بعد ساعات على إعلان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي مقتل 21 ضابطاً وجندياً في أعنف هجوم تعرضت له قواته في غزة منذ بداية التوغل البري في الـ27 من أكتوبر/ تشرين أول 2023، سارع قادة الاحتلال لإطلاق جملة من التصريحات التي عكست حجم المأزق الذي وقعت فيه "إسرائيل" بغزة. 

رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو"، قال من جانبه :"يوم أمس كان أكثر الأيام الصعبة، فقدنا فيه 21 من أبنائنا، الجيش يفحص هذه المأساة بشكل جذري لاستخلاص العبر".

بينما علّق رئيس دولة الاحتلال، "يتسحاق هرتسوغ" على ما جرى: "بأنه صباح صعب لا يطاق، تدور المعارك العنيفة في منطقة صعبة للغاية"، في حين قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي: "اليوم شعرنا بالتكلفة الكبيرة والمؤلمة للحرب، ما نفعله ضروري ومبرر وسنواصل النضال من أجل حقنا بالعيش في أمان".

هذه التصريحات وغيرها عكست الحالة التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي في القطاع، والذي يبدو أنه بدأ بالغوص في وحل غزة، وذهب بعيداً عن الأهداف التي وضعها قادة الاحتلال لهذه الحرب.

لكن في المقابل، قلّل مراقبون من إمكانية أن تشكل عملية "المغازي" بداية تحول في الرأي العام الإسرائيلي والدفع باتجاه وقف الحرب، خاصة مع وجود حالة شبه إجماع على مواصلتها، رغم أهميتها من الناحية العسكرية والنفسية.

ضربة للروح المعنوية

الخبير العسكري واصف عريقات يقول إن "وصْف الاحتلال لليوم الذي شهد عملية المغازي باليوم الكارثي ليس بسبب الخسائر البشرية الكبيرة التي تعرض لها الجيش، وإنما لانعكاس ذلك على الروح المعنوية والقتالية للجندي الإسرائيلي وعند صناع القرار والجبهة الداخلية".

ويشير عريقات، إلى أن أحد الأسباب التي دفعت بالجيش الإسرائيلي لسحب لواءي "جولاني" و"كفير" من القتال في غزة، جاء بعد تراجع أدائهما على الأرض نتيجة تدني الروح المعنوية ومقتل وإصابة المئات من أعضائهما.

ويضيف في حديثه لمراسل "وكالة سند للأنباء" إلى أن عملية المغازي أظهرت تدني الكفاءة القتالية للجيش الإسرائيلي".

ويتابع: "كل يوم يمر على الجيش الإسرائيلي دون أن يحقق أهدافه ودون أن يكون هناك إمكانية لتحقيق هذه الأهداف مع تكبد خسائر بشرية كبيرة، هذا يزيد من أزمة الجيش والقيادة السياسية".

ويقول الخبير العسكري: "إن ما حصل في المغازي يضاف لعدة لضربات قوية تلقاها الجيش الإسرائيلي بدءاً من صبيحة 7 أكتوبر مروراً بما حصل في الشجاعية، وهذه العملية التي سيكون لها نتائج قد لا تظهر سريعاً".

تفاصيل هجوم المغازي

كتائب القسّام الجناح العسكري لحركة (حماس) كانت قد أعلنت أمس الثلاثاء عن تنفيذها "عملية مركبة" شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة، اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل 21 من ضباطه وجنوده فيها.

وذكرت الكتائب أن مقاتليها استهدفوا منزلاً تحصنت فيه قوة هندسة إسرائيلية بقذيفة مضادة للأفراد، أدت لانفجار الذخائر والعتاد الهندسي الذي كان بحوزتها ونسف المنزل بشكل كامل على من فيه من الجنود.

وبالتزامن مع ذلك، أوضحت القسام أنها دمرت دبابة "ميركفاه" كانت تؤمن القوة بقذيفة "الياسين 105"، كما فجرت حقل ألغام بقوة إسرائيليّة أخرى كانت تتواجد بنفس المكان.

ثقل في المستقبل

من ناحيتها، أشارت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية إلى أنه من غير المتوقع أن تؤثر "كارثة" انهيار المبنيين في قطاع غزة الناتجة عن إطلاق "الآر بي جي" على مسار الحرب على المدى القصير.

واستدركت الصحيفة:" لكن قد يكون له ثقل في المستقبل، وعلى الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي يسمع كل يوم عن الهجمات داخل غزة، إلا أنه لا يزال يجد صعوبة في رؤية الهدفين المعلنين للحرب: الإطاحة بحكم حماس وعودة المحتجزين".

أصوات خجولة

وفي ذات الإطار، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان: "من الواضح أن عملية المغازي لم تترك أثاراً واضحة على المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي، وهو ما ظهر من خلال التصريحات التي أدلوا بها بعد العملية".

ويلفت أبو علان إلى أن القيادة السياسية والعسكرية مجمعة حتى هذه اللحظة على مواصلة الحرب، رغم الاختلاف على الأولويات فيما يخص إطلاق سراح الأسرى وإنهاء حكم حماس لغزة.

ويوضح في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "لكن على مستوى الرأي العام الإسرائيلي، بدأنا نلمس بعض الأصوات التي تطالب بوقف الحرب خاصة من تزايد الخسائر البشرية، لكنها أصوات خجولة لم تتبلور بعد لتصبح تياراً ضاغطاً على قيادة الاحتلال".

ويقول أبو علان: "في أعقاب كل عملية قوية تنفذها المقاومة وسقوط خسائر بشرية كبيرة، غالباً ما يتبع ذلك حالة نقاش حادة تعصف بالمجتمع الإسرائيلي، ويبدأ الحديث عن الجدوى والثمن، لكن قد لا يعني ذلك تغيراً في المواقف".