الساعة 00:00 م
الخميس 28 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.19 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.98 يورو
3.68 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

بوق "الشوفار".. ما هو وهل يتسلل لـ "الأقصى" في رأس السنة العبرية

حجم الخط
بوق الشوفار
بيان الجعبة - وكالة سند للأنباء

ككرة الثلج، تتدحرج انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي؛ لتهويد المسجد الأقصى المبارك منذ عام 2003، عندما فتح الباب أمام الاقتحامات الجماعية للمستوطنين، لتكبر بعد الإعلان عن أداء الصلاة الصامتة ثم الجهرية، مروراً برفع الأعلام وأداء السجود الملحمي على أرض المسجد، تلاها اقتحامه بملابس فاضحة، وأخيراً، وربما ليس آخرًا، دعوات لإدخال "الشوفار" والنفخ فيه داخل ساحات المسجد.

فقد أعلنت المؤسسة الحاخامية المركزية لجماعات الهيكل المتطرفة "السنهدرين الجديد" قبل أيام عزمها نفخ "الشوفار التوراتي" في المسجد الأقصى المبارك يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين بمناسبة رأس السنة العبرية؛ فما هو "الشوفار" وما هي دلالات نفخه في مقبرة الرحمة وداخل الأقصى؟ وهل سيتسلل للأقصى من جديد؟

شوفار.jpeg
 

الباحث المختص في شؤون القدس و"الأقصى" زياد ابحيص، يقول إن بوق الشوفار حسب وصف التوراة، هو وسيلة وأداة للانتقال بين زمانين، وعادة ما يصنع من قرون الحيوانات القابلة للأكل كقرن الكبش، أو التيس، أو تيس الجبل، أو الغزال، لكن ليس من قرن الثور؛ فالأخير يصنع منه نوع ثاني من الأبواق وليس "الشوفار"، وينفخ فيه بمناسبات أخرى.

ويوضح "ابحيص" لـ "وكالة سند للأنباء" أن النفخ بالبوق يعلن فيه الانتقال بين زمانين حيث يتم ذلك مرتين خلال العام العبري، المرة الأولى في رأس السنة العبرية وينفخ فيه مطلع النهار أي بعد شروق الشمس مباشرة؛ للإعلان عن دخول السنة الجديدة وبدء أيام التوبة، ويكرر النفخ فيه عدة مرات خلال يوميّ عيد رأس السنة إلى 100 نفخة".

أما الموعد الثاني للنفخ بالبوق، فهو مع غروب الشمس في يوم عيد "الغفران"، إعلاناً بنهاية أيام التوبة العشر، وفق "ابحيص".

وعن المعاني التوراتية للنفخ بالبوق، يوضح أن "هناك 10 معان توراتية له، تتمثل باستحضار فكرة يوم القيامة، والحاجة للغفران، واستحضار الحروب الذي خاضها بنو إسرائيل، والظلم الذي وقع عليهم".

أما المعنى الأهم للنفخ بالبوق في "الأقصى" بالنسبة لجماعات الهيكل، فهو معنى اقتراب مجيء المسيح المخلّص في آخر الزمان، تِبعًا لـ "ابيحص".

ويسرد: "إلّا أن جماعات الهيكل تصنف نفسها بأنها حركات مسحانية خلاصية، وتظن أن أفعالها تساعد في قدوم المخلّص، بل إن بعضها يؤمن بفكرة "توريط الرب"، أي توريط الإلٰه في إرسال المخلّص، لذلك تسعى هذه الجماعات للنفخ بالبوق في الاقصى".

وعن دلالات أخذ البوق لباحات المسجد والنفخ فيه، يتحدث ضيفنا: "الأمر له ثلاثة دلالات رئيسة، الأولى تتمثل بالإعلان عن بداية ونهاية أيام التوبة العشرة الممتدة من رأس السنة العبرية وحتى يوم الغفران من المسجد، بمعنى التعامل مع المسجد باعتباره مركزاً للديانة اليهودية، أي أنه هيكل قائم من ناحية تعامل هذه الجماعات معه".

الهيكل المزعوم.jpg
 

أما الدلالة الثانية، تأتي لتشير إلى أن النفخ في البوق داخل "الأقصى" هو شكل من أشكال استعجال قدوم المخلّص؛ لأن إقامة الهيكل مرتبطة بقدوم المخلص؛ فعندما ينفخ بالبوق في المسجد يعني أن قدوم المخلص بات قاب قوسين أو أدنى، حسب معتقداتهم.

بينما تتمثل الدلالة الثالثة، في أن "النفخ بالبوق داخل باحات الأقصى يُعدّ شكلًا من أشكال السيادة اليهودية عليه؛ كون النفخ بالبوق يمثل إعلان الانتصار بالحروب والسيادة على الأرض".

وحرص حاخام الجيش الإسرائيلي شلومو غورين، على النفخ بالبوق بالمناطق التي احتلتها إسرائيل لأول مرة، حيث نفخ في البوق عند دخول سيناء عام 1956.

وفي مدينة القدس نفخ الحاخام "غورين" بالبوق مرتين، الأولى عندما دخل الجيش الإسرائيلي لـ "الأقصى" محتلاً عام 1967 كإعلان انتصار، والثانية عند حائط البراق لإعلان السيطرة على الحائط وبدء الصلوات والعبادات التوراتية فيه.

