الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

بالصور عامٌ على "هبّة النقب".. ماذا حدث وماذا بعد؟

حجم الخط
هبة النقب
النقب – خلدون مظلوم – وكالة سند للأنباء

ملامح نكبة حقيقية يعيشها أهالي النقب المحتل منذ سنوات، إلا أنها تتصاعد مع مرور الوقت وتعاقب الحكومات الإسرائيلية المتطرفة، لتزداد مخاوف الفلسطينيين من عملية تهجير وترحيل أشبه بالنكبة؛ مع قدوم حكومة، ذات الصبغة الأكثر تطرفًا في تاريخ "إسرائيل".

وقبل عام؛ في العاشر من يناير/ كانون ثاني، شهد النقب المحتل جنوبي فلسطين، "هبّة" ردًا على سياسات التهويد والأسرلة والاستيطان التي يقوم بها الاحتلال في المنطقة؛ لا سيما بقرية "سعوة الأطرش" البدوية.

وعبر تمرير مشاريع استيطانية بدأت ملامح النكبة الجديدة بالوضوح أكثر؛ مع "سلب الاعتراف" من عشرات القرى الفلسطينية وقطع الخدمات عنها، تبعها "مخطط التشجير" الذي كان بمثابة الشرارة التي أشعلت هبّة الفلسطينيين في قرى النقب مطلع العام 2022.

هبة النقب 4.jpg
 

وبدأت "دائرة الأراضي" التابعة للاحتلال في يناير 2022 بـ "تشجير" أراضٍ فلسطينية شاسعة في النقب، وتجريف أخرى، تمهيدًا لمشروع استيطاني يسمى "تشجير الصحراء"؛ والذي كان يقوم على قطع الأشجار الفلسطينية وزراعة أخرى إسرائيلية.

واتخذ الاحتلال من ذلك المشروع "ستارًا" وحجة لتهجير الفلسطينيين، وطمس هويتهم الوطنية، عبر "بعثرة" تواجدهم في القرى التي كانت حتى قبل وجود الاحتلال.

وردًا على ذلك، نظّم أهالي "سعوة الأطرش" فعاليات وتظاهرات سلمية، شاركهم فيها أهالي الداخل والنقب، فوق الأراضي المهددة بالمصادرة، وقابلتها شرطة الاحتلال بالقمع والاعتقالات التي طالت مختلف فئات المجتمع الفلسطيني في "النقب".

هبة النقب 3.jpg
 

وأسفرت تلك المواجهات عن وقوع إصابات بين الأهالي، وحملة اعتقالات طالت العشرات، بينهم أطفال، حيث أقرت وزيرة الداخلية بحكومة الاحتلال الإسرائيلي آنذاك أييلت شاكيد، استخدام طرق قمع غير مسبوقة ضد الفلسطينيين بالنقب المحتل خلال تلك المواجهات.

وتزامنًا مع "التشجير" أعلنت "شاكيد" المصادقة على تنفيذ مخططات استيطانية لإقامة نحو 20 بلدة يهودية ومصانع للفوسفات ومشاريع سكك حديدية على المساحة التي يقيم عليها الفلسطينيون في النقب.

ويعيش في النقب؛ الذي تبلغ مساحته أكثر من 14 ألف كيلو متر مربع، نحو مليون مواطن فلسطيني، 32% فقط يقيمون على أقل من 5% من أراضي النقب، في 45 قرية "مسلوبة الاعتراف" تسعى سلطات الاحتلال لتهجيرها.

هبة النقب 2.jpg
 

الخطر قائم..

الكاتب والباحث في العلوم السياسية ساهر الغزاوي، يرى أن استهداف منطقة النقب "لم يتوقف" بعد عام على هبة النقب؛ "التي واجه الاحتلال فيها سلمية أهالي المنطقة بقمع وضرب ووحشية واعتقالات واسعة".

ويضيف "الغزاوي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "الاستيطان والاستهداف في النقب ارتفع وزاد حدته وخطورته وسيزيد ويتصاعد، خاصة وأننا نعيش الآن في ظل حكومة إسرائيلية جديدة والأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل".

ويستطرد: "هذه الحكومة ستواصل بناء المشاريع العمرانية والاقتصادية على حساب أراضي النقب والتجمعات السكانية في المنطقة"، مرجحًا أن يتم "اقتلاع" بعض القرى في النقب، لا سيما وأن هناك 300 ألف عربي فلسطيني في النقب يعانون من تمييز صارخ في الحصول على حقوقهم الأساسية.

هبة النقب 1.jpg
 

ويتفق رئيس لجنة التوجيه العليا لأهالي النقب جمعة الزبارقة مع "الغزاوي" حول التخوفات من سياسة حكومة الاحتلال الجديدة، واصفًا إياها بـ "المتطرفة".

