الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

صراع مرير للوصول إلى إمدادات المياه في 2022..

خاص انفوجرافيك بسلاح التعطيش أيضًا.. "إسرائيل" تقتل كل شيء حي لدى الفلسطينيين

حجم الخط
واقع المياه في فلسطين 2022
غزة/ رام الله - وكالة سند للأنباء

لم تقتصر الانتهاكات التي نفذتها "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية خلال عام 2022 المنصرم، على القتل والتهجير والملاحقة اليومية، بل ترافقت مع جريمة من نوعٍ آخر استخدم فيها الاحتلال سلاح "التعطيش"، في سياق معركة قديمة جديدة لا تنفصل عن هدف قهر وإذلال الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم.

خاض الفلسطينيون طيلة 2022 كفاحا مريرا للوصول إلى إمدادات المياه، لتلبية احتياجاتهم الأساسية وإعاشة مواشيهم وسقي محاصيلهم، ففي الضفة الغربية تسيطر سلطات الاحتلال مباشرة على أكثر من 85٪ من موارد المياه، ولها القول الفصل في كيفية تصريف الكميات المتبقية.

بينما في قطاع غزة الذي دخل عامه السادس عشر تحت الحصار الإسرائيلي، لا زالت تمنع "إسرائيل" توريد أي مواد يحتاجها القطاع المكتظ بالسكان لإصلاح أو تحسين شبكة المياه المتهالكة، والتي تعرضت للتدمير أكثر من مرة خلال الحروب المتكررة.

واكتظ العام 2022 بهدم أو بإخطارات هدم آبار مياه شيدها فلسطينيون بمناطق مختلفة، في الضفة الغربية للاستخدامات الزراعية.

321809101_465345298934769_4101368942429985430_n.jpg
 

تراخيص مستحيلة..

ويقول أستاذ علم المياه والجيولوجيا في جامعة بيرزيت، مروان غانم، إن الاحتلال الإسرائيلي أساس كل شكاوى الفلسطينيين من نقص المياه بفعل سياسات يحرمهم بموجبها من الاستفادة من مصادر هذا الشريان الحيوي.

ويشير غانم لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى أن استهلاك الفلسطينيين بالضفة الغربية يقدر بـ 130 مليون كوب، وتتمعد سلطات الاحتلال إبقاءهم في حاجة ماسة لشراء الماء منها كونها تمنعهم من حفر آبار جديدة وعميقة.

وبحسب سلطة المياه الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء، وصلت كمية المياه التي اشتراها الفلسطينيون من شركة المياه الإسرائيلية للاستخدام المنزلي 90.3 مليون متر مكعب عام 2020.

ويضيف غانم أن الآبار الموجودة حاليا، يحظر على الفلسطينيين إجراء أية إصلاحات فيها بحال أصابها عطل أو خراب، وليسوا قادرين على حفر آبار مياه جديدة أو تركيب مضخات أو تعميق الآبار الموجودة.

وفي نوفمبر/ تشرين ثاني 1967، أصدرت سلطات الاحتلال أمرا عسكريا ينص على اشتراط حصول الفلسطينيين أولا على تصريح منها قبل بناء أي منشأة مياه جديدة، ومن ذلك الحين يكاد من المستحيل الموافقة عليها.

وينبّه غانم أنّه "في حال سُمح للفلسطيني بالحصول على رخصة، ففي مواقع غير ذات أهمية، بحيث لا تؤثر على الآبار الإسرائيلية ولا على جريان مياه الخزان الجوفي المتدفقة نحو الإسرائيليين".

في المقابل، لا يجد المستوطنون عائقا أمامهم لحفر آبار عميقة في المناطق التي يلمسون غزارة مائية في باطنها، كما يضيف غانم.

والأمر بالنسبة للمستوطنين لا يقف عند حدود توفير مياه الشرب، بل إنهم يتمتعون بكميات غير محدودة من المياه لملء أحواض السباحة وري المحاصيل وغسل سياراتهم، كما جاء في مداخلة ألقاها مركز العودة الفلسطيني بمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/ أيلول 2022.

سرقة مياه الفلسطينيين.webp
 

وبينما يستهلك الفرد الإسرائيلي 430 لتر مياه يوميا، يبلغ متوسط استهلاك الفلسطيني 84.2 لترًا في اليوم، بواقع 82.4 لترًا في الضفة الغربية و86.6 لترًا في قطاع غزة.

في حين يحتاج الشخص ما لا يقل عن 120 لترًا من المياه يوميًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

وتشكل قضايا تقاسم المياه جزءًا مهمًا من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وشهدت سنوات التسعينيات على وجه الخصوص جهودًا مكثفة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" للتوصل إلى تفاهمات بهذا الشأن، لكن الجانبين لم يصلا إلى نتيجة.

وينوه غانم إلى أن سلطات الاحتلال تأخذ بعين الاعتبار عند تشييد مستوطناتها بالضفة الغربية قربها من الخدمات والبنى التحتية، وهذه الأخيرة تشمل مصادر المياه.

وتعتمد فلسطين بشكل أساسي على المياه المستخرجة من المصادر الجوفية والسطحية، والتي تصل نسبتها إلى 79% من مجمل المياه المتاحة، وأدت الإجراءات الإسرائيلية إلى الحد من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية وخصوصا المياه وإجبارهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية.

