الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

29 عامًا على توقيعها.. ما الذي تبقى من اتفاقيّة أوسلو؟

حجم الخط
الراحل أبو عمار
رام الله - وكالة سند للأنباء

تمر اليوم الثلاثاء (13 أيلول/ سبتمبر 1993) 29 سنة على اتفاقيّة أوسلو، كأول اتفاق سياسي مُوقّع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والذي أفضى لنشأة السلطة الفلسطينية، كسلطة حكم ذاتي تدير شؤون قرابة 5 ملايين فلسطيني بالضفة الغربية وقطاع غزة.

ووقّعت منظمة التحرير الاتفاق، ممثلة برئيسها آنذاك ياسر عرفات مع الحكومة الإسرائيلية ممثلة برئيسها في ذلك الحين إسحق رابين، وبحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في واشنطن في 13 أيلول 1993.

الاتفاق الذي شكّل منعطفا حادًا في مسار العلاقات الفلسطينية الداخلية، وأحدث انقساما عميقا بين برامج القوى، بحسب مراقبين، مثّل في بدايته بارقة أمل لإنشاء دولة فلسطينية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي كانت معدة لخمسة سنوات من توقيعه.

عملية التقييم لفشل الاتفاق بدأت مبكرا، تحديدا من موقّعه الراحل "أبو عمار" الذي صّرح أكثر من مرة "إن كان لديكم ملاحظة على الاتفاق فلدي مليون ملاحظة"، كما ينقل عنه مقربوه.

اتفاق أوسلو.jpg
 

بذور الاتفاق

مستشار "أبو عمار" للشؤون السياسية بسام أبو شريف، يقول إنّ "عرفات" تنبّه مبكرا لقضية فشل الاتفاق تحديدا عام 1998، بعيد تولي بينامين نتنياهو الوزارة في إسرائيل، ورفضه تسليم مدينة الخليل.

سبقها بعام أحداث دموية عرفت بـ"أحداث هبة النفق"، حيث أدرك "أبو عمار" وقتها أنّها رسالة إسرائيلية بمحاولة التنصل من الاتفاق وصولا لقبره، كما يورد "أبو شريف" لـ "وكالة سند للأنباء".

ويؤكد أنّ "أبو عمار" رفض تحويل الاتفاق لصيغة أمنية واقتصادية تتعلق بإدارة المصالح المشتركة مع الاحتلال، وأصرّ عليه كاتفاق سياسي يحمل في طياته الوصول لتحقيق الدولة وعاصمتها القدس.

ويرى ضيفنا أنّ الاتفاق كان عبارة عن فخ استدرج إليه "عرفات"؛ فهو "بمثابة خديعة نصبت له من أطراف مختلفة".

ويتابع: "أن اتفاق أوسلو ولد ميتاً، ثم دفنه شارون، وشيعته الإدارة الامريكية بمراحلها المتلاحقة، وقد تعرض فيه أبو عمار للخداع".

اتفاقية أوسلو.png
 

ويعزو "أبو شريف" استجابة "عرفات" لهذا التوقيع، لاندفاعه نحو طموحه ببناء دولة فلسطينية، "كما أن الظروف التي مرت بها المنظمة من حصار مالي، ومطاردة لقواعد تواجدها في البلاد العربية، كلها دفعت باتجاه الاستجابة لتوقيع الاتفاق".

يجدر الإشارة إلى أنّ اتفاق أوسلو جاء بعد عامين من مؤتمر مدريد الذي عقد لمناقشة سبل تحقيق السلام، بمشاركة وفد فلسطيني ترأسه الراحل حيدر عبد الشافي.

ويذكر "أبو شريف" لـ"وكالة سند للأنباء" أن كواليس مرحلة التوقيع على الاتفاق، بالقول: "سألت عرفات حينها لماذا يريدونك وحدك وسرًا في أوسلو رغم وجود مؤتمر مدريد للسلام؟ لماذا يريدونك وحيدًا وبدون شهود؟"

ويلفت إلى أن عرفات تنبّه لهذا الفخ واكتشف الخديعة الكبرى يوم تسلم مدينة الخليل، ومنذ ذلك الوقت بدأ يتهيأ لمقاومة الاحتلال.

ويزيد: "عرفات تبرأ من الاتفاق منذ اكتشافه لتلك الخديعة، وقرر استكمال مسيرة النضال من خلال عدة موجات شعبية انطلقت سواء كان في هبة النفق أو الانتفاضة الثانية".

عن شِقيّ الاتفاق..

يذهب مراقبون لتصنيف الاتفاق على شقين، الأول يتمثل في البعد السياسي المرتبط بالحلم الفلسطيني بإنشاء الدولة، وهو عمليا انتهى ولم يعد منه شيئا، والآخر يتمثل في الوظيفة الأمنية والاقتصادية التي لا تزال مستمرة كونها تصبّ في خدمة إسرائيل.

ويقول أستاذ الإعلام بجامعة بيرزيت نشأت الأقطش، إنّ الشق ذو البعد الأمني والاقتصادي هو الوحيد القابل للحياة لهذه اللحظة، خاصة وأن الاتفاق أساسا يقوم عليه.

