الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بالفيديو أسيران سابقان يستذكران تجربتهما المريرة مع الاعتقال الإداري

حجم الخط
الاعتقال الإداري
نابلس- لبابة ذوقان- وكالة سند للأنباء

شهور وسنوات تمر وكأنها الدهر كلّه، حياة مع وقف التنفيذ، تترقب للحظة انتهاء مدة حكمك، لكنك لا تستطيع أن تشعر بالفرح لذلك، فانتهاء فترة الحكم لا تعني أبدًا أنك ستتنفس خارج أسوار السجن، أو أن تمشي على الإسفلت!

"لعب بالأعصاب وتدمير للنفسية"، هو أقل ما يوصف به الاعتقال الإداري، إلا أن سلطات الاحتلال تصفه بـ "السلاح الاستراتيجي الذي لا يمكن التخلي عنه"، وهو ما قاله مسؤولون في إدارة السجون لممثلي الأسرى مؤخرًا، وفق الأكاديمي والأسير الإداري السابق مصطفى الشنار.

ويقول "الشنار"، وهو أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، إن قانون الاعتقال الاداري هو قانون بريطاني أقر عام 1945، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ورثه عن الانتداب البريطاني، ولا يزال يستخدم في بعض البلدان العربية.

ويضيف في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "بدأ الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق الاعتقال الإداري في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وكان الحد الأقصى له 6 شهور لا يتم تمديدها، لكن الآن في سجون الاحتلال فقد عايشت من تجاوز الـ 5 سنوات بشكل متواصل".

وأمضى "الشنار" 5 سنوات ونصف متفرقة بالاعتقال الإداري، توزعت على 11 اعتقال منذ عام 2006، ثلاث اعتقالات منها أمضاها مع نجله الأكبر "منتصر".

آلام متجددة..

وعن خصوصية المعاناة التي يعيشها المعتقلون الإداريون في سجون الاحتلال، يحدثنا: "لك أن تتخيل أن التمديد يأتي أحيانًا شهرين وبعدها شهرين، أو ثلاثة ثلاثة، أو خمسة خمسة، وهكذا.. ، ما يعني أن الأسير يعيش نفس الآلام والآثار السيكولوجية والنفسية المصاحبة للاعتقال وكأنك تعتقل من جديد".

ويردف: "عد انتهاء مدة التجديد، يعيش الأسير بنفسية قلقة، وعائلته في الخارج يعيشون نفس القلق، هل سيتم الإفراج أم لا، وهذه الحالة يعيشها 1300 أسير إداري من مختلف الأطياف السياسية الفلسطينية".

وداخل الزنازين وتحت سيف الاعتقال الإداري، قد يجتمع الأب بابنه، أو الأشقاء، أو الأصهار، وعن ذلك يتحدث ضيفنا: "تجد منظومة قرابة داخل الزنزانة الواحدة، عايشت في إحدى الاعتقالات وجود الجد والابن والحفيد، والثلاثة كانوا بالاعتقال الإداري".

ويصف ذلك بالقول: "هذا الأمر مؤلم، فعندما يصدر بحقك حكمًا فأنت تعرف تاريخ الإفراج، بالتالي تعيش أنت وأهلك حالة نفسية مستقرة طيلة فترة الاعتقال، طالت أم قصرت، لكن الاعتقال الإداري فهو حالة من تجديد الألم، وفتح الجرح ورش الملح على الجرح في كل فترة من تجديد الحكم".

وعايشت عائلة "الشنار" معاناة الاعتقال الإداري على مدار سنوات، لا سيما باعتقال الأب وابنه خلال الفترة ذاتها، واجتماعهما داخل سجون الاحتلال.

ويروي "الشنار" أحد فصول معاناة عائلته: "عايشنا المعاناة وانعكاساتها على الأطفال والأبناء، فحفيدي الأول جاء للدنيا ووالده بالأسر، ووالده لا يعرفه سوى عبر الصور، فهذا الأمر في غاية الألم".

ويكمل: "يزداد الألم عندما يدخل الأسرى الإداريون في خطوات للدفاع عن أنفس؛ لأن المحاكم لا تشكّل الحد الأدنى من العدالة".

فرج بنكهة الألم!

