صامت، وإجراء مر على نفوس المقدسيين الذين يعيشون بين نيران الهدم الذاتي والغرامات الباهظة على مالكي الأرض والمنزل وصولًا لتقليص الوجود السكاني الفلسطيني وثباتهم على أرضهم".

ويستهدف الاحتلال 75% من منازل المقدسيين في حي سلوان، وفق أحدث التقارير الصادرة عن لجنة الدفاع عن أراضي سلوان.

وأكد التقرير: "بالتالي فهي مبانٍ مهددة بالهدم كسياسات تهدف لمواجهة التكاثر الطبيعي وخلق التوازن الديمغرافي مع اليهود والضغط المتواصل على المقدسي لإجباره على الرحيل والهجرة".

وتصف اللجنة قرارات الهدم الذاتية بأنها "أبشع سياسات القهر ويتصدر الذروة في التنكيل بالمقدسي وحقه في الحياة والسكن التي كفلتها القوانين والأعراف الدولية".