الساعة 00:00 م
الأربعاء 01 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.27 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالفيديو والصور قرية أم صفا.. مسرح لجرائم المستوطنين وصمود يجسده الأهالي

حجم الخط
اعتداءات أم الصفا
رام الله - فرح البرغوثي - وكالة سند للأنباء

منذ 6 شهور متتالية، يعيشُ أهالي قرية أم صفا شمال غرب رام الله واقعًا صعبًا، مليئًا بالتحدي والصمود؛ جرّاء سلسلة اعتداءاتٍ إرهابيةٍ مُنظمة يشنّها المستوطنون الإسرائيليون على أراضي القرية ومنازلها من حينٍ لآخر، بحمايةٍ من جيش الاحتلال.

أعنف تلك الاعتداءات التي عاشتها "أم صفا"، عندما تحوّلت في الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو المُنصرم، لمسرح هجوم واسع ومُفاجئ شنّه المستوطنون، الذين امتدت أياديهم بالحرق والتدمير للمنازل والمركبات والمحاصيل، بحماية جيش الاحتلال، ظنّ الأهالي حينها أنّ نهايتهم ستكون حرقًا على يد المستوطنين.

"نجاةٌ من الموت"..

عند بدء الهجوم، كانت المواطنة حنين عبيّات وحيدةً في منزلها الواقع على مدخل القرية، تجلسُ مع طفلتها ابنة العامين، وترعى طفلها الرضيع الذي لم يتجاوز العشرين يومًا، وسط سكونٍ وطمأنينة انتزعها المستوطنون في غضون ثوانٍ.

"شعرت أننا سنموت، ويُصبح مصيرنا كعائلة دوابشة".. بهذه الكلمات بدأت "عبيّات" تُحدّثنا عن مشاعرها في هذا اليوم، عندما أضرم مستوطنون النار في منزلها، ودبّوا الرُعب في قلبها لأكثر من ساعتين.

وتروي لـ "وكالة سند للأنباء" ما حدث: "ما بين الساعة 12 والـ1:30 ظهرًا، تفاجأنا بهجوم عشرات المستوطنين من جهة مستوطنة "عطيرت"، على المنازل الواقعة على مدخل القرية، وتدميرها في مشاهدٍ أقرب للخيال".

اعتداءات أم صفا.jpg
 

وتُتابع والدموع حبيسةً بعينيها: "هاجموا منزلي، بدأوا بتكسير كلّ ما حوله من أشجار ونوافذ، حطّموا الباب الرئيسي، ثُمّ جمعوا الملابس التي وضعتها في شُرفة المنزل، وأحضروها عند المدخل، وبدؤوا بإشعال النيران فيها وفي عددٍ هائل من العشب الجافّ".

في هذه اللحظات، رأت ضيفتنا ألسنة النيران المُلتهبة وهي تتصاعد حول منزلها؛ فقرّرت أن تتمالك نفسها حمايةً لطفليْها، وأن تتوجّه إلى الخارج لإطفائها، لكنّها تفاجأت عندما رأت من النافذة نحو 20 مستوطنًا يُحضِرون أعدادًا من "عجال الكوشوك"، ويُزيدون من وحشيتهم دون اكتراث.

وتُكمل سرد وقائع الجريمة: "امتلأ المنزل بالدخان، واختنقنا أنا وابنتي وطفلي الرضيع.. سيطرَ الرُعب والصراخ والبكاء علينا، وأصبح كلّ همي إنقاذ حياتهما وعدم الموت حرقًا على يدّ المستوطنين.. اختبأنا معًا في أبعد غرفة بالمنزل، وقمت بتشغيل المِروْحَة حتى يبقى الهواء نقيًا".

وتلفتُ ضيفتنا أنّ جنود الاحتلال احتجزوا مركبة الدفاع المدني على مدخل البلدة، ومنعوها من الوصول إلى المنزل، كما احتجزوا أفراد عائلتها، وهدّدوهم بإطلاق الرصاص الحيّ تجاههم بشكلٍ مباشر.

وتُخبرنا: "عندما تفحّم باب المنزل بشكلٍ كامل، سمح جنود الاحتلال لمركبة الإطفاء بالدخول إلى القرية، وإنقاذنا، وأول كلمة ردّدوها عند رؤيتي: إنتِ كيف ضليتي عايشة من كمية هالدخنة!، الحمد لله".

ولم ينتهِ الخوف بمجرد انتهاء هذه الجريمة، وعن ذلك تضيف "عبيّات" بغصّة: "منذ ذلك اليوم وطفلتي تخاف البقاء وحدها في أيّ مكان، كما تخشى مغادرة المنزل حتى لو لمسافةٍ صغيرة، أما طفلي حديث الولادة فقد اختنق، وذهبنا جميعًا للعلاج".

