الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

معاناة الفلسطينيين تتفاقم في ظل غياب نظام وطني لإدارة الكوارث

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

في حضرة الوفاء.. تنفيذ وصايا شهداء نابلس

حجم الخط
شهداء نابلس
أحمد البيتاوي - وكالة سند للأنباء

بعد صلاة مغرب الثلاثاء، وبعد أسبوع على الواقعة الحزينة، تجمع الناس وسط ساحة النصر في بلدة نابلس القديمة، الدعوى غير عادية، "كنافة عن أرواح الشهداء"، حتى إذا عرفّتَ أنها وصيتهم التي خطوها قبل رحيلهم، تبددت حالة الاستغراب.

نُصبت السماعات وسط الساحة على عجل وفُرِدتْ الطاولات سريعاً، والأسرع من ذلك حلويات استقرت فوقها، أصناف شتى ومقدّمون كثر يبتغون الأجر والثواب.

حشودٌ من كل الأعمار، رجالٌ وأطفال ونساء، أما الشباب فهم الغالبية، بالمئات هم وربما بالآلاف، كلهم يترحمون على أرواح الشهداء، يتوسطون ذويهم وأهليهم.

يستذكرون سيرتهم ومسيرتهم، في هذه "الزقة" أطلق محمد الدخيل رصاصه صوب مركبات الاحتلال، ومن هذا "الحوش" خرج أشرف مبسلط ممتشقاً سلاحه، ومن هذه الحارة أمطر أدهم مبروكة القوات الإسرائيلية بالرصاص.

على هذه الكراسي المتهالكة كانوا يجلسون، هنا رأيناهم آخر مرة قبل أسبوع من اغتيالهم، تحت هذه القنطرة كانوا يمشون بحذر، تحت هذا اللوح كانوا يحتمون من المطر، كلٌ يروي حكايته معهم، اختلفوا بالتفاصيل وأجمعوا على طيبتهم ووطنيتهم وتديّنهم.

الفعالية لم تكن مناسبة للحزن والبكاء بل غلب عليها طابع التحدي والإصرار، تحدي الاحتلال والإصرار على مواصلة مسيرة الشهداء، وفي خلفية المشهد أناشيد وأغاني وطنية تمّجد المقاومة.

هي البلدة القديمة إذاً

المكان الذي نشأ فيه الشهداء الثلاثة، لم يكن عادياً، هي البلدة القديمة التي خبرها الاحتلال جيداً خلال انتفاضة الأقصى ويعرف الشهداء الذين تخرجوا من حاراتها، ويحفظ سجل مقاومتهم حين يستذكر قتلاه، نايف أبو شرخ ابن شهداء الأقصى، سعيد القطب ابن كتائب القسام، وهاني عويجان ابن سرايا القدس وغيرهم مئات آخرون.

هو يخشى أن يعود ذات المكان لسابق عهده، وأن تنتقل عدوى المقاومة بين شبابها كالحمى، هو يخاف أن يُلهم الشهداء غيرهم، أن تكثر البنادق وتتجمع، وأن تصبح البلدة نسخة مكررة لجيوب مخيفة كمخيم جنين، لذلك كان رده عنيفاً بل وحتى وحشياً.

العودة ليوم الاغتيال

مشهد الاغتيال كان قاسياً، فجثامين الشهداء نخرها الرصاص بعد أن أفرغت القوات الإسرائيلية الخاصة أمشاط ذخيرتهم في أجسادهم وسيارتهم.

غير أن جبل النار التي اعتادت العضّ على جراحها، سرعان ما استوعبت الضربة، فخرج أهلها عن آخرهم في وداع الشهداء، في حين ضاق بيت العزاء بالقاصدين، جاءوا من كل أرجاء الوطن، وتحوّل المكان لمهرجان ثورة واحتفال عنفوان.

نابلس التي تحمل لقب العاصمة الاقتصادية والمدينة التجارية لم تنس اللقب الذي تحبه أكثر وتفتخر به، مدينة المقاومة التي يخشاها الاحتلال، يخاف من وعورة جبليها جرزيم وعيبال وعتمة حاراتها القديمة وأزقة مخيماتها الأربعة.