الساعة 00:00 م
الثلاثاء 19 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.15 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.97 يورو
3.65 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"وكالة سند" تكشف تفاصيل جريمة إعدام الاحتلال مسنا جنوب غزة

مأساة تحولت إلى إبداع.. رحلة أسيل نسمان من غزة إلى الحدود المصرية

بالفيديو فقدت شقيقها وهُدم منزلهم.. ولازال لـ "حلم" سعاد حسونة بقية

حجم الخط
سعاد حسونة
فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

كانوا سبعة وثامنهم حلمها، الذي اغتالته طائرات الاحتلال الإسرائيلية الحربية، ليصبحوا ستة على قلب واحد، وكما قالت سعاد حسونة ذات الـ 18 عامًا ".. وما زال للحلم بقية".

"فرحة نجاحك يا بابا حتكون جبر خاطري"، ما زالت "سعاد الابنة البكر والفتاة الوحيدة بين إخوتها لعائلة مكونة من سبعة أفراد، تردد هذه العبارات التي قالها لها والدها مشجعاً لها في دراستها الثانوية، والتي حظيت بعدها بمعدل 94% في الفرع العلمي – وقد رأته في منامها-، معلنةً رغبتها في استكمال دراسة "طب الأسنان"، ومساعدة كل من يحتاج العون.

لكن 6 صواريخ حربية في ليلة لم يكتمل بها القمر، اغتالت هدوء مخيم "الشعوت" بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وسرقت فرحتها، باستشهاد شقيقها محمد (14عاماً)، فأصابتها ووالدها وأمها وإخوتها بجراح، إثر استهداف منزل جيرانهم الملاصق لهم بين أزقة المخيم في السادس من أغسطس/ آب الجاري.

وفي تفاصيل الحدث، تروي "سعاد" لـ "وكالة سند للأنباء"، أنها كانت وابنة عمتها تسرح لها شعرها في الغرفة بعد تناولهم طعام العشاء، ما إن باغتتهم أصوات الطائرات والصواريخ، لترديهم في ظلمات ثلاث، ظلمة الليل والحرب والذعر.

كانت أعمدة الحديد من سقف الأسبست (الزينقو) الدرع الحامي لـ"سعاد" بعد لطف الله، إذ وقع على ظهرها، وتلقت عنها وابنة عمتها أي شظايا، لكنها  أُصيبت بجراحٍ متوسطة، إثر تساقط الحجارة عليها.

لم ترَ "سعاد" حينها إلا ألسنة اللهب والنيران المشتعلة، مبصرة برعشة خوف، جسداً هزيلاً صغيراً ملقى على الأرض ومدرجاً بدمائه جانب الباب، كان ذلك "محمد" الذي أردته شظية صاروخ شهيداً في تلك الليلة، لكنها لم تكن تعلم حينها أنه فارق الحياة.

"أخوي راح.."

بدأ خبر استشهاد "محمد" يتسلل هنيهة عند العاشرة من صباح اليوم التالي، حينها لم تشفع الكلمات في تعزية فاقد فيما فقد، كذلك دخول والدهم لعمليتين جراحيتين جراء إصابته في القدم، وله قصة أخرى.

"صواني الحلو والشوكولاتة لسة ما خلصوا"، كانت "سعاد" قد خبأت حلويات نجاحها لتقديمها للمهنئين، لكنها الآن باتت تقدم التمر والقهوة للمعزين، تاركةً حلو الحياة وراءها في بيتهم الصغير الذي سُلِب ونُزِعت منه البهجة.

بنبرة متحشرجة تمنت بها "سعاد" خسارة كل شيء مقابل حضن لأخيها "التعليم ما بينقطع، لكن أخوي راح شو يرجعه؟"، بهذه الكلمات تصر "سعاد" على مواصلة طريقها وإصرارها على حلمها بأن تصبح طبيبة مستذكرةً ما قالته لحظة نجاحها "وما زال للحلم بقية".

رشفة الشاي الأخيرة..

أما "عرفات" (16 عاماً) الشقيق الذي يسبق شهيدهم بعامين، له قصة أخرى مع صديقه وتوأم روحه "محمد" الذي كان برفقته قبل نصف ساعة من وقوع الفاجعة، يجوبون بضحكات ومزاح وركلات اللعب في شوارع المخيم لشراء "الفول والفلافل" لتناول العشاء، وكأن هذه الجولة كانت نظرة وداع "محمد" لأزقة المخيم.

دقائق الوداع، وبعد عودتهم إلى منزلهم المتواضع الذي لا تتجاوز مساحته الـ 70 مترًا، جلس الإخوة لتناول العشاء و"محمد" بجوار الباب – كأنه يستعد للخروج من هذه الحياة- وبيده كأس الشاي يرتشفه برفق، نظر "عرفات" لشقيقه رآه مبتسماً، وكانت هذه آخر نظرة وآخر لقاء.

كان "عرفات" أول مَن رأى أخيه على الأرض منتشلاً إياه في حضنه بصرخةٍ دوَّت أرجاء المكان، لكنه لا ينسى مشهد والده الذي "طار" من قوة الصاروخ خارجاً من سقف البيت، واقعاً على رصيف الشارع.

فكان هذا حال عائلة من المخيم الذي راح ضحية استهدافه عشرات العائلات بعدد لا يقل عن 30 منزل، في تلك البقعة الصغيرة.

وتشير أحدث إحصاءات وزارة الصحة، إلى أن 3 أيام من العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع خلّفت 47 شهيدا، بينهم 16 طفلا، و4 نساء، إضافة إلى 360 جريحا، 41% منهم أطفال دون الثامنة عشرة، و58 امرأة، فضلا عن دمار مئات الوحدات السكنية.