بمبادرة فردية وفريدة من نوعها، بدأ المواطن الستيني هشام برزق (68 عامًا) العمل على إصلاح وترميم المصاحف المهترئة؛ إجلالا لكتاب الله، وللحفاظ عليها من التلف، داخل غرفة صغيرة في أحد مساجد قطاع غزة.
وانطلق "برزق" للعمل تطوعًا بإصلاح المصاحف، مخصصًا لذلك ثلاث ساعات من يومه للعمل داخل المسجد، نظراً لكثرة عدد المصاحف التي تحتاج إلى ترميم.
وعن بداية عمله بإصلاح المصاحف، يقول "برزق": "قررت البدء بالعمل بيدي، بسبب التكلفة المرتفعة من إصلاح المصاحف في المكاتب الخاصة، حيث أرسلت في البداية عددًا من المصاحف لإصلاحها وكانت التكلفة مرتفعة".
ويضيف في حديثه لنا: "كررت التجربة ولكن كثرة عدد المصاحف التي تحتاج للترميم كبيرة، لذلك بحثت في كيفية إصلاحهم وبدأت بهذا العمل تطوعًا، وطمعًا بكسب الأجر من الله".
وخصص ضيفنا غرفة متواضعة بداخل المسجد لإصلاح المصاحف، ويُردف: " أنّ الغرفة مهيئة للعمل على مدار الساعة، تتوفر الكهرباء والرفوف المكتبية التي تسهل عليّ العمل".
ويوضح أنّ إصلاح المصاحف يحتاج لأدوات ذات تكلفة متواضعة، مثل اللاصق والفواصل والكرتون، مشيرًا إلى أنّ التكاليف تم التبرع بها من قبل أحد المترددين إلى المسجد".
ويستطرد: "المكتبة التي أقصدها لشراء معدات إصلاح المصاحف تساهم أيضًا في هذا العمل الخيري، من خلال تخفيض التكاليف المادية، فالجميع يسعى للمشاركة في الأعمال الخيرية قدر المستطاع".
ولعدم توفر خامة الكرتون الخاصة بالمصحف، يضطر "برزق" لاستبدالها بخامات أخرى أقل جودة، ويقول: "خبرتي تزيد في إصلاح المصاحف مع استمرار العمل والممارسة، أصبحت الأخطاء تتلاشى، وسرعة الإنجاز في ازدياد".
ويلفت إلى أنّ الهدف الأساسي من هذا العمل هو الحفاظ على كتاب الله، لكونه واجب على جميع الأمة الإسلامية، سواء المحافظة أو الإصلاح، مؤكدًا أنّ: "المصاحف بحاجة لصيانة دورية؛ لكونها من ورق، ويتم تداولها بأيدي الصغار والكبار، فتعرضها للتلف بغير قصد أمر وارد، نظراً لكثرة استخدام المصحف في التحفيظ أو القراءة والتسميع في مساجد غزة".
ويستقبل برزق المصاحف التي تحتاج للصيانة من مختلف المساجد دون مقابل مادي، في حين يتم تجميع المصاحف التالفة بشكل كامل لإرسالها لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية للتصرف بها وفقاً للشريعة الإسلامية.
وينوه "ضيف سند"، إلى أنّ المصحف التالف بعد حرقة لا يجوز التخلص من رماده بطريقة عشوائية، فإما يتم وضعه في مياه البحر، أو دفنة بالأرض أو تحت الأشجار.
عمل تطوعي..
أما السبعيني بهاء الدين سكيك، فيرافق "برزق" في عملية إصلاح المصاحف، ويعمل على فرزها وتفقدها لتمييز الصفحات المفقودة وتسهيل مهمة الترميم.
ويقول "سكيك" (70 عاماً)، إنه يساهم في إصلاح المصاحف للمساعدة بالأعمال الخيرية ولتسهيل مهام برزق في الترميم.
ويُردف: "تفقد صفحات المصحف يحتاج إلى جهد ووقت وتركيز كبير، لتجنب أي خطأ في تجديد المصاحف".
أما أوراق المصاحف المفقودة، فيتم طباعتها في المكاتب بشكل مشابه لنسخة المصحف، حتى يتم تجديده وترميمه بطريقة محترفة، تبعًا لـ "سكيك".
ويشير ضيفنا، إلى ازدياد عدد المصاحف التي تحتاج للتجديد بعد شهر رمضان كل عام؛ نظراً لكثرة التردد إلى المساجد وحفظ وتسميع القرآن في الشهر المبارك.
ويأمل ضيفا سند على المبادرة بتوسعها وإصلاح المصاحف في القطاع، للمساهمة بتجديدها والحفاظ عليها.