وبنبرةٍ يشوبها القلق، تردد: "حسبي الله فيهم.. دمروا حياتنا.. بعد هذه الحادثة أخشى الخروج من المنزل، وأبقى خائفةً كلّ الوقت، أما زوجي فلا يغمض له جُفن، ويمكثُ طوال الليل على سطح المنزل كي يُترقّب أيّ هجومٍ مُحتمل".

اعتداءات المستوطنين.jpg
 

و"أم صفا" قريةٌ فلسطينية صغيرة وبسيطة، يبلغُ عدد سكانها 720 نسمة، وتبعدُ عن مدينة رام الله نحو 25 كيلو متر، يحدّها من الشرق قرى عجول وعطارا ودير السودان، ومن الشمال أراضي النبي صالح ودير نظام، ومن الغرب قريتيْ جيبيا وبرهام، وكوبر جنوبًا.

وقد صادر الاحتلال ما مجموعه 227 دونمًا من أراضي القرية لصالح إنشاء مستوطنتيْ "عطيرت" شرقًا، و"حلاميش" غربًا، عقب احتلال الضفة الغربية والقدس عام 1967، واليوم، يُواصل حربه الوحشية ضد بقية أراضيها، ليبدأَ فصلًا جديدًا من حكايا النضال لحمايتها من أطماع الاحتلال.

خسائر ورعب..

رئيس المجلس القروي لأم صفا مروان صبّاح، يحدثنا عما تكبده أهالي القرية في ذلك الهجوم، قائلًا: "في ذلك اليوم، تمّ حرق 3 منازل و3 مركبات بشكلٍ كامل، فيما تمّ تكسير 15 منزلًا و15 مركبة بشكلٍ جزئي، وقطع ما يقارب 200 شجرة زيتون، وتدمير 20 خزان من خزانات المياه، إضافةً لقطع خراطيم الريّ وتكسير الطاقة الشمسية".

ويوضح أنه نتيجةً للاعتداءات المُتكرّرة، ارتقى شهيدين هما؛ عبد الجواد صالح (24 عامًا)، ومحمد البايض (17 عامًا)، فيما أُصيب 25 جريحًا بينهم شاب لا يزال يرقد على سرير الشفاء.

ورغم ما يتعرضون له، إلا أن أهالي "أم صفا"، يتشبثون بحقهم وأراضيهم، وفق "صبّاح"، مضيفًا: "نحنُ صامدون إيمانًا منّا بأنّنا أصحاب الحق، لا يمكن أن نتنازل عن أراضينا وممتلكاتنا، وسوف نُضحي بالغالي والرخيص من أجل الحفاظ عليها".

اعتداءات المستوطنين 2.jpg
 

"تضييقٌ وأطماعٌ استيطانية"..

أما عن أطماع المستوطنين وخططهم ضد القرية، فيحدثنا "صبّاح"، إنّ المستوطنين الذين يسكنون في مستوطنتيْ "عطيرت" و"حلميش" يُهاجمون القرية في حملاتٍ مُمنهجة؛ بهدف التضييق على الأهالي وخنقهم، والاستيلاء على كامل هذه المنطقة لإنشاء مشروعٍ استيطاني كبير يربط ما بين المستوطنتيْن.

ويُبيّن "صبّاح" في حديثه مع "وكالة سند للأنباء"، أن هذه الأراضي الواقعة ما بين المستوطنتيْن، تبلغُ مساحتها 4 آلاف دونم، وهي أراضٍ زراعية مليئة بأشجار الزيتون منذ مئات السنين، وتعود مُلكيتها لأهالي القرية.

ويُحذّر من أنّ "هذا المشروع خطير، يُشكّل تهديدًا وجوديًا للقرية؛ إن تمت مصادرة هذه الأراضي فلن يتبقى للأهالي سوى المنازل".

ويشرح لنا: "حاليًا، يمنع الاحتلال أهالي القرية من الوصول لأراضيهم بشكلٍ قاطع، وسيُحرَمهم من قطف ثمار الزيتون في شهر تشرين الأول/ أكتوبر".

ولم تقتصر انتهاكات الاحتلال هُنا، بل تمّ إغلاق مقبرة القرية الواقعة في هذه الأراضي، وفي حال وفاة أيّ شخص، أصبح الأهالي بحاجةٍ إلى موافقة من "الارتباط الإسرائيلي"، الذي يمنحها لهم بعد معاناةٍ طويلة وبشروطٍ مُعينة، وفق حديث ضيفنا.

ويلفتُ "صبّاح"، أنّ مهاجمة القرية تتمّ بشكلٍ متواصل من قبل عشرات المستوطنين العُنصريين المُدججين بالأسلحة وكافة الأدوات، ويعتدون على الأهالي وممتلكاتهم في مشاهدٍ وصفها بـ "جريمة حربٍ حقيقية".

قرية أم صفا.jpg