ويُشير في حديث مع "وكالة سند للأنباء" إلى أن الشق السياسي اختُصر بعبارات "بحث الأطراف إمكانية قيام دولة فلسطينية".  

أما عن إمكانية إعلان نهاية الاتفاق فلسطينيًا، فإن ذلك يعني إعلان حرب، وهذا لن يحصل من المستوى الرسمي، _وفق الأقطش_، لافتًا لوجود ملاحق غير معلنة في الاتفاق على غرار كامب ديفيد.

ويستطرد: "أن الاتفاق انتهى فيما يخص بالحلم الفلسطيني، لكنه فيما يخصّ بالالتزامات مع الاحتلال يطبق حرفيا".

من جهته، يؤكد المحلل السياسي طلال أبو عوكل، أن الاتفاق انتهى بتقييم موقعيه، لكنّه من الناحية السياسية لا يزال يشكل العنوان الناظم الذي يضبط إيقاع التحرك السياسي الرسمي.

ويوضح "أبو عوكل" لـ "وكالة سند للأنباء" أن إصرار القيادة الفلسطينية على حل الدولتين، يعكس مدى تمسكها بمبادئ الاتفاق، رغم أنه من الناحية العملية لم يعد قائما.

ويردف: "إسرائيل دفعت عبر مراحل مختلفة؛ لإنهاء الاتفاق وتفريغه من مضمونه، ورغم فشله لم يتم تجاوزه".

ويلفت ضيفنا إلى أنّ إسرائيل صنعت بديلًا عبر فرض وقائع مختلفة، أعادت عبرها تعريف الصراع وفق مزاجها ورؤيتها وبما يحقق تطلعاتها الاستيطانية، والتي بالضرورة تقضي على كل ملامح الاتفاق.

وينبّه "أبو عوكل" إلى أن إسرائيل لم تتجاوز فكرة الطموح التوراتي الذي يعني السيطرة على الضفة باعتبارها مركز ثقل اليهودية التوراتية وفق الرواية الإسرائيلية.

ويتحدث عن أن "مرحلة الصراع هي التي تتحكم بالواقع الفلسطيني، فيما لا يزال الاتفاق يعبر عن الشكل السياسي والمؤسساتي للسلطة فحسب".

خيارات..

من ناحيته، يقول الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، إنّ السلوك الإسرائيلي في الضفة والقطاع والقدس والداخل، يحتاج لتشكيل قيادة وطنية موحدة لإدارة الاشتباك، والاتفاق على استراتيجية وطنية بديلة تفعّل أدوات المواجهة الشاملة معه.

ويشير "البرغوثي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" إلى ضرورة تطبيق قرارات المجلس المركزي، والتوقف عن الرهان على الإدارة الأمريكية والمفاوضات.

ويُبيّن أن الموقف الأمريكي الداعم للعدوان، يثبت أنه لا يوجد فرص لتحقيق أي سلام مع الاحتلال، أو وصف الإدارة الأمريكية كراعي سلام في المنطقة، مؤكدًا على ضرورة التحرك فلسطينيا للتوافق على تشكيل قيادة ميدانية موحدة، وبرنامج سياسي يقوم على المواجهة الشاملة، وصولا لصيغة تتخلص من اتفاق أوسلو.

ويردف: "أن شعبنا في كل مواقعه يستوجب أن يتحرك لدعم واسناد أهلنا في القطاع، ويجب التحرك بكل الوسائل لتوفير الحماية لأبناء شعبنا هناك".

وعلى الصعيد ذاته، يلفت نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم، إلى أن إسرائيل عملت عبر حكوماتها المختلفة لوأد "أوسلو" وإنهاء وجوده.

ويُكمل في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أن وجود معسكر يميني متطرف واسع يحاول إخماد جميع الأصوات المنادية بضرورة إنهاء الفصل العنصري، ولو كانت أصوات قليلة.

ويُشدد "عبد الكريم" على ضرورة التحرك الشامل دوليا وقانونيا، وتنفيذ القرارات الوطنية التي تنادي بوقف اتفاقات أوسلو والقيود المجحفة التي فرضتها على الشعب الفلسطيني، وفق تعبيره.

ويختم: "يجب إعادة النظر مع إسرائيل كونها عدوا استيطانيا محتلا يحاول إجلاء شعبنا عن أرضه".

رئيس الوزارء الفلسطيني.jpg
 

يُشار إلى أن  رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، قد قال في كلمة له بمستهلّ الجلسة الأسبوعية للحكومة، إن "إسرائيل لم تُبقِ شيئًا يُذكر من الاتفاق (أوسلو)، وألغت معظم بنوده، وضربت بها عرض الحائط، وألغت الشِّقّين السياسي والاقتصادي، وكذلك الجغرافي".

وأكد "اشتية" أن "إسرائيل خرقت، بل ألغت معظم بنود الاتفاقات الموقّعة معنا، وهذا الأمر يدعونا إلى التوقف كثيرًا عنده ومراجعة ذلك".