الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

دافعًا للحاضنة الشعبية..

في حضرة الشهداء.. أمهات وشقيقات يقدمن صور فخر وصلابة تتحدى الاحتلال

حجم الخط
أمهات الشهداء
نابلس - نواف العامر - وكالة سند للأنباء

على حافة خيط رفيع بين الحزن والسعادة، تقف أمهات شهداء فلسطين بصلابة في وداع فلذات أكبادهن، يقدمن صورا من الفخر والمباهاة والصلابة أمام وسائل الإعلام، التي ترصد همساتهن ودموعهن.

ورود ودموع وكلمات تنساب من قلوبهن الثكلى، هي سيدة الموقف، لكنها تروي عظم الصبر الذي يتحلين به في "زفة الشهداء"، لتجوب صورهن ومقاطع الفيديو المصورة لهن في لحظات الوداع مواقع التواصل الاجتماعي، وسط ذهول من رباطة الجأش التي تبديها خنساوات فلسطين!.

في وداع الشهيد مهدي بيادسة برام الله، أمس الأربعاء، ظهرت والدة وجدة الشهيد يودعنه بشكل لافت، بتفاصيل زفاف عريس يزف لعروسه، في مقطع فيديو انتشر على المنصات الإعلامية .

والدة بيادسة كانت تحمل بيدها نسخة من القرآن تتلو آياته بينما يدها الأخرى تطوف على جسده البارد ودموع الفراق تعلن بداية الزفاف الحزين، أما جدته فودعته بصوتها المتحشرج وبكلمات موجعة تردد: "وين أزفك وين يا حبيب أمك، بعلم فلسطين بحضن أمك.. وين أزفك وين يا حبيب ستك، بعلم فلسطين بحضن ربك.. وين أزفك وين يا حبيب أختك، بعلم فلسطين في حضن ربعك" .

وتكمل والدته وصيتها للعريس بصلابة: "اليوم أفتح لك جميع أبواب البيت وكنت تطلب مني أن لا أغلق الباب، ربي وقلبي يرضى عنك، الله يحنن عليك".

واستشهد بيادسة في التاسع من حزيران/ يونيو الجاري، برصاص قوات الاحتلال على حاجز رنتيس غربي رام الله بزعم محاولة طعن.

مراسم وداع ومباركة!

وتزامنًا مع وداع بيادسة، كانت مراسم وداع أخرى تقام في مخيم بلاطة شرق نابلس، في منزلي الشهيدين محمد حشاش وعلاء حفناوي، اللذان ارتقيا بانفجار عبوة خلال إعدادها، في حين أصيب رفيق ثالث لهما بحالة خطرة.

لم تختلف مشاهد الوداع كثيرًا، فالدموع والكلمات التي تطلقها قريبات الشهداء كفيلة بأن تهز أعماقك، تقطعها زغاريد النسوة اللواتي تجمعن حول والدة الشهيد، يشددن من أزرها ويربتن على قلبها المكلوم.

في منزل الشهيد "حشاش" لم تكن والدته وحدها في مضمار الصلابة، فها هي شقيقته الفتيّة تلوّح بيدها تبارك له الشهادة، وتردد: "مبروكة عليك الشهادة يا عمري، والله بتلبقلك".

وفي حضرة الشهداء، لحظات الوداع لا تفرق بين الكبار والصغار، يعيشها الأطفال بتفاصيلها، كيف لا؟ والشهيدة هذه المرة طفلة لم تتجاوز 14 عامًا، خطفتها رصاصة إسرائيلية وهي داخل منزلها في جنين.

الطفلة جانا بلال نغنغية من مخيم جنين، كانت من بين المشيعين، تودع ابنة عمها وشقيقتها بالرضاعة "سديل" وتزفها بعبارات تلقائية: "ألف مبارك عليكي الشهادة.. يا ريتني مكانك" .

وفي بلدة عوريف جنوب غرب نابلس، التي لم تنم على وقع العملية المزدوجة التي نفذها الشهيدين مهند شحادة وخالد صباح، مساء الثلاثاء الماضي، جلست والدة الشهيد "صباح" تطوق عنقها مسبحة، وتردد: "ربنا منحني خالد هدية، واليوم استرجع الله هديته لأنه يحبه" .

وتواصل الام المكلومة: "لا اعتراض على حكم الله ، ليس لخالد مثيل، كان همه أن أرضى عنه وقد فعلت، زوجته رغم إصابته من الاحتلال، الله يرضى عنه ويسامحه".

قيم عالية..

ولمثل هذه المواقف والكلمات وقفة مع مختصين، حيث يشير مختصون في أحاديث منفصلة لـ "وكالة سند للأنباء"، أن حالة الصلابة التي تبديها أم الشهيد ومحيطها تشكّل سندا دافعا للحاضنة الشعبية المقاومين في مواجهة الاحتلال وسياساته العدوانية، في واحدة من تجليات الفخر بعد نيل الشهادة كقيمة عالية في المجتمع .

أستاذ علم الاجتماع بجامعة النجاح الوطنية بنابلس أسعد تفال، يرى أن الصلابة التي تتمتع بها أمهات الشهداء "مهمة جدا"، فالحالة الفلسطينية تفرض علينا إظهار الصورة الصلبة أمام الأعداء، وفق قوله.

ويضيف تفال لـ "وكالة سند للأنباء": "من أهم معاني صلابة الأم رغم حزنها الكبير أنها تقول مستمرون، فالموت لا يخيفنا، بينما علم الاجتماع يفسر الظاهرة بحالة إنكار للواقع لأن الأم تشعر بالاستئناس من محيطها المغمور بالحزن الذي لا يفارقها رغم صلابتها" .

من جانبه، يشير مدير الإغاثة الطبية بنابلس غسان حمدان، من واقع تجربته الطويلة في حالات الشهداء، إلى أن "الشهادة تحمل قيمة عالية في مجتمعنا وتعكس صورة مقاومة المحتل ورفضه ومواجهة عدوانه، وتبدو فيه الأم والزوجة معتزة بشهيدها الذي هبّ للخلاص من المحتل" .

ويعرب حمدان في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، عن قناعته بأن صلابة الأمهات تمثل جزءًا حساسا من الحاضنة الشعبية لمقاومة الاحتلال، واتساع رقعة هذا الرفض لوجوده.

ويخلص حمدان إلى أن "الصلابة الأنثوية تمثل نقيضا لثقافة الفوضى والانهيار للقيم الهابطة، بينما تتعزز لدى الأمهات حالة الافتخار والاعتزاز أكثر من حالة الفقد .

وفي الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يونيو/ حزيران الجاري، استشهد 22 فلسطينياً برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية ومدينة القدس.

ووفق رصد وحدة البيانات في "وكالة سند للأنباء"، ارتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا برصاص الاحتلال منذ بداية العام 184 شهيدًا، بينهم 143 شهيدًا من الضفة الغربية والقدس، و4 شهداء من الداخل المحتل، و37 شهيداً من قطاع غزة.