لم يستكمل المحرر نبيل الرجوب إجراءات التسجيل لنيل شهادة الدكتوراة في الشريعة الإسلامية، حيث فاجأه الاعتقال الإداري قبل ثمانية شهور، فيما لا يعرف اليوم مصيره بعد تحرره من الاعتقال والعزل، دون أن يتمكن من التعرف على والدته، بسبب الآثار النفسية القاسية للاعتقال والعزل.
لم يكن يعاني المحرر نبيل الرجوب من قرية الكوم جنوب الخليل المعلم، وحامل درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية، يعاني شيئاً لكن 10 ايام بالعزل الانفرادي، خلقت لديه حالة انهيار عصبي يحتاج إلى علاج طويل للتعافي منها كما يقول أطباءه.
تعذيب وحشي
"ادخلوا علي الكلاب في الزنزانة بعد تقييدي لتمزقني" ..بلسان ثقيل، وكلمات قليلة لا زال المحرر "الرجوب"، يرددها ويتمتم بها لتعبر عن جزء مما حصل له من اعتداء وحشي، أثناء عزله الانفرادي في معتقل النقب في أيامه الأخيرة باعتقاله الإداري.
هيئة شؤون الأسرى والمحررين قالت، إن قوات الاحتلال الإسرائيلية ألقت الأسير "الرجوب" على الأرض، على حاجز الظاهرية العسكري بشكل غير إنساني، دون مراعاة وضعه الصحي وحالته النفسية الصعبة، وقد تم نقله إلى مستشفى الخليل الحكومي، حيث خضع للعلاج.
واعتبرت "الهيئة" أن ما تعرض له المحرر نبيل "الرجوب"، ما هو إلا جريمة غير إنسانية وانتهاك موثق لحقوق الإنسان وشاهد على سياسة الإهمال الطبي، وجرائم الاحتلال بحق المرضى.
وحملت حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير ا"لرجوب" مطالبة المؤسسات الدولية والصليب الأحمر بالوقوف إلى جانب الأسرى ووقف الاحتلال عند حده بارتكاب الجرائم الغير إنسانية بحق الأسرى.
أحمد الرجوب، شقيق المحرر نبيل يؤكد على أن شقيقه لم يكن يعاني من ظروف صحية ونفسية قبل الاعتقال، بل كان يستعد للتقدم لنيل شهادة الدكتوراة في الشريعة الإسلامية، وخلال فترة وجوده في المعتقل، وحسب شهادات أسرى للعائلة لم يعاني من شيء.
ويشير الرجوب في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى أن شقيقه (40 عاما) وهو أب لأربعة أطفال يعيش في حالة انهيار عصبي قوي، جراء تعرضه لتعذيب نفسي قاسي خلال عزله الانفرادي في معتقل النقب، حيث لا زالت أثار القيود واضحة على قدميه ورجليه.
ويتابع أن شقيقه في بداية الإفراج عنه لم يتعرف على والدته أو أحد من أفراد الأسرة، وبدأت حالته النفسية بالتحسن تدريجياً بعد تلقيه العلاج النفسي، لكن لا زال يعيش أجواء الزنزانة والعدد الصباحي، ويفضل البقاء وحيداً مُغمضاً عينيه، واضعاً يديه على الخلف كأنه مقيد.
وفي تفاصيل ما استطاعت العائلة فهمه من المحرر الرجوب في بعض الأوقات، أنه تعرض للعزل مع عدة أسرى بعد اقتحام أحد أقسام المعتقل، وتم وضعه في زنزانة انفرادية لعدة أيام وتخويفه بالكلاب المدربة، والتهديد باعتقال والدته وطفلته، مما ترك اثاراً نفسية قاسية لديه.
وتطالب عائلة المحرر "الرجوب" كافة المنظمات الحقوقية الدولية، والصليب الأحمر بالتحقيق في الظروف التي تعرض لها شقيقه خلال فترة اعتقاله وعزله، وتسببت في وضعه النفسي المتدهور والذي يؤكد نقلاً عن الأطباء أنه كاد يفقد قدراته العقلية بشكل تام، لو استمر في نفس الظروف لعدة أيام.
ودعت أيضاً إلى وقفة جادة من كافة المؤسسات الحقوقية والمحلية عن قضية الأسرى المعزولين، والإداريين منهم لما يعانونه من ظروف نفسية قاسية، لكي لا يتكرر مشهد استقبال والدة نبيل دون أن يتعرف عليها.
إهمال متعمد
من جانبه يصف رئيس نادي الأسير قدورة فارس، قضية المحرر نبيل الرجوب بجريمة أخرى من جرائم الاحتلال بحق الأسرى، وضحية جديدة لما يتعرض له الأسرى المعزولين.
ويوضح "فارس" في تصريحات لـ"وكالة سند للأنباء"، أن المحرر الرجوب ورغم أنه مكث في المعتقل ثمانية شهور، وهو معتقل إداري بدون أي تهمة، وأن يخرج بهذه الحالة المتردية يعكس مستوى الأهوال والفظائع التي واجهها خلال فترة وجوده داخل المعتقل، والعزل.
واعتبر مشهد "الرجوب" والذي تمثل بوصول أسير مثقف وحامل لدرجة الماجستير لهذا المستوى لا يتمكن من معرفة والدته، أبلغ تعبير عن مستوى الجريمة المقترفة بحق الأسرى من قبل سلطات الاحتلال.
ولفت " فارس" إلى أن الجريمة الأولى أن الرجوب معتقل إداري أي أنه لا يوجد تهمة، أو موعد للإفراج والجريمة الأخرى بتردي وضعه، ووصوله إلى هذه الحالة بسبب عزله الانفرادي.
وشدد على أن تراكم المعاناة لدى الأسرى قد يخلق اوضاعاً نفسية لدى بعضهم خاصة أن المعتقل الإداري يعيش ظروفاً أقسى من الأسرى الآخرين فيعيش الظلم في أبشع تجلياته وصوره، حيث أنه لا يعرف لماذا يعتقل ومتى موعد الإفراج عنه.