ولا تكتفِ سلطات الاحتلال بما يقاسيه الأسرى الإداريون خلال فترة الاعتقال، فإنها تحوّل لحظات الإفراج لمعاناة وقلق من شكل آخر، وعن ذلك يحدثنا "الشنار": "قد يُفاجَىءالأسير بموعد الإفراج عنه، وقد حصل معي عدة مرات بأنه تم تبليغي بتمديد الاعتقال في ساعة متأخرة من الليل، ويفرج عني منتصف الليل وأصل البيت فجرًا، هم يتعمدون أن يكون الإفراج شكلا من أشكال العذاب".

ويحكي لنا عن إحدى المرات عندما أفرج عنه، حيث جاء قرار بتمديد اعتقاله من جديد وهو على باب السجن، لكنهم لم يستطيعوا إعادته للاعتقال مجددًا؛ لأن قرار الإفراج جاء من المحكمة العليا، مضيفًا: "عدت للبيت وبعد الإفراج عني بـ 6 شهور أعيد اعتقالي مرة أخرى".

ويقول: "الاعتقال الإداري هو سيف مسلط على رقاب الفلسطينيين، وسلاح استراتيجي بيد الاحتلال لا تتخلى عنه".

سنوات عجاف..

حكايات الأسر لا تنتهي، لكنها تحمل في كل تفاصيلها آلامًا مختلفة، لكل منها حزنها الخاص، وعالم مليء بالقلق والترقب، وأحيان كثيرة مليئة بالفقد.

الأسير المحرر أسامة برهم من بلدة رامين قرب طولكرم، أمضى 19 عامًا ونصف في سجون الاحتلال، 7 منها في الاعتقال الإداري، ذاق خلالها صنوفًا من العذاب، ولوعة الفقد لعدد من أفراد عائلته.

يقول "برهم" الذي يعمل حاليًا مديرًا عامًا في وزارة الأسرى: "للاعتقال الإداري جوانب إجرامية، يتعمد الاحتلال خلالها مضاعفة معاناة الأسير وعائلته والتلاعب بمشاعرهم".

ويضيف: "في إحدى المرات بعد أن تم تمديدي لـ 14 مرة متتالية، أخبروني بقرار الإفراج، فودَّعت رفاقي وبكينا في لحظة وداعهم، حينها كنت مع 25 أسيرًا أمضوا 4-5 سنوات متواصلة بالاعتقال الإداري، وضعوني بسيارة الإفراج، وبعدها أعادوني للاعتقال مرة أخرى".

وخلال اعتقال "برهم" توفي والده وجدتيه وعمته وخالته وزوج خالته، ويعقّب: "معاناة كبيرة لا يمكن وصفها، لم أكن أصدق وفاة والدي حتى زرت قبره، فأنا لم أودعه ولم أحضر جنازته".

وفي مشهد آخر، عندما تم تحويل "برهم" للاعتقال الإداري، بعد 78 يومًا بالتحقيق، تعمّدت سلطات الاحتلال تعذيبه نفسيًا، حيث أخبروه بأن عبوة ناسفة انفجرت بزوجته وأولاده ما تسبب بوفاتهم، ويحدثنا: "صدّقت تلك الرواية، وعشت لحظات غاية بالقسوة والألم، إلى أن تمكنت المحامية من زيارتي وإخباري بأنه لا شيء من ذلك حدث".

ويختم بالقول: "تجاوزنا كل هذه الآلام، وسنتجاوز كل شيء، وسنقهر الاحتلال بصمودنا".

وبلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى نهاية تموز/ يوليو المنصرم 1200، ووفق معطيات فلسطينية فإن ما يزيد عن 80% من الإداريين تعرضوا للاعتقال الإداري سابقًا، من بينهم كبار في السن، ومرضى، وأطفال.

و‏يقبع المعتقلون الإداريون بشكل أساس، في 3 سجون رئيسية وهي: "عوفر"، النقب، ومجدو"، ويقبع بقيتهم في عدة سجون أخرى.

وبلغ أعلى عدد في أوامر الاعتقال الإداري مقارنة بالخمس سنوات الأخيرة في عام 2022 وذلك بإصدار 2409 أمر اعتقال، وأعلى أوامر الاعتقال الإداري لهذا العام  كانت في شهر تموز/ يوليو 2023، وبلغت 370.