تتجه أنظار الإعلام الفلسطيني المحلي هذه الأيام صوب محافظة طولكرم شمال الضفة الغربية، التي باتت تعاني اليوم من عدة أزمات أثارت غضب الشارع والمؤسسات الشعبية هناك.
فقبل عدة أيام، تفاجأ مواطنو المحافظة بتراجع وزارة الصحة الفلسطينية عن قرار سابق بتشغيل مشفى عتيل الحكومي، لتصب بعدها وزارة الاقتصاد الزيت على النار بمنحها تراخيص لإقامة كسارات جديدة ومقالع في منطقة الكفريات جنوب طولكرم.
أزمة مشفى عتيل الحكومي والكسارات الجديدة لم تُنسِ المواطنين في طولكرم أزماتهم القديمة والمتراكمة، المتمثلة باستمرار انقطاع الكهرباء وعدم تثبيت الحكومة لموظفي مشفى الهلال الأحمر.
استقالات جماعية..
وأمام هذه المطبات الكبيرة والمنعطفات الحادة في الشارع الكرمي، لم يقف المواطنون والمؤسسات الأهلية مكتوفي الأيدي، حيث أعلن عدد من أمناء سر المكاتب الحركية في طولكرم عن تقديم استقالاتهم السبت الماضي.
وعلّل المستقيلون البالغ عددهم 13 عضواً يمثلون قطاعات مختلفة سبب الاستقالة بـ"التهميش الممنهج الذي يمارس بحق محافظة طولكرم ومواطنيها"، على حد وصفهم، مطالبين الحكومة باتخاذ تدابير عاجلة لإنصاف المحافظة وتطبيق القرارات التي تم تخصيصها لطولكرم خلال اجتماعات سابقة لمجلس الوزراء.
وفي الإطار نفسه، قدّم أعضاء المجالس المحلية في قرى الكفريات (جبارة، الراس، كفر صور، كور، كفر زيباد، كفر جمال، كفر عبوش) استقالاتهم.
وذكرت المجالس المستقيلة في بيان اطلعت عليه "وكالة سند للأنباء"، أن القرار يأتي احتجاجاً على ما وصفوه بـ "القرارات المجحفة بحق المنطقة والمتمثلة بمنح تراخيص لكسارات جديدة".
وأشارت المجالس إلى المخاطر البيئية والصحية الناجمة على الكسارات القائمة والتي تشكل أيضاً خطورة على طلبة المدارس، وتدمر المشاريع الزراعية والتطويرية في تلك المناطق.
تغير في صفة الاستخدام..
من ناحيته، يقول رئيس مجلس قروي كور فريد الجيوسي إن وزارة الاقتصاد منحت قبل عام تراخيص لعمل مقالع وكسارات جديدة في أراضٍ تابعة لقرى الكفريات، مشيراً إلى أن هذه الأراضي مخصصة وفقاً للمخطط الهيكلي لإقامة جامعات وكليات تعليمية.
ويوضح لـ"وكالة سند للأنباء" أن "ما قامت به الحكومة هو تغيير في صفة الاستخدام، وبدل أن تقوم وزارة الاقتصاد بتشديد الرقابة على عمل الكسارات القديمة ووضع قيود للحد من التلوث الذي يصدر عنها، منحت تراخيص جديدة وفاقمت الأزمة".
ويعتقد أن هناك مشكلة أخرى، تتمثل في "أن الحكومة لا تثبت على قراراتها، نحن نصحو على قرار ونمسي على قرار آخر يلغي الذي سبقه" وفق تعبيره، مردفًا: "نريد قرارًا حكوميًا ثابتًا؛ بمنع إقامة كسارات لا يتغير بتغير الزمن والأشخاص".
ويلفت إلى أن ما حصل، هو "استجابة من طرف الحكومة لضغوطات مارسها أصحاب رؤوس الأموال بعيداً عن مصلحة المواطنين".
ويكمل: أن "مجلس التنظيم الأعلى هو من أعطى الضوء الأخضر لأصحاب الكسارات بالعمل وذلك دون الرجوع للمجالس القروية في تلك المناطق التي يصنف بعضها كمناطق أثرية محمية وفقاً للقانون الفلسطيني".
ويشدد "الجيوسي" على أن أعضاء مجلس الكفريات لن يتراجعوا عن استقالاتهم، إلا بعد إيقاف تراخيص الكسارات الجديدة.
وعود سابقة..
من جانبها، طالبت فصائل العمل الوطني واتحادات وفعاليات وأبناء محافظة طولكرم، الحكومة الفلسطينية بتنفيذ جميع القرارات الخدماتية التي صدرت وأُقرت من الرئيس محمود عباس ومجلس الوزراء ضمن جدول زمني ملزم وواضح.
وذكرت الفصائل في بيان وصل "وكالة سند للأنباء" أن وزيرة الصحة مي كيلة وعدت نهاية العام الماضي خلال زيارة لبلدة عتيل بتجهيز أقسام الولادة والعظام والكلى بالمعدات والأجهزة والكادر في بداية 2022، واستكمال افتتاح الأقسام الأخرى في المشفى، غير أن كل ذلك بقي حبراً على ورق.
وأشار البيان إلى أن مجلس الوزراء أصدر في جلسته التي عقدت في المدينة في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني 2021 قراراً بتشكيل لجنة تضم محافظة وفعاليات طولكرم قبل اتخاذ أي قرار بمنح تراخيص جديدة للكسارات في منطقة سفارين والكفريات، لكن هذا لم يحدث.
وأعلنت الفصائل عن دعمها للتحركات المطلبية التي ينفذها موظفو الهلال الأحمر والذين يعانون الإجحاف والتهرب الرسمي في الإيفاء بقرار دمجهم في العمل بمشفى الشهيد ثابت ثابت.
وعبرت الفصائل عن قلقها إزاء السياسات التي تنتهجها بعض المؤسسات الحكومية في التعامل مع محافظة طولكرم، عبر إدارة ظهرها للمطالب والحقوق العادلة التي ينادي بها المواطن الكرمي.
الوزارة: المستشفى لا يزال قائمًا
من ناحيتها، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية على أن مشروع مشفى عتيل الحكومي لا يزال قائماً، وأنه يجري العمل على توفير ما يلزمه من معدات وكوادر صحية، والتي كان آخرها تركيب محطة أوكسجين قبل أيام.
وأضافت الوزارة أن المستشفى يعمل حالياً كمركز طوارئ لحين تجهيزه وتشغيله بشكلٍ كامل وذلك لتوفير العلاج للمواطنين في عتيل والمناطق المجاورة.
ويبلغ عدد سكان محافظة طولكرم التي تقع شمال غرب الضفة الغربية حوالي 200 ألف نسمة وتضم عشرات القرى والبلدات، في حين تبلغ مساحتها حوالي 300 كيلومتراً مربعاً.