وبيّن "زبارقة" في تصريحات صحفية، أن "سياسات الحكومة الحالية التي يترأسها بنيامين نتنياهو تُشير إلى أنّ الصراع سيتجدد في النقب، وسيعود إلى المواجهة بعدما استطاع الأهالي تجميد المخطط قبل عام، والذي استهدف حصر الفلسطينيين في أقل رقعة جغرافية".

وكشف النقاب عن سعي الاحتلال لإنشاء مستوطنة لليهود المتدينين؛ مضيفًا: "خصصوا لها ميزانيات وأُدخلت إلى لجنة التخطيط والبناء القُطرية، وستقام على بُعد 40 كيلومترًا عن مدينة بئر السبع؛ الأمر الذي يشير لنوايا الاحتلال تجاه أهالي النقب".

هبة النقب 0.jpg
 

سياسات موحدة..

من جانبه، يوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، أن سياسة الاحتلال وحكوماته المتعاقبة تجاه منطقة النقب "واحدة ولن تتغير؛ وهي تتلخص في سياسة نهب الأراضي العربية ومنع الحياة البدوية فيها كضمان أساسي للسيطرة عليها".

ويتابع "مجلي" حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "سعت حكومات الاحتلال لتدمير القرى العربية في النقب، من خلال سياسات واعتداءات مختلفة، لا سيما حرمانها من الخدمات الأساسية والضرورية".

وحول وصول الحكومة الإسرائيلية الجديدة، يشدد على أن "السياسات الإسرائيلية لن تتغير تجاه النقب والقرى العربية المستهدفة، وإنما ستتصاعد".

صمود بوجه الكارثة..

وبالعودة إلى الباحث السياسي ساهر الغزاوي، فإنه يصف ما يحدث في النقب بـ "الكارثة الإنسانية"، مستدركًا: "هناك تعويل على الحراك في المستوى السياسي؛ لا سيما لجنة المتابعة العربية واللجان الشعبية في النقب والداخل الفلسطيني المحتل".

إلا أن التعويل الكبير يكون – وفق ضيفنا - على الحراك الجماهيري والشعبي على الأرض في النقب، وكل المجتمع الفلسطيني بشكل عام.

ويُكمل: "تلك الحراكات مُسلحة بالوعي الفكري والديني والقومي والوطني؛ وهي من أوقف عملية التجريف قبل عام، وهي قادرة اليوم على القيام بهذا الدور".

هبة النقب.jpg
 

ويشير "الغزاوي" إلى أن 28% من السكان العرب الفلسطينيين يسكنون في قرى مسلوبة الاعتراف بالنقب، لافتًا النظر إلى أن سلطات الاحتلال هدمت قرية العراقيب حتى الآن 211 مرة على التوالي.

وفي السياق، ينبه "زبارقة" إلى أن كل السياسات الإسرائيلية "تستهدف ترحيل أهل النقب، عبر الهدم والاستيلاء على الأراضي، إلا أن ذلك يواجه بصمود الأهالي وتمسكهم بالأرض

ويُتابع: "نحن نتحدث عن فلسطينيين تُهدم بيوتهم فينصبون خيامًا على رُكامهم، لأن علاقتنا مع الأرض وليس المنزل، ولا يمكن ترك هذا الحيز للاحتلال".

في حين، يلفت الخبير السياسي نظير مجلي، إلى أن سياسة حكومات إسرائيل المتعاقبة تقوم على "تقليل عدد السكان العرب في منطقة النقب الاستراتيجية، تزامنًا مع تصعيد وإصرار إسرائيلي على ذلك".

وينوه إلى أن أهالي النقب، وخلال الـ 20 عامًا الماضية، بدؤوا نضالًا منسجمًا مع مختلف أشكال المواجهة والنضال الفلسطيني في أراضي الداخل المحتل، "عبر وعي متراكم في هذه المعركة".

ويرى أن كل وسائل النضال الشرعية القانونية التي في متناول الأيدي متاحة؛ كالتظاهر والإضراب وإغلاق الشوارع، إلى جانب التوجه إلى المحاكم والكنيست، وأحيانًا التفاوض المباشر مع حكومة الاحتلال.

ويردف "مجلي" أنّ سكان النقب والداخل المحتل، يجب أن لا يتركوا أي باب للنضال إلا ويتم تطرقه.

وتبرز أهمية منطقة النقب، الواقعة شرقي مدينة بئر السبع، كونها تشكل ما يقرب من نصف مساحة فلسطين، وتضم أهم القواعد العسكرية الاستراتيجية للاحتلال، ومرافقه الأمنية الحساسة، وشبكة الطُّرق التي يسلكها جيشه وأرتاله العسكرية، والتي تحيط بها القرى الفلسطينية البدوية.