قالت وكالات الأمم المتحدة إن هناك حاجة ماسة إلى تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة مع تزايد خطر المجاعة، وتعرض المزيد من الناس لتفشي الأمراض الفتاكة.
وطالب رؤساء برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومنظمة الصحة العالمية، في بيان الاثنين بالسماح لعدد أكبر من الشاحنات بالمرور عبر نقاط التفتيش الحدودية يوميًا؛ والحد من القيود المفروضة على حرية حركة العاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية؛ وضمانات السلامة للأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات وكذلك من يوزعونها.
وشدد رؤساء الوكالات الثلاث على الحاجة الملحة إلى رفع الحواجز والقيود المفروضة على إيصال المساعدات إلى غزة وداخلها، واستئناف حركة المرور التجارية، وكرروا الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لتمكين إطلاق عملية إنسانية ضخمة متعددة الوكالات.
وكشف البيان أن جميع سكان غزة يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة مع غياب القدرة على إنتاج أو استيراد الغذاء.
وأكدت أن المساعدات الإنسانية وحدها لا تستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، مقرة أن كميات المساعدات التي وزعت حتى الآن أقل بكثير مما هو مطلوب لمنع مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض. وينتشر نقص الغذاء والمياه النظيفة والمساعدات الطبية بشكل حاد في المناطق الشمالية.
قيود إسرائيلية
ونبهت إلى أن العمل الإنساني مقيد بشكل خطير؛ بسبب إغلاق جميع المعابر (من الاحتلال) - باستثناء معبرين حدوديين في الجنوب - وعملية الفحص متعددة المراحل للشاحنات القادمة إلى غزة.
كما أشارت وكالات الأمم المتحدة إلى أن الجهود الرامية إلى إنشاء نقاط توزيع للمساعدات بغزة تتعرض للعرقلة بسبب عمليات القصف وجبهات القتال المتغيرة باستمرار، مما يهدد سلامة سكان غزة العاديين وكذلك العاملين في الأمم المتحدة والمجال الإنساني الذين يسعون جاهدين لإيصال المساعدات.
واستشهد الخميس الماضي العشرات برصاص أطلقته طائرات الاحتلال خلال محاولتهم استلام مساعدات غرب غزة عندما وصلت أول قافلة غذائية يرسلها برنامج الأغذية العالمي إلى شمال غزة منذ الهدنة الإنسانية، وأوصلت الإمدادات الغذائية إلى حوالي 8,000 شخص.
Breaking: Starvation has reached unprecedented levels... Thousands in western Gaza city rushed out upon hearing of a food truck's arrival, only to be fired upon by the Israeli army. #GazaGenocide pic.twitter.com/WTDXaL0bwQ
— Ramy Abdu| رامي عبده (@RamAbdu) January 14, 2024
خطر الموت جوعا
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين: "يواجه الناس في غزة خطر الموت جوعًا على بعد أميال قليلة من الشاحنات المحملة بالأغذية. كل ساعة ضائعة تعرض حياة عدد لا يحصى من الناس للخطر".
وأكدت أنه لا يمكن تفادي المجاعة إلا إذا تمكنا من توفير الإمدادات الكافية وأتيحت لنا إمكانية الوصول الآمن إلى كل من يحتاج إلى المساعدات أينما كانوا".
وأشار أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) إلى مستويات مدمرة من انعدام الأمن الغذائي في غزة.
ووفق التقرير فإن جميع سكان غزة – حوالي 2.2 مليون شخص – "يعانون أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي".
ويشير التقرير إلى أن جميع سكان القطاع تقريبًا يفقدون ما يمضون أياما كاملة دون تناول الطعام، وأن العديد من البالغين يعانون الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام، وحذر التقرير من حدوث مجاعة، إذا استمرت الظروف الحالية.
وأقر البيان ان العدوان أدى إلى إتلاف أو تدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة والقدرة المحدودة على علاج سوء التغذية الحاد وتفشي الأمراض المعدية.
هزال الأطفال
ويتعرض الأطفال دون سن الخامسة - وهم 335,000 طفل - للخطر على نحو خاص، وتوقعت اليونيسف أنه في الأسابيع القليلة المقبلة، يمكن أن يزيد معدل هزال الأطفال بنسبة 30 في المائة تقريبًا مقارنة بأوضاع ما قبل الأزمة الحالية، ليطال ما يصل إلى 10 آلاف طفل، ويعد الهزال أحد أكثر أشكال سوء التغذية التي تهدد حياة الأطفال.
تقول المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل: "إن الأطفال المعرضين لخطر الموت؛ بسبب سوء التغذية والأمراض يحتاجون بشدة إلى العلاج الطبي والمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، لكن الظروف على الأرض لا تسمح لنا بالوصول بأمان إلى الأطفال والأسر التي بحاجة إلى المساعدة.
وأشارت إلى إن بعض المواد التي نحتاجها بشدة لإصلاح وزيادة إمدادات المياه لا تزال ممنوعة (من الاحتلال) من الدخول إلى غزة. حياة الأطفال وأسرهم على المحك. كل دقيقة لها أهميتها".
وحذرت اليونيسف منذ نوفمبر/تشرين الثاني من أن الأطفال في جنوب غزة لا يحصلون إلا على 1.5 إلى 2 لتر من الماء يوميًا، وهو أقل بكثير من المتطلبات الموصى بها للبقاء على قيد الحياة.
ويقول المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس: "يعاني الناس في غزة من نقص الغذاء والماء والأدوية والرعاية الصحية الكافية.
وأضاف: إن المجاعة ستجعل الوضع الرهيب بالفعل كارثيًا؛ لأن المرضى هم أكثر عرضة للموت جوعًا والأشخاص الذين يعانون الجوع أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. نحن بحاجة إلى الوصول الآمن دون عوائق لتقديم المساعدات ووقف إطلاق النار الإنساني لمنع المزيد من الموت والمعاناة".
مطالبة بالإمدادات التجارية
ويؤكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني أن تدفق المساعدات شحيح مقارنة ببحر من الاحتياجات الإنسانية.
وقال: لن تكون المساعدات الإنسانية كافية لوقف الجوع المتفاقم بين السكان. تعد الإمدادات التجارية أمرًا ضروريًا لإعادة فتح الأسواق وتشغيل القطاع الخاص وتوفير بديل لإمكانية الوصول إلى الغذاء".