الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

بالفيديو "ليوان".. توثيق عصري لأغاني التراث في مدينة دير البلح

حجم الخط
ليوان
فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

"واللهِ يا دارنا إن عُدتي بأهاليكي.. لأطليكي بالشِّيد وبعد الشِّيد أحنيكي"، حَكايا تروى وأغانٍ تتراود إلى أذنك بنبرة الجدات المرتعشة، لتعبر عن فرح بزفة عريس، أو احتفاءٍ بطهور مولود جديد، وماذا عن الحج؟ له أغانٍ وسلامات يرددها الأهالي وتغنيها الجارات، وفي موسم النخيل؟ تسمعهم يصدحون بـ "وارتجت الديرِ وارتج النخل معها.. حتى السلاطينِ قامت عن مطارحها".

وحفاظًا على تلك المعاني والموروث الشفوي للتراث الفلسطيني، أنتجت جمعية نوى للثقافة والفنون في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ألبومها الغنائي الثاني في سبتمبر/أيلول الماضي بعنوان "ليوان"، الذي يضم 8 أغانٍ تراثية تحاكي حياة أهالي المدينة في العديد من مناسباتها كالحصاد، وطهور الأولاد، والحج، والاحتفاء بالبنات، وأغاني الأفراح وزفة العريس.

" بدنا التراث ما يروح ونرجع إلو.."، السيدة الخمسينية مريم أبو عيسى، مواليد وسكان مدينة دير البلح، إحدى حاملات الأغاني التراثية في المدينة، تقص بكلماتها البسيطة على "وكالة سند للأنباء" في لقاء ماتع، بعض التفاصيل الجميلة وحكايا أغاني التراث العريق بدأتها بـ" أغاني التراث كانت تمثل كل حياتنا".

تناقلت السيدة "مريم" هذا التراث عن أمها وجدتها، فقد كانت ضيفتنا في صغرها تذهب إلى الأفراح القريبة والبعيدة فتسمع الأغاني وترددها حتى ترسخ في ذهنها، مؤكدة أنه " كل ما كبر الإنسان، عرف المعاني المستخدمة بشكل أوضح".

تبيِّن لنا السيدة "مريم" أن تكرار الأغاني التراثية يمنعها من الاندثار، مضيفةً أنها ليست مجرد استمتاع لعبارات تُغنى فحسب، إنما كلمات ذات معنى هادف يربطك بالوطن، الأحباب، الجيران، العائلة وفي كل حرف قديم.

وتتابع:"للحاج مثلاً يُغني الأحبة "شال الحج الزين.. وحط عالحرمين.. ومنه تملي يا عين، من النبي هالزين"، أما في طهور المولود تغني النساء:"يا خالتي يا أخت أمي خبيني تحت الصفة.. وإن أجا المزيِّن يسأل، قولوا محمد في الزفة".

أما ليالي أم العريس، فهي إحدى العادات في أفراح مدينة دير البلح، تعقدها عائلة "الفرح" قبل مناسبة الزفاف بأسبوع وتستمر عدة أيام، تُغنى فيها الأغاني التراثية وتُستعمل فيها "الطبلة التقليدية"، كما ترتدي النساء فيها الثوب الفلسطيني بأنواعه كافة.

ماذا عن "الليوان"؟

تقول المنسقة الميدانية في جمعية نوى للثقافة والفنون سوسن زيدان، إن هذا الألبوم هو الثمرة الثانية لرحلة بدأتها "النوى" في عام 2018 عندما بدأت الجمعية بجمع الأغاني التراثية من النساء الفلسطينيات حاملات التراث في مدينة دير البلح، حيث يلازم ترديد الأغنية الشعبية أهل "الدير" في معظم مناسبتهم كنوع من التمسك بالإرث الشفوي لهذه المنطقة.

وفي التفاصيل، قامت جمعية "نوى" بجمع الأغاني عن طريق مبادرة شبابية بمجموعة من العاملين والمتطوعين، وارتأت العمل على إصدار هذه الأغاني التراثية بالشراكة مع مؤسسة جفرا للإنتاج الموسيقي برام الله، بشكل يوائم العصر واحتياجات فئات الأطفال والشباب وإخراجها بقالب موسيقي، حتى يتسنى لفئات المجتمع المحلي أن تستخدمه في جميع مناسباتهم وفي حياتهم اليومية، وفقاً لـ"زيدان".

تتابع ضيفتنا "تُجمع الأغاني من حاملات التراث في المنطقة كما تُغنى في المناسبات، وتحمل اللفظ والكلمات كما تغنى كل أغنية"، لافتةً أن العديد من عمليات البحث أُجريت للوصول للمدلول الحقيقي والمعنى لكل كلمة داخل الأغنية.

أما عن اسم "ليوان" توضح "زيدان" لـ"وكالة سند للأنباء":"تسمية الألبوم بهذا الاسم، كَون الليوان مكان يجتمع فيه رجال العائلة، وهذا طابع تتميز به معظم مناطق قطاع غزة، وعلى وجه الخصوص مدينة دير البلح، وتتعدد الموضوعات في الليوان، فتعددت الأغاني في ألبوم ليوان".

وفي الحديث عن هدف هذا التوثيق، تخبرنا "زيدان" أن "النوى" تسعى للحفاظ على الموروث الشفوي الذي تحمله الجدات والنساء في المنطقة، واستمرارية هذا التراث الذي يغرس ويعزز الهوية الفلسطينية، فتزيد معرفة الأجيال وفئات المجتمع بمفاهيم ومعاني هذه الكلمات والمدلولات التاريخية التي تحملها الأغاني من خلال القصص المتناقلة.

وتختم "ضيفة سند" قولها أنهم بصدد إنتاج ألبوم ثالث جديد العام القادم، معربةً عن أملها بالإنطلاق في جمع الأغاني التراثية خارج منطقة دير البلح.