ويمضي "ضيف سند": "إن جماعات الهيكل تمهّد منذ فترة للنفخ بالبوق في الأقصى، وقامت فعلياً بالنفخ فيه في عيد رأس السنة العبرية الماضي لكن بشكل سري، وهذا غير كافي وغير مقبول بالنسبة لهم، فهم يسعون للنفخ العلني لاستعراض أن الأقصى هو هيكل فعلي، ومركز ديني يهودي ومكان لصلواتهم".

وفي إطار تجهيزاتها للنفخ بالبوق داخل باحات "الأقصى"، يشير إلى أن الجماعة الأساسية لجماعات الهيكل المسماه "السنهدرين الجديد"، وتعني مجلس القضاة أو الحاخامي الجديد، صنعت بوقًا تنطبق عليه مواصفات خاصة جداً للنفخ فيه، حيث صنعته من قرن تيس الجبل بشكل غير ملتوي أبدًا وهي مواصفات توراتية بحتة.

وسعت "السنهدرين" لتقديم التماس لمحكمة الاحتلال العليا؛ لطلب النفخ بالبوق علناً في "الأقصى" تحت حماية ورعاية شرطة الاحتلال، بحسب "ابحيص".

ويشدد على أن النفخ في البوق بـ "الأقصى" ليس أمرًا هامشيًا، إنما يوازي في خطورته فكرة ذبح القربان داخله، مضيفًا: "النفخ بالبوق في المسجد يعني إعلان السيادة عليه وإعلان زمن جديد يصبح فيه المسجد المبارك بمثابة الهيكل".

ذبح القربان.jpeg
 

وحسب عقيدة اليهود، يرتبط "الشوفار" بقصة إبراهيم كما وردت في سفر التكوين، في إشارة إلى ذبح الكبش، حيث تم استخدام قرنه بالنفخ وإصدار الصوت للإعلان عن فداء إسحاق وفرح ابراهيم، لذلك يعتبر من أهم الأدوات التوراتية والتراثية عندهم.

وتمتد فترة النفخ في "الشوفار"، من بداية "أسبوع الخلق"، وهو الأسبوع الذي يسبق رأس السنة حتى نهاية يوم الغفران أي بعد رأس السنة بعشرة أيام، وقد ذكر هذا في "مشناة مسخوت رأس السنة" من التوراة الشفهية، حيث كانوا يستخدمون "شوفار" برأس مذهّب احتفاءً بالهيكل المزعوم، وله نغمة خاصة "ميتزافوت"، بحسب معلومات بحثية اتطلعت عليها مراسلة "وكالة سند للأنباء".

وتحضيرًا للنفخ بـ "الشوفار" داخل "الأقصى"، أقدم الحاخام "هيلل فايس" برفقة عدد من حاخامات معهد الهيكل، وأعضاء "السنهدرين الجديد"، على صناعة "شوفار" خاص برأس السنة، بنفس المواصفات المذكورة في "المشناة".

وأعلنوا أنهم جاهزون لتنفيذ "ميتزافوت" الخاصة بـ "الشوفار" داخل المسجد الأقصى، في رأس السنة العبرية وأيام التوبة، بحسب ناشطين ومتابعين مقدسيين.

وكانت منظمة "جبل الهيكل بأيدينا"  "بيدينو" ومديرها "تومي نيساني"، ومنظمة "سلام أورشليم" التابعة للمتطرف "يهودا غليك"، قد قاموا بمبادرة للنفخ البوق عند باب الرحمة من الخارج، كإعلان عن بداية عهد البناء -أي بناء الهيكل- حيث أن المعتقد اليهودي يقول بأن بناء الهيكل الثالث ودخول المسيح المنتظر يكون من الباب الشرقي لجبل الهيكل.

وبحسب باحثين فقد تم النفخ بالبوق عند سور "الأقصى" الشرقي بمواققة من المحكمة الإسرائيلية، مما يعطي خطوة متقدمة للمتطرفين نحو تحقيق غايتهم المنشودة بتحويل مقبرة الرحمة، وباب الرحمة لمحطات تهويدية خالصة، والتمهيد لنقل هذه الفكرة داخل المسجد الأقصى.

ويقول ناشطون وباحثون مقدسيون، إن إمكانية قيام المستوطنين المتطرفين بإدخال "الشوفار" لـ "الأقصى" هو أمر وارد جدا، سيما وأن المسجد شهد خلال الأعوام الماضية محاولات كثيرة لتهريب الشوفار بل والنفخ فيه داخل باحته، وكانت هذه المحاولات كلها متزامنة مع عيد رأس السنة العبرية خلال الأعوام 2015، 2018 و 2021.

وفي كل محاولة تمت لم تقم محكمة الاحتلال بتجريم من قام بذلك، ما يشير إلى أن هذه المحاولات ستتم مجددًا، لكن ما يُخشى منه أن تتم تلك الانتهاكات بمحاولات جماعية، على غرار السجود الجماعي الذي قام به المتطرفون خلال ذكرى خراب الهيكل هذا العام.