أزمة المياه في فلسطين.jpg
 

تهويل إعلامي..

وبحسب الخبير في الشأن البيئي، جورج كرزم، تفتقر أراضي الداخل الفلسطيني المحتل إلى كميات كبيرة من الموارد المائية، وتلجأ "إسرائيل" إلى تعويضها بمصادر مائية من الضفة الغربية ومناطق أخرى غير فلسطينية.

ويبين كرزم لـ "وكالة سند للأنباء"، أن حجم المياه التي تنهبها "إسرائيل" من مصادر خارج أراضي الـ 1948، تقدر بنحو 1103 مليون متر مكعب سنويا، منها حوالي 453 مليون متر مكعب من أحواض الضفة الغربية، والباقي، من حوض نهر الأردن.

ويفيد أن هذه الكميات تعادل ما يقارب 57% من مجمل الاستهلاك الإسرائيلي.

وتعد المياه الجوفية أهم مصادر المياه التي تزود الفلسطينيين بالمياه إما عن طريق الآبار أو الينابيع، وهي تتواجد ضمن ثلاثة أحواض رئيسية متجددة في الضفة هي الحوض الشرقي والحوض الشمالي الشرقي والحوض الغربي.

ولا تتوقف سلطات الاحتلال عند حدود السرقة العلنية لمياه الفلسطينيين، بل إنها تمارس سياسة التهويل الإعلامي بخصوص شح المياه المزعوم، لتبرير مواصلة هيمنتها المطلقة على المياه الفلسطينية وحجبها بالتالي عن الفلسطينيين، كما في قطاع غزة ومنطقة الخليل في فصل الصيف، بحسب كرزم.

مياه الخليل.jpg
 

والحال في قطاع غزة الذي يعتمد بشكل كامل على خزان المياه الجوفي ليس أفضل من الضفة الغربية. فأكثر من 97% من المياه العذبة الواصلة إلى منازل السكان ملوثة وغير صالحة للشرب، ويستعيضون عنها كذلك بالمياه المحلاة المشتراة من صهاريج متنقلة.

مزيد من التدهور بغزة..

ولا يبدو الواقع المائي المستقبلي لقطاع غزة ذو المساحة البالغة 365 كيلومترا مربعا مريحا، بحسب توقعات المهندس رياض جنينة مدير جمعية الهيدروجين الفلسطينيين، وهي مؤسسة متخصصة في حماية وتطوير المياه المحلية والموارد البيئية.

ويقول جنينة لـ"وكالة سند للأنباء"، إنه مع تذبذب موسم الأمطار في العام الماضي 2021، وازدياد الطلب على الخزان الجوفي كمصدر وحيد للمياه، فإن الواقع يتجه نحو مزيد من التدهور في نوعية المياه وارتفاع نسبة تلوثها وانخفاض كمياتها مقاربة مع الاحتياجات المتزايدة للسكان.

ويضيف جنينة أن ازدياد عدد السكان في الشريط الساحلي الضيق، يشكل ضغطا إضافيا على الخزان الجوفي لتلبية الاستهلاك الآدمي من المياه، وفضلًا عن أنّ مستوى المياه في هذا الخزان يزيد من تكاليف الإنتاج وبالتالي تحميل مزودي الخدمة (البلديات) عبئا اقتصاديا إضافيا.

طفلة تشرب مياه.jpg
 

وتقول بيانات الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة المياه الفلسطينية، إنه "إذا ما أخذنا بالاعتبار نسبة التلوث العالية للمياه في قطاع غزة، واحتساب كميات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي من الكميات المتاحة، فإن حصة الفرد من المياه العذبة تصل فقط إلى 26.8 لترًا في اليوم".

ويتابع جنينة: "بات واضحا صحيا لدي السكان في قطاع غزه تأثرهم بتلوث المياه جراء استخدم إسرائيل للأسلحة في الحروب المتكررة خصوصا الفسفور الأبيض وارتفاع حالات الإصابة بالأمراض السرطانية".

ويشير إلى أن جميع الإجراءات الإسرائيلية على الأرض تعيق تمتع الفلسطينيين باستخدامات المياه، في الوقت الذي تمنع فيه وصول مياه الوديان من الجريان السطحي إلى الخزان الجوفي ومنع التغذية الطبيعية.

ويعتقد ضيفنا أن شكل الحروب القادمة على المياه لن تكون بين الفلسطينيين والإسرائيليين حصرا بقدر ما هي أوسع بين أطراف مختلفة في الإقليم، ومن ذلك مثلا صراع المياه القائم بين مصر وإثيوبيا.

ويرى في مشاريع تحلية مياه البحر أحد أوجه الحلول المؤقتة لتوفير كميات إضافية من مياه الشرب، لكنه ينوه إلى أن تكاليف تحليتها لا يمكن للجهات المحلية المشغلة تحمل تكاليفها دون دعم خارجي لها.

تحلية مياه بحر غزة.jpg
 

وينبه أيضا إلى أن البرك الاصطناعية الممولة من الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى رؤية إستراتيجية وخطط وطنية لدرء أي مخاطر (تلوث وما شابه) قد تترتب على استخدامات المياه لتغذية الخزان الجوفي.